وضع وبائي دقيق شرقي ليبيا

04 أكتوبر 2021
مواجهة الوباء تكون من خلال توفير أكبر كمية من اللقاحات (حازم تركية/ الأناضول)
+ الخط -

تسعى السلطات الليبية إلى دعم مراكز العزل الخاصة بكوفيد-19، وكذلك جهود مكافحة فيروس كورونا الجديد في مناطق شرق ليبيا، بعدما عانت إهمالاً وتراجعاً في الدعم الرسمي على مدى أشهر، فيما سُجّل ارتفاع ملحوظ في الإصابات بالوباء في تلك المناطق. وأعلن المركز الوطني لمكافحة الأمراض، أخيراً، إطلاق حملة فحوص كشف عشوائية في مختلف أنحاء شرق البلاد، مشيراً إلى أنّ الحملة بدأت بالتنسيق مع غرفة الطوارئ التابعة لوزارة الصحة في مدينة بنغازي. وأوضح المركز أنّ الحملة انطلقت في الأماكن العامة والخاصة بهدف تثبيت قراءة الوضع الوبائي بكلّ دقة في المنطقة الشرقية، من خلال إحالة المعطيات على مكتب تحليل البيانات التابع له.

يقول الطبيب ماهر النحيب من مركز العزل في بنغازي لـ"العربي الجديد" إنّه "على خلفية سوء الأوضاع ما بين الحكومة التي تقود جهود مكافحة الوباء وسلطات شرق البلاد، عانت مراكز العزل من تراجع الدعم الرسمي. كذلك تراجع الدعم في مراكز الكشف عن العدوى، الأمر الذي جعل بعضها يقفل أبوابه". لكنّ النحيب يشير إلى أنّ "إطلاق حملة الكشف عن العدوى ووصول كميات من اللقاحات جعلا حدّة المخاوف تتراجع، وخلق حالة من الطمأنينة في الأوساط الطبية والشعبية".

وبسبب تراجع الدعم الحكومي للجهات الطبية في مناطق عدّة، ولا سيما شرقيّ البلاد، أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر تقديمها دعماً لوجستياً لـ 15 مركز عزل في البلاد تعاني من نقص كبير في الإمدادات. وبحسب ما أفادت اللجنة الدولية ووزارة الصحة الليبية، فإنّها أرسلت شحنات أدوية ومستلزمات طبية لعدد من المراكز الطبية، من بينها ستة شرقي البلاد، كاستجابة طارئة للاحتياجات الكبيرة في المنطقة. وأوضحت اللجنة الدولية في بيان على موقعها الرسمي أنّ من بين المراكز الطبية التي دعمتها شرقي البلاد مستشفى البريقة العام، ومركز بنغازي الطبي، ومستشفى درنة القروي، ومستوصف الدرة في أجدابيا، ومشفى بنينا القروي، لافتة إلى أنّ الدعم تمثّل بتوفير أدوية خاصة للمصابين بكوفيد-19 إلى جانب معدات للوقاية الشخصية.

وفي إطار الحملة التي أطلقها المركز الوطني لمكافحة الأمراض، تمكنت فرق الرصد والتقصي المكلّفة الإشراف على حملة لقياس الوضع الوبائي في المنطقة الشرقية، من أخذ أكثر من ألف مسحة من الأنف وعيّنة دم عشوائية في مدينة بنغازي وحدها في خلال ثلاثة أيام. وبيّن المركز أنّ الحملة توسّعت، وقد انتشرت الفرق أمام المساجد والمطاعم والمصارف وفي الأسواق الشعبية للقيام بتلك الفحوص.

وعلى الرغم من تلك الجهود المبذولة، يؤكد النحيب أنّ الجهات المعنية ما زالت "بعيدة عن تحديد نطاق العدوى والاستعداد للتصدّي لأيّ بؤر للوباء في حال اكتشافها، فإمكانيات المواجهة ما زالت ضعيفة جداً". يضيف النحيب أنّ "ثمّة مشكلة أساسية في مراكز العزل، وهي النقص الحاد في الأوكسجين. صحيح أنّ الحكومة تمكّنت من حلّ المشكلة في عدد من مناطق البلاد، غير أنّها ما زالت قائمة في مدن شرق البلاد بمعظمها"، مشيراً إلى أنّ "الفرق الطبية طالبت بضرورة إنشاء مصانع للأوكسجين بدلاً من انتظار الاستيراد".

من جهتها، أعلنت وزارة الصحة مواصلة جهودها لتجاوز أزمة نقص الأوكسجين في مراكز العزل الخاصة بكوفيد-19. ورداً على شكاوى تتعلّق بالنقص الحاد في كميات الأوكسجين اللازمة لمواجهة الوباء شرقيّ البلاد، قال وزير الصحة علي الزناتي إنّ وزارته تمكّنت من زيادة مخزون الأوكسجين الطبي إلى أربعة أضعاف ما كان عليه، فيما رأى الزناتي أنّ المواجهة الحقيقة لتفشّي فيروس كورونا الجديد هي من خلال توفير أكبر كمية من اللقاحات. وقد أكد كذلك أنّ الاهتمام بأوضاع مراكز العزل يتزايد.

وكانت منظمة الصحة العالمية قد أعلنت الشهر الماضي حصول انخفاض في عدد الإصابات بكوفيد-19 في ليبيا في خلال شهر أغسطس/ آب الماضي مقارنة بشهر يوليو/ تموز، مشيرة إلى أنّ الأمر يعود الى زيادة الفحوص عموماً. وقد أوضحت المنظمة في تقريرها الشهري حينها أنّ المركز الوطني لمكافحة الأمراض في ليبيا أجرى 217.9 ألف فحص في أغسطس، وذلك في 36 مختبراً، للكشف عن الإصابات الجديدة. لكنّ النحيب يشير إلى أنّ "الوضع ساء في خلال سبتمبر/ أيلول المنصرم، بسبب تراجع كبير في الدعم الحكومي لمراكز العزل والمختبرات".

كوفيد-19
التحديثات الحية

ويقول النحيب إنّ "التصريحات الحكومية بشأن أهمية اللقاح تبقى مجرّد كلام إعلامي مع كميات جرعات اللقاح القليلة التي تصل إلى المناطق الريفية والقرى، في حين أنّ التركيز يكون في المدن الكبيرة". يضيف أنّ "نتائج فحوص المسحات الأنفية وعيّنات الدم أدّت إلى نوع من الاطمئنان، لكن لا يمكننا الخروج بنتائج نهائية إلا إذا توافر الدعم اللازم، ولا سيّما الدعم الخاص بمواجهة الإصابات في حال تزايدها".

المساهمون