هناك بعض الفوائد لظاهرة الاحتباس الحراري، لكنها لا تقارن أبداً بحجم الأضرار. على سبيل المثال، قد يؤدي نقص معدلات هجرة الطيور بسبب ارتفاع درجات الحرارة في فصل الربيع إلى عدم تعرضها للنفوق بسبب مخاطر السفر، لكنه في المقابل سبب في زيادة معدلات نفوقها في مناطقها خلال فصل الشتاء من شدة البرد، وقد يستفيد المزارعون في بعض المناطق من بداية الربيع مبكراً، ومن موسم دافئ أطول لزراعة المحاصيل، لكن جودة تلك المحاصيل تكون أدنى.
وبينت دراسات أن المحاصيل تنمو بشكل أفضل في وجود مستويات أعلى من ثاني أكسيد الكربون، ويبدو أنها تكون أكثر تحملاً للجفاف، لكن هذه الفائدة سيف لها جانب سيئ، إذ إن الأعشاب الضارة تنمو أيضاً، كما تتكاثر الآفات الحشرية التي تزدهر في طقس أكثر دفئاً.
ووفقاً لتقرير نشرته "ناشيونال جيوغرافيك"، فمع ارتفاع مستويات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي، قد تزداد غلة محاصيل مثل الفواكه والخضروات والبذور والحبوب. ورغم أن هذا قد يبدو جيداً، وأحد فوائد تغير المناخ، إلا أن هذا التأثير الإيجابي قصير الأجل لأنه يؤدي إلى انخفاض القيمة الغذائية للمحصول. يقول عالم البيئة في جامعة ولاية أوهايو الأميركية، بيتر كيرتس إن "هناك مفاضلة بين الكمية والنوعية. فبينما تكون المحاصيل أكثر إنتاجية، فإن الناتج سيكون ذا قيمة غذائية أقل".
ومن الفوائد أن الطاقة المتجددة أصبحت واحدة من النقاط المضيئة في اقتصاديات الدول الغنية خلال هذه الأوقات الصعبة. إذ خلقت صناعة الطاقة الشمسية في الولايات المتحدة أكثر من 35 ألف وظيفة بين عامي 2017 و2018، وتتفاخر صناعة الطاقة من الرياح بأنها خلقت أكثر من 70 ألف وظيفة جديدة في عام 2018. وفي السنوات القليلة الماضية، أصبح من يقتني سيارات كهربائية أو يستخدم لوحات الطاقة الشمسية يستفيد من تخفيض فواتير الكهرباء في المنازل.
ويستعد اقتصاد الطاقة النظيفة المنتجة من الرياح والشمس والكتلة الحيوية والطاقة الحرارية الأرضية من بين أمور أخرى، ليكون صناعة المستقبل في جميع أنحاء العالم، ويمكن أن يكون أي بلد في طليعة هذا الاتجاه إذا اعتمد سياسات جيدة للطاقة المتجددة. لكن سيتعين تسريع الوتيرة للقدرة على المنافسة دولياً.
الصين والهند اليوم هما أكبر منتج للألواح الشمسية في العالم، وقد التزمتا مؤخراً بزيادة قدرتيهما على مضاعفة إنتاج الطاقة الشمسية من أجل الحفاظ على اقتصاد أقوى.
وإذا استمر الاحتباس الحراري على نفس الوتيرة فمن المتوقع أن تحدث موجات الحرارة الشديدة كل عامين بحلول نهاية القرن الحالي، بينما المعدل الحالي لحدوثها هو كل 20 عاماً تقريباً.
على كل حال، يتبين أنه ليس هناك فوائد نهلل لها من تغير المناخ. بل على العكس، تقلل الأبحاث العلمية من حجم ونوعية الفوائد. يقول بيتر كيرتس إن مضاعفة ثاني أكسيد الكربون تزيد الوزن الإجمالي للبذور بنسبة 25 في المائة، وعدد الأزهار بنسبة 19 في المائة، وعدد البذور بنسبة 16 في المائة. لكن مستويات النيتروجين تنخفض مع ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون، مما يقلل من القيمة الغذائية للأطعمة لأن ذلك يقلل محتوى البروتين والمعادن، خاصة النادرة منها. لهذا يشتكي الناس من سوء طعم بعض الفواكه، ويتحسرون على "أيام زمان".
هذه الأمور كنا ندركها، لكننا لم نكن نعلم أنها حصلت بفعل الاحتباس الحراري، وبالتدقيق في ما يقال عن الفوائد نجد أنها تكمن في زيادة الإنتاج الزراعي، لكنه منخفض الجودة، أو وجود طرق تجارية جديدة يسمح بها ذوبان الجليد القطبي، أو بممارسات لخفض الحرارة، أو اختراعات لا تزيد من نسبة غاز ثاني أوكسيد الكربون في الجو، كالسيارات الكهربائية.
ويبقى سؤال: هل سيعيد إيجاد وظائف جديدة المخلوقات الحية التي لن تستطيع تحمل زيادة 5 درجات مئوية؟ علماً أنه في حال حصول هذه الزيادة سوف ينقرض 30 في المائة من الحيوانات والنباتات.
(اختصاصي في علم الطيور البرية)