أطلق "الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوّقين حركيّاً"، صرخة غضب خلال وقفة رمزية في قلب "بيروت الجريحة"، كما وصفوها، بوجه "كلّ من شارك في الظلم والفساد والتهميش، سواء لناحية جريمة انفجار المرفأ، التي تسبّبت بإعاقاتٍ عديدة لما يفوق الألف جريح"، أو لناحية "التهميش اللاحق بالأشخاص المعوّقين في لبنان والذين تزيد نسبتهم على 10 في المائة".
وفي اليوم العالمي لذوي الإعاقة، 3 ديسمبر/كانون الأول، تجمّع المعتصمون تحت جسر البسطة التحتا، في بيروت، نظراً لرمزيته بالنسبة للاتحاد، حيث أقدم في العام 2015، المسنّ توفيق خوام، أحد الأشخاص المعوّقين، على إحراق نفسه، لحرمانه من حقوقه الإنسانية. وقد تمّ وضع إكليل وإضاءة شموع، تحية إلى روحه، وتأكيداً أنّ "شعلته لن تنطفئ".
وأكّدت رئيسة الاتحاد، سيلفانا اللقيس، أنّ "أوضاع الأشخاص المعوّقين من سيئ إلى أسوأ، بسبب سياسات الزعماء والحكومات المتعاقبة الفاسدة، ونتيجة العزل والإقصاء، حيث حوّلوا حقوقنا الأساسية إلى أحلام بعيدة المنال، ومصيرنا إلى صفقات، ودفعوا بنا إلى صفوف العاطلين عن العمل لنصبح فريسة الفقر الشديد". واعتبرت أنّها مناسبة "لإطلاق صرخة بوجه المجرمين الذين يحكموننا. فهي صرخة توفيق، لكننا لا نريد "توفيق" آخر. كما أنّ صرختنا اليوم مشبعة بروح 17 أكتوبر/تشرين الأول (تاريخ انطلاق تحرّك مطلبي شعبي عام 2019)، ولن نتوقف حتى نصل إلى حقوقنا المشروعة".
وبعد أن أدانت اللقيس انفجار المرفأ، واصفةً إيّاه بـ"الجريمة الموصوفة التي ارتكبها سياسيو هذا البلد"، قالت: "ننتفض اليوم بعدما مورست علينا أشكال التمييز والاضطهاد. ننتفض من أجل سياسة وطنية تترجم باستراتيجية وخطة عمل، ومن أجل المطالبة بحماية اجتماعية وبإدارج المعايير الدامجة للأشخاص المعوقين في عملية إعادة إعمار بيروت".
وكانت شهادات حيّة لأشخاص أصيبوا بإعاقاتٍ جرّاء الانفجار، حيث قال، عبد الرحمن خالد بشناتي: "أُصبت أمام مركز الدفاع المدني، وأصبحت من الأشخاص المعوّقين، لكن أين حقوقي الإنسانية؟ وأين هي الدولة؟ لديّ ثلاث بنات، لا أستطيع إعالتهنّ ولا حتى دفع إيجار المنزل".
وأضاف بشناتي لـ"العربي الجديد": "كنتُ أنوي الالتحاق بزملائي في الدفاع المدني لتقديم الدعم لهم، غير أنّني أُصبت إصابة بليغة في القدم اليسرى، تطوّرت إلى التهاباتٍ شديدة كوني مريضاً بالسكري، ما دفع بالأطباء إلى بترها"، لافتاً إلى أنّه كان يعيل عائلته من كشك صغير لبيع العصير، كان قد افتتحه بجانب مركز الدفاع المدني.
أمّا، حبيب عبد المسيح، فكشف أنّ محلّه في منطقة الجميزة (وسط العاصمة) دُمِّر بالكامل، وأصيب مع ابنه وزوجة ابنه، إصابات بليغة، "فمن يعوّض علينا الإعاقات الجسدية، والدولة غائبة عن حقوقنا وحاجاتنا؟".
وسأل محمد ترشيشي: "أين الرعاية الصحية والرواتب الشهرية والضمان الاجتماعي، فإصاباتنا لم تنجم عن حوادث سير، إنّما عن إهمال الدولة". وفي حديثه لـ"العربي الجديد"، قال ترشيشي: "منذ وفاة والدي، وأنا مسؤول عن إعالة عائلتي المؤلّفة من أربعة أفراد. كنت أنجز المعاملات الرسمية وغيرها، لكن ماذا عساي أعمل بعد اليوم؟".
رئيس لجنة أهالي ضحايا انفجار المرفأ، إبراهيم حطيط، لفت إلى أنّهم قدّموا منذ شهرين عريضة إلى الرؤساء الثلاثة، "تطالب بالمساواة بين شهدائنا وجرحانا وشهداء وجرحى الجيش اللبناني. ونقول لكم اليوم، لا تطالبوا بحقكم بصوتٍ منخفض، فهذا أدنى حق من حقوقكم وليس منّة من أحد. لقد سلبونا فلذات أكبادنا وسلبوكم أجزاءكم، هذه دولة لا يُؤخذ منها شيء إلّا بالقوة، وأعتذر عن كلمة "دولة"، إنّهم عصابات".
وفي حديثه لـ"العربي الجديد"، أسف العضو الإداري في الاتحاد، ياسر العمار، كونه "وبعد 20 عاماً من التهميش، بعد صدور القانون 220/2000 الخاص بحقوق الأشخاص المعوقين، وبعد 14 عاماً على صدور الاتفاقية الدولية لحقوقهم من دون تصديق البرلمان اللبناني عليها، لا نزال في آخر أولويات السلطة". وكشف أنّ "نصف المصابين من انفجار بيروت يعانون مشاكل في السمع، لو أنّها تبقى إعاقات مؤقتة، في حين أنّ أكثر من ألف شخص أُصيبوا بإعاقات دائمة مختلفة".