قبل أن يصعد الباكستاني محمد عكاش، البالغ 21 عاماً إلى سفينة صيد متهالكة في ليبيا أملاً في أن تنقله إلى أوروبا حيث قد ينتظره مستقبل أكثر إشراقاً، أجرى اتصالاً بعائلته كان الأخير قبل أن يلقى حتفه في البحر.
وقال عمه أمانات علي لوكالة "فرانس برس"، اليوم الأحد، بعد تبلغه أن عكاش (21 عاماً) كان من بين مئات قضوا غرقاً قبالة سواحل اليونان: "لقد أجرى اتصالاً هاتفياً مؤثراً مع شقيقه، وطلب من العائلة الصلاة من أجله وهو ينطلق في رحلة اعترف بأنها محفوفة بالمخاطر".
لا تملك السلطات في أوروبا حتى الآن فكرة واضحة عن عدد الأشخاص الذين كانوا على متن السفينة الغارقة، إذ تراوح التقديرات بين 400 وأكثر من 700 مهاجر، لكن يحتمل أن غالبيتهم من باكستان ومن القسم التابع لها من كشمير.
وكان أربعة من أصدقاء عكاش من بلدة خويراتا على متن السفينة المنكوبة تمكن اثنان منهم فقط من النجاة ووقعت على عاتقهما المهمة الصعبة بإبلاغ عائلة محمد بوفاته.
وأضاف أمانات علي، لـ"فرانس برس"، أن عكاش بدأ التحضير لرحلته قبل ثلاثة أشهر، مشيراً إلى أنه كان على اتصال دائم مع اثنين من أصدقائه الآخرين الذين وصلوا إلى إيطاليا بوسائل مماثلة، وأراد أن يحذو حذوهم.
ويحاول آلاف الباكستانيين الهجرة إلى أوروبا بشكل غير قانوني كل عام بحثاً عن حياة أفضل في الخارج، وهو حلم تستغله شبكات من مهربي البشر.
اعتقالات في باكستان على خلفية مأساة غرق مهاجرين قبالة اليونان
وأفاد مسؤولون باكستانيون، اليوم الأحد، عن اعتقال 10 من مهربي البشر يشتبه بصلتهم بالقضية، وتعهد رئيس الوزراء شهباز شريف بإنزال "عقوبة مشددة" بالمتورطين.
وتعيش باكستان حالة سقوط حر اقتصادياً ناجمة عن عقود من سوء الإدارة وعدم الاستقرار السياسي أدى إلى استنزاف احتياطاتها من الدولار وتسبب بتضخم مفرط وإغلاق المصانع على نطاق واسع.
ويحفز هذا الوضع الميئوس منه الباكستانيين على المخاطرة بحياتهم للوصول إلى أوروبا.
وتوفي والد محمد عكاش قبل 12 عاماً وترك له ولبقية أخوته إدارة مؤسسة صغيرة لتموين المطاعم في خويراتا.
وتابع عمه: "أصبح مفتونا ًبمستويات المعيشة العالية للسكان المحليين الذين رسخت عائلاتهم وجودها في أوروبا".
وأوضح أن "الأسرة ليست فقيرة، بل عدم الثقة بالنظام بين الشباب في المنطقة هو الذي يدفعهم إلى التفكير في مغادرة البلاد".
وكشف أن الأسرة تضامنت لجمع مبلغ مليوني روبية (نحو 7 آلاف دولار) للمهربين لتمويل رحلته التي بدأت بالتوجه إلى دبي ثم إلى مصر وأخيراً إلى ليبيا.
والاثنين، اتصل محمد عكاش بعائلته وشاركهم مخاوفه بشأن الرحلة على متن السفينة التي ستحمله إلى السواحل الأوروبية.
وأكد عمه علي "على الرغم من محاولاتنا لثنيه، ظل مصراً".
والأحد، أعلن رئيس الوزراء شريف يوم حداد وطني على الضحايا، وتقول وسائل إعلام محلية إن نحو 300 باكستاني كانوا على الأرجح في تلك الرحلة.
وفي حين قال إن الفاجعة "أدمت قلوبنا"، أكد أن نجل أخيه "كانت له مكانة خاصة باعتباره الأعز على قلب والدته بين أخوته، لذلك اتخذنا القرار الصعب بعدم إبلاغها على الفور بوفاته".
وتابع: "بدلاً من ذلك، أبلغناها أنه تعرض لإصابات. لا نمتلك الشجاعة الكافية لإخبارها بالحقيقة".
(فرانس برس)