والد المغربي المحكوم عليه بالإعدام بأوكرانيا يكشف لـ"العربي الجديد" تفاصيل أسْر ابنه
يترقب طاهر سعدون، والد الطالب المغربي إبراهيم سعدون، المحكوم عليه بالإعدام بعد إدانته بالانتماء إلى "جماعة مرتزقة" و"ممارسة أنشطة إرهابية"، بخوف وقلق بالغين مهلة شهر لتقديم استئناف أمام محكمة "دونيتسك الشعبية" شرقيّ أوكرانيا، دون أن يفقد الأمل في أن تنتهي مأساة فلذة كبده.
يقول سعدون لـ"العربي الجديد" إن ابنه حاصل على الجنسية الأوكرانية في 2020، أي قبل اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، "وعلى هذا الأساس يجب أن يعامل كأسير حرب، لا مرتزق، وبالتالي الحكم عليه بخمس سنوات سجن على أكثر تقدير وليس الإعدام".
ويوضح سعدون الوالد أن ابنه اضطر إلى العمل مترجماً داخل الجيش الأوكراني، بعد الاستعانة به بمعية طلبة معهد علم ديناميكا وتكنولوجيا الفضاء، بالنظر لتمكنه من إتقان الإنكليزية والروسية بطلاقة. كذلك فإنه لم يوقع أي عقد من أجل القتال مع الأوكرانيين.
ويلفت الوالد إلى أن إبراهيم هو المغربي والعربي الوحيد الذي اختير ضمن برنامج تعليمي تموله الدولة الأوكرانية لدراسة علوم الفضاء، وأن ابنه كان في طريقه ليتخرج طياراً، وأنه كان يحلم بأن يتابع دراسته ليصبح رائد فضاء في المستقبل.
وكانت المحكمة العليا في دونيتسك، قد قضت، أول من أمس الخميس، بإعدام إبراهيم (21 سنة) بتهمة "المشاركة في التحضير للأعمال العدائية وتنفيذها ضد جمهورية الدونيتسك" وكذلك "الارتزاق والتآمر الجماعي لتنفيذ أعمال تهدف إلى الاستيلاء بالقوة على السلطة وتغيير النظام الدستوري لمجلس النواب الشعبي بالقوة".
رأى إبراهيم النور في مدينة الرباط في عام 2001، وعاش طفولته ومراهقته بمدينة آسفي المغربية، قبل أن يقرر قبل 3 سنوات بعد حصوله على شهادة الباكالوريا (الثانوية العامة) بميزة حسن جداً الالتحاق بمعهد ديناميكا وتكنولوجيا علوم الفضاء في العاصمة الأوكرانية كييف.
رحلة الاغتراب في أوكرانيا من أجل تحقيق حلمه بأن يصبح رائد فضاء ستتحول في إبريل/ نيسان الماضي إلى جحيم، بعد أن أوقعه حظه السيّئ في أيدي القوات الانفصالية التي سلمته للمحكمة على أنه مقاتل مرتزق.
ومنذ ظهوره، أول مرة، بعد أن انقطعت أخباره عن أسرته، في مقطع فيديو وهو على قناة" يوتيوبر" روسي شهير، يرافق جيش بلاده، صارت قصة إبراهيم تشغل الرأي العام في المغرب، خاصة بعد أن قررت المحكمة التابعة للسلطات الانفصالية الموالية لروسيا في إقليم دونيتسك في شرق أوكرانيا، متابعته بمعية بريطانيين كمرتزقة.
يقول والد الطالب المغربي إن ابنه "لم يُلقَ القبض عليه، بل سلّم نفسه بناءً على اتفاق مسبق"، لافتاً إلى أنه تلقى بمعية زملائه الطلبة وعداً بموجبه غادروا المنطقة الخطرة بعد تنفيذ شرط ارتداء لباس مدني من أجل السماح لهم بمغادرة المكان مع المدنيين، لكن ما حدث لم يكن في حسبان إبراهيم، إذ أُلقي القبض عليه وهو يسلِّم نفسه.
وأثار الحكم بإعدام الطالب المغربي والبريطانيين جدلاً سياسياً وحقوقياً، إذ عبّر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الجمعة، عن قلقه من "محاكمة صورية أجراها وكلاء روسيا في أوكرانيا لمقاتلين في صفوف القوات الأوكرانية"، داعياً موسكو وتوابعها إلى احترام القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك الحقوق والحماية الممنوحة لأسرى الحرب.
وأبدت المملكة المتحدة بدورها "قلقها البالغ" بعد صدور حكم الإعدام على مواطنيها الاثنين، وأكدت ضرورة "عدم استغلال أسرى الحرب لأسباب سياسية"، ووصفت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس عقوبة الإعدام بأنها "عقوبة زائفة بدون أي شرعية".
ومع انتشار خبر الحكم، عبّر الآلاف من المغاربة عن تضامنهم مع إبراهيم، فيما أطلق نشطاء حملة شملت عدة وسوم منها (#انقذوا_إبراهيم_سعدون) وطالبوا السلطات المغربية ببذل أقصى ما يمكن من جهد للحيلولة دون تنفيذ الجهات الروسية حكم الإعدام في الطالب المغربي.
وبينما لم يصدر، إلى حد الساعة، أي تعليق من السلطات المغربية على الحكم الصادر بحق سعدون، وجهت جمعية "الصداقة المغربية الروسية"، ملتمساً للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، للتدخل لعدم تنفيذ إعدام الطالب إبراهيم لـ"اعتبارات إنسانية" و"اعتباراً للظروف المحيطة به في عمليات عسكرية لا تعنيه من قريب أو من بعيد، ومراعاة لحداثة سنه".
بالمقابل، طالب بيان مشترك أصدره "الائتلاف المغربي ضد عقوبة الإعدام" و"شبكة المحاميات والمحامين ضد عقوبة الإعدام" و"شبكة الصحفيات والصحفيين ضد عقوبة الإعدام" بضرورة تحرك السلطات المغربية "لإنقاذ حياة المواطن المغربي إبراهيم والمطالبة بضمان سلامته النفسية والبدنية وإطلاق سراحه وضمان حقه في التوجه للبلد الذي يرغب فيه".