وقفة أمام وزارة التربية احتجاجاً على تعديل مناهج سورية

05 يناير 2025
من الاحتجاج على تعديل مناهج سورية أمام وزارة التربية، دمشق، 5 يناير 2024 (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أصرّ وزير التربية والتعليم السوري على تنفيذ تعديلات في المناهج، رغم اعتراضات الشارع، شملت مواد مثل التربية الإسلامية وعلم الأحياء.
- عبّرت روعة الكنج عن تأييدها لتعليق بعض المواد، لكنها انتقدت السرعة في التعديلات وطالبت بتشكيل لجان مختصة لضمان الشفافية.
- شارك إعلاميون في الاحتجاجات، محذرين من تأثير التعديلات على تاريخ سورية والعيش المشترك، مشيرين إلى خطر إقصاء فئات وتقزيم دور المرأة.

لم تلقَ اعتراضات الشارع السوري على قرار تعديل مناهج سورية التربوية أيّ تجاوب من قبل وزارة التربية والتعليم، بل أصرّ الوزير نذير القادري على تلك التعديلات من خلال تصريح له نُشِر على الصفحة الرسمية للوزارة على موقع فيسبوك، قال فيه إنّ "ما تمّ الإعلان عنه هو تعديل لبعض المعلومات المغلوطة التي اعتمدها نظام الأسد البائد في منهاج مادة التربية الإسلامية، مثل شرح بعض الآيات القرآنية بطريقة مغلوطة، فتمّ اعتماد شرحها الصحيح كما ورد في كتب التفسير للمراحل الدراسية كافة". من هنا، كانت وقفة احتجاجية نظّمها ناشطون أمام مبنى وزارة التربية والتعليم في دمشق، أرادوا من خلاها نقل اعتراضات كثيرة ووجهات نظر مختلفة إلى الوزير مباشرة.

وفي وقفتهم الاحتجاجية اليوم، أمل الناشطون المحتجّون بأن يتراجع القادري عن قرار التعديلات التي لم يشمل التربية الإسلامية فقط في مناهج سورية التربوية، بحسب ما ادّعى في تصريحه، إنّما طاول مواد أخرى، من بينها علم الأحياء والفلسفة واللغة الإنكليزية واللغة العربية والتاريخ وغير ذلك. وتضمّنت الوقفة رسائل وُجّهت إلى كلّ من قائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، ورئيس الحكومة المؤقتة محمد البشير، ووزير التربية والتعليم نذير القادري.

وأوضحت منظّمة هذه الوقفة الاحتجاجية روعة الكنج، الاستشارية في مجال التعليم، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "موظفي وزارة التربية والتعليم وذوي الطلاب وعموم المواطنين والمهتمّين بالشأن التربوي دُعوا للمشاركة في هذا التحرّك". ولفتت إلى أنّها تتّفق مع الوزارة في تعليق "بعض ممّا تتضمّنه مواد المنهاج السوري، خصوصاً الرموز والصور والعبارات المتعلقة بالنظام السابق"، إلا أنّها أكدت رفضها "السرعة والارتجال في التعديلات التي تهدّد قيم السلم المدني وتنتقص من المساواة بين جميع السوريين في حقّ المواطنة أو تؤدّي إلى التمييز بينهم على أساس ديني أو مذهبي، وكذلك تلك التي تمسّ بالإرث الفكري الحضاري السوري أو التاريخ النضالي".

الصورة
احتجاج أمام وزارة التربية والتعليم على تعديلات مناهج سورية التربوية - دمشق - 5 يناير 2025 (العربي الجديد)
من احتجاج اليوم على تعديل مناهج سورية التربوية في دمشق، 5 يناير 2025 (العربي الجديد)

ومن النقاط التي تضمّنتها الرسائل التي وُجهت إلى الشرع والبشير والقادري ‎التحفّظ على قرار تعديل المناهج ريثما يُعاد النظر في بعض مواده، وتعليق أيّ قرارات تخصّ المواد التربوية الأخرى باستثناء تلك المتعلقة بما يرتبط بالنظام السابق، بالإضافة إلى تعليق القرار المتعلّق باستبدال علامة مادة الوطنية بعلامة مادة التربية الدينية، وإعداد دليل المعايير والقيم والأهداف الناظم لتأليف المناهج التربوية بعد مراجعة الدليل السابق في الوزارة وتعديله، و‎البدء في تشكيل لجان تربوية وعلمية مختصّة للعمل على مراجعة المناهج التربوية، وذلك إيذاناً بتعديلها مطلع العام الدراسي المقبل. ويأتي إلى جانب ذلك اختيار أعضاء اللجان على أساس الخبرة والاختصاص ومنحهم الحرية الكاملة في القيام بمهامهم، والخروج بتصريحات واضحة وشفافة من دون تناقضات أو ضبابية حول ما سبق.

