وسط أزمة كورونا، تزداد مشاريع تزويد الناس بلقاحات مضادة لكوفيد-19 بواسطة لاصقات، في تطوّر قد يحدث ثورةً في طريقة التحصين في المستقبل. وقد تسمح هذه التقنية بتفادي أزمات البكاء عند حقن الأطفال بلقاح ما، علماً أنّها تتميّز بمنافع أخرى، أبرزها فعالية معزّزة وانتشار أفضل.
وقد كشفت دراسة أُجريت على فئران ونُشرت نتائجها، أمس الجمعة، في مجلّة "ساينس أدفانسيز"، عن نتائج واعدة. وتمحورت على لاصقة بلاستيكية مربّعة (طول كلّ ضلع منها سنتيمتر واحد) وعلى سطحها أكثر من خمسة آلاف رأس مدبّب "متناهي الصغر لا يمكن رؤيته"، بحسب ما يشرح المتخصص في علم الأوبئة ديفيد مولر الذي شارك في هذه الدراسة التي أعدّتها جامعة "كوينزلاند" في أسترليا، لوكالة "فرانس برس". يضيف أنّ تلك الرؤوس زُوّدت باللقاح الذي ينتقل إلى البشرة عند وضع اللاصقة.
واستخدم العلماء لقاحاً لا يحتوي على الفيروس كاملاً بل على أحد البروتينات الخاصة به المعروفة بالبروتينات الشوكية. وقد حُصّنت فئران بواسطة لاصقات لقاح (وُضعت على جلدها لمدّة دقيقتَين) وأخرى بواسطة محاقن. ويقول مولر إنّه "في الحالة الأولى، أتى ردّ الأجسام المضادة قويّاً، بما في ذلك في منطقة الرئة، وهو أمر أساسي لمكافحة كوفيد-19"، مؤكّداً أنّ "النتائج تخطّت بأشواط تلك المحقّقة بواسطة الحقن". وفي مرحلة ثانية، جرى تقييم مدى فعالية الجرعة الواحدة التي تُعطى باللاصقة، فتبيّن أنّه مع استخدام دواء معزّز للجهاز المناعي لم تُصب الفئران "بتاتاً بالمرض".
Great team effort @ChrisLDMcMillan and @drdavidmuller and another fantastic outcome from our long and productive collaboration with #Vaxxas Looking forward to the clinical trials - needle-free delivery of a stable #COVIDVaccine https://t.co/yn1CHK52C5
— YoungLab 🦠🧬🦟🔬🇦🇺 (@ProfPaulYoung) October 30, 2021
واللقاحات بحسب ما يلفت مولر تُعطى عادة من خلال حقنها في العضل، غير أنّ العضلات لا تختزن "كميّة كبيرة من الخلايا المناعية" لاستجابة فعّالة كما هي الحال مع الجلد. كذلك فإنّ الرؤوس المدبّبة تُحدث إصابات طفيفة تنبّه الجسم إلى مشكلة ثمّ تحفّز الاستجابة المناعية.
وبالنسبة إلى مولر، فإنّ منافع هذه التقنية جليّة، منها أنّ اللقاح قد يبقى مستقراً لمدّة شهر في حرارة معدّلها 25 درجة مئوية ولمدّة أسبوع وسط حرارة تبلغ 40 درجة مئوية (في مقابل بضع ساعات للقاحَي "فايزر-بوينتيك" و"موديرنا")، ما يحدّ من الاستعانة بسلسلة التبريد التي تشكّل "تحدّياً للبلدان النامية". كذلك فإنّه من السهل جدّاً وضع اللاصقات ولا حاجة إلى الاستعانة بطاقم مدرّب.
بدوره، يعمل براك أوزدوغانلار، وهو أستاذ الهندسة في جامعة "كارنيغي ميلون" في بيتسبورغ في الولايات المتحدة الأميركية، على مثل هذه اللاصقات منذ عام 2007. هو يرى فيها ميزة إضافية، إذ إنّ "كميّة أقلّ من اللقاح تُزوَّد بواسطة الجلد تكفي لإحداث استجابة مناعية موازية لتلك المتأتية من الحقن في العضلات". وهو عامل مهمّ جداً في حين تكافح بلدان كثيرة من أجل الحصول على جرعات لقاح. وفي وسع هذا الباحث إنتاج 300 إلى 400 لاصقة يومياً في مختبره، لكنّه غير قادر على تجربة اللقاحات القائمة على الحمض النووي الريبوزي المرسال من "فايزر-بيونتيك" أو "موديرنا"، في غياب أيّ ترخيص يتيح له ذلك من قبل المجموعتَين.
واللاصقة المستخدمة في الدراسة التي نُشرت نتائجها، أمس الجمعة، من صنع شركة "فاكساس" الأسترالية الأكثر تقدّماً في هذا المجال. ومن المرتقب إجراء تجارب في المرحلة الأولى ابتداءً من إبريل/ نيسان المقبل. كذلك خاضت مجموعتان أميركيتان هذا المجال وهما "مايكرون بايوميديكل" و"فاكسيس".
وتعمل المجموعة الأخيرة التي أُسّست في عام 2013 في ماساتشوستس على لاصقة مختلفة بعض الشيء. فاللقاح يوضع في رؤوس مدبّبة تذوب في الجلد لإطلاقها. ويقول مديرها التنفيذي مايكل شرادر: "نعمل على لقاح موسمي ضدّ كوفيد-19 والإنفلونزا معاً يقدَّم مباشرة إلى المرضى عبر البريد كي يستخدموه بأنفسهم". وقد فتحت "فاكسيس" مصنعاً في الفترة الأخيرة بالقرب من بوسطن بفضل تمويل من المركز الوطني الأميركي للأمراض المعدية (إن آي إيه آي دي)، في مسعى إلى إنتاج ما يكفي من اللاصقات لتحصين ما بين ألفَين وثلاثة آلاف شخص في سياق تجارب سريرية من المرتقب إطلاقها في الصيف المقبل. يُذكر أنّ محدودية الإنتاج هي العائق الأبرز في وجه تطوير هذه التقنية، غير أنّ جائحة كورونا ساهمت في تسريع التقدّم في هذا المجال مع استقطاب مستثمرين.
(فرانس برس)