صدمت شابة صينية الأطباء بعد انخفاض وزنها من 65 إلى 25 كيلوغراماً خلال عام واحد، وقد نُقلت إلى المستشفى بعد معاناتها من آثار فشل عضوي متعدد تعرضت له بعد أن رفضت العلاجات الموصى بها، على الرغم من تحذير الأطباء لها من أنها قد تموت إذا واصلت اتباع نظامها الغذائي الخاص.
وذكرت لجنة الصحة الوطنية عبر موقعها الإلكتروني أن المرأة البالغة من العمر 30 سنة، والتي لم يكشف عن اسمها، فقدت 40 كيلوغراماً خلال العام الماضي من خلال نظام غذائي شديد القسوة قررت اتباعه عندما بلغ وزنها 65 كيلوغراماً بعد إنجاب طفلها الثاني.
ووصلت السيدة إلى وحدة العناية المركزة في أحد مستشفيات مقاطعة خوبي (وسط) في حالة يرثى لها، إذ كانت تعاني من قصور في عمل العديد من أعضاء الجسم، وضعف نبضات القلب، واضطراب في الجهاز الهضمي، وتساقط الشعر، وانقطاع الدورة الشهرية. في وقت لاحق، ذكر تقرير طبي صدر عن المستشفى أنّها استخدمت "أساليب متطرفة لفقدان الوزن، مثل الوخز بالإبر، وتناول الأدوية المليّنة التي تستخدم عادة في حالات الإمساك الشديد".
سلطت هذه الواقعة الضوء على تجدد هوس الصينيات بالنحافة باعتبارها وصفة سحرية للتغلب على صعوبات الحياة، فلطالما اعتبر المجتمع الصيني النحافة مؤشراً على جمال المرأة، وهو الأمر الذي قد يسهل عثورها على زوج، أو يؤهلها لاقتحام عالم البث المباشر على مواقع التواصل، والتي باتت تدر أموالاً طائلة على أصحابها.
لا يتجاوز عمر سوي ليان الرابعة والعشرين، وهي تعمل في مجال التسويق الإلكتروني بالعاصمة بكين، وتقول لـ "العربي الجديد" إنّها قبل عامين كانت طالبة جامعية، وبسبب الإغلاقات التي رافقت انتشار جائحة كورونا، قررت التوقف عن الدراسة، وتوجهت إلى مجال التجارة الإلكترونية. وأضافت: "في مجال عملنا لا مكان للبدينات، فمن متطلبات العمل أن يملك الشخص وجهاً حسناً وقواماً ممشوقاً لأننا نخاطب الجمهور بالصوت والصورة عبر التطبيقات الإلكترونية لتسويق منتجات منها أدوات التجميل، والملابس، والمستلزمات النسائية. أتبع حمية غذائية قاسية للحفاظ على وزني، فمعظم الشركات، خصوصاً شركات الملابس، تشترط ألّا يزيد وزن الفتاة عن حد معين، عادة 50 كيلوغراماً، لقبول عملها في مجال التسويق، وحين يزيد وزني عن الحد المسموح به سأجد نفسي خارج إطار العمل".
بدورها، تقول الطالبة الجامعية جيانغ وي: "لا أستطيع أن أبدأ يومي قبل قياس وزني، وفي المرات التي أكتشف فيها زيادته عن حد معين، أعاني من القلق والاضطراب، وفي بعض الأحيان أتوقف عن تناول الطعام لأكثر من عشر ساعات متواصلة كي أخسر الوزن الزائد". وتضيف لـ"العربي الجديد": "الأمر ببساطة له علاقة بالحالة المزاجية، والثقة بالنفس، فحين تتمتع الفتاة بقوام جميل فإنها تستطيع أن ترتدي ملابس جذابة، وتسير بين الناس بخطوات واثقة، كما لا تتردد في مواعدة أصدقاء جدد، ولا تخشى إجراء مقابلات للبحث عن وظيفة. في أوقات الحفاظ على وزني أشعر أنني أملك مفاتيح كلّ الأبواب، على عكس الحالة المزاجية السيئة التي ترافقني حين أتجاوز الوزن المثالي".
من جهتها، تقول الباحثة الاجتماعية إيمي تان، في حديث مع "العربي الجديد" إنّ "هوس الفتيات بالنحافة ظاهرة صحية، ومؤشر إيجابي على عودة الأجيال الجديدة إلى الفطرة التي ميزت المجتمع الصيني عن غيره، خصوصاً المجتمعات الغربية التي تعاني من بدانة مفرطة. الصينيون القدماء حافظوا على نظام غذائي صحي يعتمد بصورة أساسية على الأرز والخضروات، والطهي بالماء الساخن بدلاً من استخدام الزيوت".
تتابع: "مع بداية عصر الانفتاح في سبعينات القرن الماضي، وتأثر الأجيال الشابة بالثقافات الغربية، بدأت تتسلل إلى المجتمع عادات لها انعكاسات صحية خطيرة، مثل إدمان وجبات الطعام السريعة والمشروبات الغازية، وتناول كميات كبيرة من اللحوم الحمراء، والطهي بالزيوت والمركبات الصناعية، ما أدى إلى بروز ظاهرة السمنة، خاصة عند الأطفال والمراهقين. لكن في الوقت نفسه، يجب أن نحذر من اتباع حمية غذائية قاسية، فمن شأن ذلك أن يلحق أضراراً كبيرة بالصحة قد تصل إلى تلف بعض خلايا الدماغ المسؤولة عن الذاكرة والتمييز بين الأشياء".
وتظهر أرقام حديثة للجنة الوطنية للصحة في الصين، أن 600 مليون مواطن يعانون من السمنة، وأن "أكثر من 50 في المائة من البالغين، ونحو 20 في المائة من الأطفال في الفئة العمرية بين 6 سنوات إلى 17 سنة، يعانون من زيادة الوزن".