من جهتها، قالت الإعلامية ميريللا أبو شنب لـ"العربي الجديد" إنّ الهدف من مشاركتها في وقفة اليوم هو "الاحتجاج على التعديلات التي اتّخذها وزير التربية والتعليم في الحكومة المؤقتة، والتي طرأت على كثير من المواد التدريسية من الصف الأّول في مرحلة التعليم الأساسي وحتى الصف الثالث الثانوي"، وعبّرت عن رفضها تلك التعديلات، "ما عدا تلك المتعلّقة بإزالة رموز النظام البائد وحزب البعث، وكلّ تصريح لمسؤول سابق في النظام، يالإضافة إلى تبديل العلم". وأشارت أبو شنب إلى أنّ تعديل مناهج سورية "ليس من صلاحيات الحكومة المؤقتة، إذ يجب أن يكون من خلال لجنة مختصة ووزير يملك الصلاحيات على الموافقة على مثل هذه التعديلات"، بالإضافة إلى "وجوب أخد وقت ليس بقصير لإجرائها". وتابعت: "إذا سلّمنا بأنّ الحكومة راجعت المناهج بالتفصيل لتعديل كثير من النقاط فيها، فهذا يعني أنّها تملك الوقت لمتابعة الأمور والمهام والخدمات اليومية المطلوبة منها، من قبيل تأمين الكهرباء والمياه ومتابعة ارتفاع الأسعار بوصفها حكومة تسيير أعمال، إلى جانب الأجور والرواتب وغير ذلك من القضايا المعيشية التي لم توضَع لها أيّ خطة حتى اليوم".

ولم تخفِ أبو شنب أنّها كانت تأمل بأن يتراجع الوزير (القادري) عن مثل هذه التعديلات التي تطاول مناهج سورية التربوية والتي "تمسّ تاريخ سورية وحضارتها والعيش المشترك". لكنّ المفاجأة، بحسب الإعلامية، كانت بالتصريح الذي أدلى به قائلاً إنّه أجرى تعديلات "طفيفة" على التفسيرات المغلوطة في مادة التربية الإسلامية والرموز المتعلقة بالنظام السابق، واصفةً تصريحه بأنّه "تضليل للرأي العام، كون التعديلات ما زالت موجودة على الصفحة الرسمية لوزارة التربية والتعليم". يُذكر أنّ أبو شنب ما زالت تأمل بتراجع الوزير بطريقة رسمية وصريحة عن التعديلات التي طاولت مناهج سورية التربوية.

في الإطار نفسه، شارك الإعلامي زياد خوري في الوقفة الاحتجاجية على التعديلات التي طاولت مناهج سورية التربوية، وقال لـ"العربي الجديد" إنّ "هذه الوقفة ليست إنجازاً بالتأكيد وإنّما هي حقّ كان يفتقر إليه السوريون في السابق". ولفت إلى أنّ "وزارة التربية والتعليم مسؤولة عن بناء أجيال كاملة من خلال تشكيل قيمهم وأفكارهم. لذا فإنّ الهدف من هذه الوقفة بناء قيم والمشاركة في الأسس التربوية المقبلة"، متطرّقاً إلى "مسألة معنى الشهادة، إذ لا يمكن إلغاء الشهادة في سبيل الوطن التي تُعَدّ من أهمّ القضايا بالنسبة إلى كثير من السوريين".

بدوره، شارك الكاتب المسرحي والروائي السوري هيثم الطفيلي في الوقفة الاحتجاجية على التعديلات التي طاولت مناهج سورية التربوية، وقال لـ"العربي الجديد" إنّ "المناهج التربوية في أيّ بلد كان تُعَدّ تعريفاً مبسّطاً للمفاهيم الأولية لدستوره. وبالتالي، عندما يُشار في تلك المناهج إلى أنّ مصدر القانون هو الشرع فقط، فهذا يعني أسلمة القانون". وتناول الطفيلي كذلك "قضية تقزيم دور المرأة في المناهج. مثلاً أُلغيت شخصيات عدّة مثل نازك العابد وخولة بنت الأزور وزنوبيا وغيرهنّ، وهذا يُعَدّ اختصاراً حقيقياً لتاريخ المرأة السورية". ورأى الكاتب المسرحي والروائي بأنّ في التعديلات "كثير من الانتهاكات لكثير من الأفراد والطوائف، وهذا أمر يجب أن يرفضه المجتمع السوري، لما في ذلك من فتن وإقصاء قد يواجهها الطلاب مستقبلاً".

المساهمون