يوم القاضيات العالمي: "مزيد من النساء في القضاء لتحقيق العدالة"

10 مارس 2023
سيّدة العدالة "جوستيسيا" تمثّل من بين ما تمثّل القوّة الأخلاقية في القضاء (Getty)
+ الخط -

بعد الاحتفال بيوم المرأة العالمي في الثامن من مارس/ آذار، يحلّ يوم القاضيات العالمي في العاشر منه. وهذا اليوم المستجدّ الذي أدرجته الأمم المتحدة على روزنامتها للأيام العالمية في عام 2021 يأتي ليسلّط الضوء على دور المرأة الأساسي في المجال العدلي. ويشدّد القائمون على هذا اليوم على "الحاجة إلى مزيد من النساء في الجهاز القضائي من أجل تحقيق العدالة".

وكيف لا يكون دور المرأة أساسياً في هذا المجال، في حين تُقام في مواقع كثيرة ترتبط بالقضاء حول العالم، قصور عدل أو غيرها، نُصب تمثّل امرأة تحمل ميزاناً وسيفاً في إشارة إلى العدل والعقاب، وقد تكون معصوبة العينين أحياناً في إشارة إلى الحيادية. وتعود جذور ذلك إلى الفنّ الروماني القديم الذي حاولة تجسيد سيّدة العدالة "جوستيسيا" أو "لوستيسيا" بهذه الطريقة، في إشارة إلى القوّة الأخلاقية في النظم القضائية.

وفي وقت يُسجَّل فيه انخراط أكبر للمرأة في الحياة العامة وفي مجالات عملية يسيطر عليها الرجل إلى حدّ ما، إلا أنّ تمثيلها ما زال ناقصاً بصورة ملحوظة في "مناصب صنع القرار". وفي الواقع، يبدو أنّ أعداد النساء في السلطات القضائية حول العالم، لا سيّما في المناصب القيادية القضائية العليا، ما زالت محدودة.

وفي هذا الإطار، تسعى الشبكة العالمية لنزاهة القضاء، التابعة إدارياً لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، إلى تسهيل عملية تعزيز التواصل ما بين القاضيات من أجل تبادل المعارف والخبرات وبناء علاقات للتضامن. يُذكر أنّ مهمّة الشبكة أساساً هي تعزيز النزاهة القضائية ومنع الفساد في قطاع العدالة في كلّ أنحاء العالم وفقا للمادة 11 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.

وبالعودة إلى يوم القاضيات العالمي، فإنّ القائمين عليه يجدونه مناسبة لطرح مسألة تمثيل المرأة في القضاء الذي يُعَدّ "مفتاحاً لضمان تمثيل المحاكم للمواطنين ومعالجة مخاوفهم وإصدار أحكام سليمة". وبالتالي، فإنّ وجود القاضيات يعزّز شرعية المحاكم، ويوجّه رسالة قوية مفادها أنّ تلك المحاكم مفتوحة ومتاحة أمام الساعين إلى الانتصاف والعدالة.

ومن خلال الاحتفال بهذه المناسبة، يريد المعنيون تأكيد التزامهم بـ"تطوير استراتيجيات وخطط وطنية مناسبة وفعّالة للنهوض بالمرأة في أنظمة ومؤسسات العدالة القضائية على المستويات القيادية والإدارية وضمان تنفيذ تلك الاستراتيجيات والخطط".

وتُعاد أهمية تمثيل المرأة في الجهاز القضائي إلى أسباب عدّة. وإلى جانب ضمانه تطوير النظام القانوني مع الأخذ بعين الاعتبار المجتمع بأسره، فإنّ هذا التمثيل يلهم أيضاً الجيل المقبل من القاضيات ويحفّزهنّ على السعي إلى تحقيق أهدافهنّ. وفي إمكان المرأة في نظام العدالة الجنائية أن تعمل بصفتها عاملاً من عوامل التغيير، وأن تساهم في تعزيز المساءلة. وبحسب المعطيات المتوفّرة، فإنّ النساء اللواتي يشغلنَ مناصب قيادية يساهمنَ في مكافحة الفساد.

ويوضح المعنيون أنّ تمثيل المرأة في مؤسسات إنفاذ القانون والمؤسسات القضائية رُبط بنجاعة الجهود المبذولة لمكافحة الجريمة وبتمحور تلك الجهود على الضحايا، ويروون بالتالي أنّه من خلال الاستثمار في النهوض بالمرأة وبالقيادات النسائية في الجهاز القضائي، في الإمكان المساعدة في ضمان خدمة العدالة بصورة فضلى، وضمان تمتّع النساء وكلّ أفراد المجتمع بالإنصاف والمساواة أمام القانون، بما يعود بالنفع على الصالح العام. ويشدّد هؤلاء على أنّه من غير الممكن تحقيق التنمية المستدامة والسلام والديمقراطية إلا من خلال ضمان المشاركة النشطة للمرأة، على قدم المساواة مع الرجل، في كلّ مستويات صنع القرار.

المرأة
التحديثات الحية

في سياق متصل، على الرغم من غياب منظور المساواة في القضاء تاريخياً بحسب ما تسلّم الأمم المتحدة، فإنّ ثمّة إجراءات تُتّخذ في الوقت الراهن من أجل معالجة تلك الثغرة، بحسب ما يظهر من خلال إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة العاشر من مارس يوماً عالمياً للقاضيات. ويأتي قرار الجمعية العامة الذي صاغته دولة قطر دليلاً ملموساً على قيام "تحوّل إيجابي".

وتقع معالجة وجوه غياب المساواة بين الجنسَين في صميم استراتيجية مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة من أجل المساواة بين الجنسَين وتمكين المرأة، بالإضافة إلى أنّ تلك المعالجة هي أيضاً هدفاً يتقاسمه البرنامج العالمي لتنفيذ إعلان الدوحة، إذ يعمل على تعزيز ثقافة احترام القانون في كلّ أنحاء العالم وإتاحة التعليم والتدريب ودعم مشاركة المرأة الكاملة في كلّ المجالات المهنية.

وتفيد البيانات الأخيرة المتوفّرة بأنّ النساء مثّلنَ نسبة 40 في المائة من القضاة في عام 2017، أي بزيادة نسبتها 35 في المائة مقارنة بعام 2008. وفي معظم البلدان الأوروبية، يزيد عدد القاضيات عن عدد القضاة المحترفين أو قضاة التحقيق، وعلى الرغم من ذلك فإنّ النساء يمثّلنَ 41 في المائة من القضاة في المحاكم الوطنية العليا، و25 في المائة فقط من رؤساء المحاكم.

المساهمون