دافعت وزيرة الداخلية البريطانية، سويلا برافرمان، عن نفسها خلال جلسة المساءلة التي عُقدت في مجلس العموم مساء الاثنين، رافضة الاعتراف بكل الاتّهامات الموجّهة إليها، دون أن تبدي أي تراجع أو إعادة نظر في سياساتها الأخيرة تجاه ملف الهجرة واللجوء.
وتؤكد استطلاعات الرأي الأخيرة تراجع الاهتمام العام بقضية المهاجرين، في حين أن قضايا أخرى باتت تشغل الناخبين البريطانيين أكثر كالمناخ، وغلاء المعيشة، وحرية التعبير.
وشدّدت برافرمان على سعيها من موقعها كوزيرة للداخلية إلى تغيير القوانين المتعلقة بالهجرة والتضييق على طالبي اللجوء الذين يعبرون "القناة بطريقة غير نظامية"، في إشارة إلى قناة المانش بين فرنسا وبريطانيا. وكان لافتاً ألا تميّز برافرمان بين شرائح متنوعة من أفواج الواصلين إلى الشواطئ البريطانية. واعتبرت أنهم كلّهم وافدون من بلدانهم الآمنة، باحثين عن فرص عمل لا يستحقّونها قائلة: "دعونا نتوقف عن التظاهر بأنهم جميعاً لاجئون في محنة، فالبلاد بأسرها تعرف أن هذا ليس صحيحاً". يُذكر أن برافرمان من أشدّ المؤيدين لخطة رواندا القاضية بترحيل طالبي اللجوء إلى البلد الأفريقي، وصرّحت في اللقاء الأول الذي أجري معها بعد تسلّمها منصب وزيرة الداخلية في حكومة رئيسة الوزراء السابقة ليز تراس بأنها "تحلم باللحظة التي ترى فيها طائرة الترحيل تقلع إلى كيغالي محمّلة باللاجئين".
ونفت برافرمان الاتّهامات المتعلقة بتجاهلها "المشورة القانونية" مما تسبّب باكتظاظ هائل في مركز الاحتجاز مانستون بمدينة كينت، جنوبي إنكلترا، حيث كدّست السلطات ما يزيد عن 4 آلاف لاجئ في مكان مخصّص لاستيعاب 1600 كحد أقصى، قائلة إن "الهجرة غير النظامية خرجت عن السيطرة" مما فاقم الأزمة.
ووصفت وصول أعداد هائلة من طالبي اللجوء عبر القناة خلال الأشهر الماضية بـ"الغزو على ساحلنا الجنوبي". كما نفت برافرمان المعلومات القائلة إنها منعت نقل طالبي اللجوء من مانستون الذي يضيق بأعدادهم الهائلة إلى فنادق جديدة أو أماكن إقامة بديلة. ووسط ذهول معارضيها من حزب العمال، استهجنت برافرمان أن تنفق الحكومة مبلغ 150 جنيهاً إسترلينياً في المتوسط على كل مهاجر يقيم في فندق لليلة واحدة، وأن تكون تلك الفنادق بنجوم أربعة مما "يعدّ استخداماً غير مقبول لأموال دافعي الضرائب".
واتهم حزب العمال المعارض، وزيرة الداخلية بالتزام الصمت حيال أزمة القناة المتفاقمة والاكتظاظ في مركز مانستون، حيث جرى الإبلاغ عن تفشي مرض الدفتيريا بين اللاجئين. وعلى الرغم من تفشي هذا المرض وأمراض أخرى كالجرب، نُقل 700 آخرون مساء أمس إلى مانستون بعد هجوم على مركز للمهاجرين.
ونقلت "سكاي نيوز" عن مصادر حكومية مطّلعة قولها إن برافرمان تجاهلت المشورة القانونية عمداً، وإنها لم توقّع على قرار نقل اللاجئين إلى فنادق أو مراكز إيواء بديلة تفادياً للاكتظاظ. كما رجحت القناة التلفزيونية أن تواجه برافرمان مساءلة قضائية بشأن الاحتجاز المطوّل، حيث إن هذه المراكز مخصّصة لاحتجاز قصير لا يتعدّى 24 ساعة، بينما مضى على وجود طالبي اللجوء هناك أكثر من شهر.
وإضافة إلى قضية اللاجئين، تواجه برافرمان انتقادات عنيفة لخرقها القوانين والقواعد الوزارية، حيث استقالت من حكومة تراس بعد تسريبها وثيقة سرية من بريدها الإلكتروني الخاص، ما أدّى إلى استقالتها، قبل أن يعيد رئيس الوزراء الحالي ريشي سوناك تعيينها في المنصب ذاته بعد أقل من أسبوع. واعترفت وزيرة الداخلية في رسالة وجّهتها للجنة الشؤون الداخلية في وقت سابق من اليوم بتسريبها وثائق رسمية في ست مناسبات منفصلة خلال عملها في حكومة تراس.