وحدات سكنية للنازحين في جرابلس... مساعٍ لإنقاذ 800 عائلة من الخيام

وحدات سكنية للنازحين في جرابلس... مساعٍ لإنقاذ 800 عائلة من الخيام

20 ابريل 2021
ثمّة مرافق عامة بالإضافة إلى المساكن (العربي الجديد)
+ الخط -

 

مضى عقد على حرب سورية والشتات والتهجير والسكن في الخيام والمعاناة الناتجة عنها، سواء خلال الصيف الحار أو خلال البرد والمطر. أمرٌ دفع منظمات إنسانية للبحث عن خيارات بديلة تلبّي حاجات النازحين. في هذا الإطار، يقول مدير فريق "منسقو استجابة سورية" محمد حلاج، لـ"العربي الجديد"، إنّ "بناء مساكن يعدّ من الحلول العملية الأفضل للتخلّص من الخيام والأزمات التي تسببها الكوارث الطبيعية للنازحين المقيمين فيها، خصوصاً في المخيّمات العشوائية".

وكانت جمعية "عطاء للإغاثة الإنسانية" قد أطلقت مشروعاً لتأمين مساكن للنازحين والمهجرين في منطقة جرابلس بريف حلب الشمالي الشرقي. ويتحدث المسؤول الإعلامي محمد كرنيبو، لـ"العربي الجديد"، عن بعض التفاصيل المتعلقة بالمشروع، قائلاً: "بدأنا العمل خلال الشهر السادس من عام 2019 في جرابلس، بهدف دعم المجتمع السوري المتضرر، وتأمين مأوى لـ800 أسرة من النازحين والمهجرين قسراً". وعملت الجمعية على إطلاق مشروع التجمّع السكني وكرّرته لتأمين مساكن للمواطنين تكون أكثر ديمومة، من خلال التركيز على حلول مستدامة وبالتالي العمل على إنشاء قرى وتجمّعات للسكن الاجتماعي المستقبلي في شمال سورية".

يضيف كرنيبو: "بدأت فكرة التجمعات السكنية مع بداية عام 2014 كاستجابة من الجمعية للنزوح الكبير باتجاه المناطق الآمنة في شمال سورية. وبحثت عن حلول مستدامة بعيداً عن الخيام. بدأت العمل على إنشاء مائة وحدة سكنية لا تتجاوز مساحة الواحدة 18 متراً مربعاً، لتتطور الفكرة بعدها إلى إنشاء تجمعات سكنية متكاملة توفر العيش الكريم والأمان للنازحين والمهجرين قسراً، وتصون كرامتهم". وتسعى الجمعية من خلال هذه التجمعات إلى تطوير وتعزيز مشاريع الإسكان الاجتماعية المعاصرة، والمنخفضة التكاليف، وفق معايير ومبادئ واضحة تنعكس على كل جوانب التصميم، من أجل تحقيق هدفها وهو توفير مأوى آمن للنازحين والفئات المستضعفة". ويوضح كرنيبو: "هذه المشاريع تعدّ مطلباً أساسياً بالنسبة للنازحين، فهي تشكّل حلولاً مستدامة تؤمّن الكرامة والحماية. وكذلك توفر كامل الخدمات الأساسية التي يحتاجونها من بنية تحتية". يضيف: "أوّل ما يبحث عنه النازح هو سقف يأوي عائلته ويحفظ كرامته ولو بشكل مؤقت. وهذه المشاريع تلبي حاجة النازحين، وتعتبر حلماً لكل نازح ليحصل على منزل يصون كرامته الإنسانية ويؤمّن الخدمات اللازمة".

وتركّز الجمعية على أخذ معايير عدة في الاعتبار خلال البناء، بحسب كرنيبو، وهي البنى التحتية، وكيفية تصميم المساكن (تتراوح مساحة المسكن ما بين 40 متراً مربعاً و67)، والاستدامة والأثر المحلي، وتكوين نسيج اجتماعي متجانس ضمن التجمع السكني، وتلبية حاجات الفئات المستضعفة، وتم اعتماد معايير للسكان تتضمن شروطاً واضحة لتأمين استفادة العدد الأكبر من الفئات المستضعفة المستحقة.

ويبلغ عدد الوحدات السكنية في التجمع 800 وحدة سكنية، بحسب كرنيبو، وقد شارفت المرحلة الأولى على الانتهاء (260 وحدة سكنية). ويضم التجمع عدداً من المرافق العامة، وهي مسجد ومستوصف ومبنى إداري وحدائق عامة ومدرسة وسوق تجاري. وتبلغ المساحة الكلية للمشروع 100 ألف متر مربع، وكلفة إنشائه ثلاثة ملايين دولار. وقد صمّمت المساكن وفقاً لنموذجين: الأول هو غرفتان ومطبخ وحمام، والثاني ثلاث غرف ومطبخ وحمام. يضيف كرنيبو أنّه جرى اختيار المستفيدين استناداً إلى تقييم حالاتهم بحسب معايير اختيار شاملة تغطي النواحي الآتية: عدد أفراد العائلة والأحوال الاجتماعية والمادية والعلمية ومكان الإقامة الحالي. ويتم إعطاء درجات محددة لكلّ عائلة للوصول إلى الأكثر استحقاقاً. وتتولى جمعية "عطاء" التنسيق مع المجالس المحلية والهيئات الفاعلة في منطقة المشروع، بالإضافة إلى ترشيحات فروع الجمعية من خلال قواعد البيانات لديها للفئات المستهدفة الأكثر حاجة.

الصورة
وحدات سكنية في جرابلس 3 (العربي الجديد)
(العربي الجديد)

إلى ذلك، تقارن المهجرة من ريف حمص الشمالي علا الخضر، وهي أم لخسمة أطفال، بين الفترة التي عاشتها داخل خيمة بالقرب من بلدة دير حسان في ريف إدلب الشمالي، وبين الحياة في مسكن مؤقت في المنطقة نفسها حيث تقيم حالياً. وتقول لـ"العربي الجديد": "الفرق كبير، فالشعور بالأمان داخل مسكن يقفل بابه يعد كافياً بالنسبة لي، عدا عن عدم تسرّب مياه الأمطار إلى الداخل، كما هي الحال في الخيمة. عشت التجربة مع أطفالي وزوجي في شتاء عامي 2018 و2019. في إحدى الليالي، غمرت المياه خيمتنا وتشرّدنا بعدما ابتلّ كلّ شيء. لم نكن نعلم أين نمضي تلك الليلة. لكنّ البيت، وإن كان صغيراً، يبقى أفضل وأكثر أماناً من الخيمة، كما يؤمن الخصوصية".

ويكشف فريق "منسقو الاستجابة"، في تقرير صادر في أغسطس/ آب 2018، أنّ عدد المخيمات الكلي في محافظة إدلب وحدها بلغ 1293 مخيماً، تتوزّع على شكل شريط قرب الحدود السورية - التركية، من بينها 393 مخيماً عشوائياً، يقطنها مليون و43 ألفاً و689 شخصاً.

المساهمون