دق وزير التجهيز والماء المغربي نزار بركة، الإثنين، ناقوس الخطر بشأن الوضع المائي "المقلق" من جراء التراجع الكبير في الواردات المائية، مؤكدا خلال جلسة بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، أن البلاد مهددة بالمعاناة من ندرة المياه بعد توالي سنوات الجفاف.
وأوضح الوزير المغربي أن الواردات المائية شهدت تراجعا بنسبة 84 في المائة مقارنة مع سنوات سابقة، مستدركا بأنه "بفضل تساقط الأمطار المسجل في شهر مارس/آذار، تحسنت نسبة الانخفاض إلى 45 في المائة. التراجع بدأ منذ 2018، وتواصل على مدار خمس سنوات متتالية، ما كان له أثر كبير على نسبة ملء السدود التي لا تتجاوز حاليا 33.7 في المائة، كما أن حصيلة الموسم الزراعي تراجعت بفعل شح تساقط الأمطار".
وأكد بركة أن عام 2018 سجل نسبة انخفاض بلغت 54 في المائة، و71 في المائة خلال 2019، ثم 59 في المائة خلال 2020، و84 في المائة خلال عام 2021، وأن "هذه المؤشرات تجعلنا في وضع مائي صعب، لا سيما في ظل ارتفاع درجات الحرارة، فضلا عن تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا على استيراد الحبوب".
ويعيش المغرب حالة استنفار قصوى لمواجهة نقص الماء الصالح للشرب، إذ إن عددا من المدن والمناطق مهددة بالعطش خلال فصل الصيف، على الرغم من محاولات تنويع برامج الحد من أزمة ندرة المياه عبر إصدار قوانين تضمن الحق في الماء لجميع المواطنين، وإطلاق حملات التوعية بحماية الموارد المائية، وترشيد استهلاك الماء.
ويعتمد المغرب منذ سبعينيات القرن الماضي سياسة تشييد السدود بهدف تحقيق الأمن المائي، إلا أن المكتب الوطني للكهرباء والماء (مؤسسة حكومية)، أقر بعجزه عن تزويد 54 مدينة ومركز بمياه الشرب خلال صيف 2022، في حين ستعرف مدينتا وجدة ومراكش نقصا في المياه.
وتعود أسباب العجز في بعض المدن والمراكز إلى انخفاض إنتاجية الموارد الجوفية بسبب قلة تساقط الأمطار، والإفراط في استغلال المياه الجوفية لأغراض زراعية، وزيادة الطلب على مياه الشرب.
وتؤكد رئيسة جمعية "إنماء للتضامن والتنمية المستدامة" إلهام بلفحيلي أن المغرب يواجه أسوأ فترات ندرة المياه منذ عام 1981؛ وإن صيف العطش قادم لا محالة بسبب ضعف تساقط الأمطار، مضيفة في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "هذه السنة ستكون صعبة على المغاربة، خاصة بعض المناطق القروية، وهناك ضرورة لتدخل الدولة بشكل عاجل لوقف بعض الزراعات التي تستهلك كميات كبيرة من الماء، واتخاذ سياسات لتسريع وتيرة تحلية مياه البحر، وتوعية السكان بترشيد استهلاك المياه".
وتنتقد بلفحيلي عدم تطبيق فلسفة السدود التي تبناها المغرب منذ سنوات، والمتمثلة في بناء سد واحد كل سنة، وما نتج عن ذلك من عدم الاستفادة من مياه الأمطار، محذرة من خطورة أزمة العطش التي قد تتفاقم خلال السنوات المقبلة في سياق حرب المياه التي تنتظر العالم.
وكانت لافتة دعوة وزارة الداخلية، في مراسلة موجهة للمحافظين، إلى إطلاق حملات توعية تركز على حماية الموارد المائية، وترشيد استعمال الماء، وتطبيق قيود مشددة على منع سقي المساحات الخضراء بالماء الصالح للشرب، أو المياه السطحية، أو الجوفية، ومنع استعمالها لغسل الطرقات أو الساحات العمومية.
كما دعت وزارة الداخلية المغربية المسؤولين إلى منع استخراج المياه من خلال الآبار بطرق غير قانونية، مع العمل على تزويد القرى المتضررة بالماء الصالح للشرب عبر صهاريج.