هكذا تتخلى هولندا عن الغاز لتدفئة المنازل
نجحَ جيريت بيرت في الاستفادة من التدفئة تحت الأرضية في منزله، معتمداً على استخدام الطاقة منخفضة الكربون، بعدما كان تأمين الغاز مشكلة حقيقية. هدمت شركة إسكان منزله ثم أعادت بناءه كجزء من مشروع أكبر في شوارع عدة في قرية لوبيرسوم الواقعة في مقاطعة خرونينغن شماليّ هولندا، في إطار التوجه إلى تكريس استخدام الطاقة النظيفة.
ويشير تقرير لشبكة "بي بي سي" الإخبارية البريطانية، إلى أن الجهد المبذول للتخلّص من الوقود الأحفوري في لوبيرسوم جدير بالملاحظة نظراً لموقع المدينة. وتقع القرية على قمة أكبر مخزون من غاز الميثان (مسؤول عن نحو 30 في المائة من الاحترار منذ حقبة ما قبل العصر الصناعي) في أوروبا، ويمتد الخزان العملاق تحت مقاطعة خرونينجن بأكملها ويغذي غلايات الغاز ومحطات الكهرباء والصناعات الثقيلة في البلاد منذ ستينيات القرن الماضي. نتيجة لذلك، زادت نسبة حدوث الزلازل خلال السنوات الماضية، الأمر الذي ألحق أضراراً بالعديد من المنازل.
وتقول فاني فليكيما (41 عاماً)، التي تعيش في المنطقة: "في بعض الأحيان، تكون المنطقة عرضة لثلاثة زلازل يومياً. ونتحقّق من وجود شقوق جديدة في الجدران. وفي خرونينجن، يجب بناء منازل مقاومة للزلازل، وهذا ما يجعل هولندا تتخذ قراراً بالتوقف عن استخدام الغاز في قمة الجبل، والتوجه إلى بدائل أخرى".
وأدى الغضب المتصاعد من خطر الزلازل في خرونينجن إلى اتخاذ قرار عام 2019 بإغلاق حقل الغاز قبل ثماني سنوات من تاريخ الإغلاق المقرر عام 2030. وتعتمد هولندا على بدائل صديقة للبيئة وبهدف الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لتدفئة المنازل.
وتشير تقارير إلى أن هولندا تتمتع بأدنى حصة من مصادر الطاقة المتجددة إذا ما قورنت بإجمالي استخدام الطاقة في أوروبا. لذلك، إنّ التوجه إلى استخدام الطاقة النظيفة يعدّ تحولاً كبيراً. في هذا الإطار، تأمل البلاد أن تكون رائدة في هذا المجال.
وتمكنت قرية "لوبيرسوم"، وهي واحدة من 50 منطقة خالية من الغاز الطبيعي، من استخدام تقنيات بديلة منخفضة الكربون، مدعومة بمبلغ 400 مليون يورو (460 مليون دولار) من التمويل الحكومي حتى عام 2030. وهدف الحكومة الأولى تحويل 50000 منزل إلى اعتماد الطاقة النظيفة عام 2028. وتأمل السلطات أن تكون قد حققت جزءاً من استراتيجيتها الأوسع لاعتماد أكثر من 8 ملايين منزل عام 2050 الطاقة النظيفة.
ويتحدث كبير الباحثين في الطاقة في المنظمة الهولندية للبحث العلمي التطبيقي (TNO) كاسبر تيغشيلار، عن تحول كبير، مضيفاً أنه "قبل خمس سنوات، كان هذا السيناريو مجرد فرضية".
وتعتمد هولندا بشكل شبه كامل على الغاز مصدراً للطاقة الحرارية. ووفقاً لمكتب إحصاءات هولندا، تستخدم 92 في المائة من الأسر الغاز للتدفئة، الأمر الذي يجعلها الدولة الوحيدة في أوروبا التي لديها منازل موصولة بالغاز، بنسبة أكبر من المملكة المتحدة. ومع انخفاض إنتاج الغاز المحلي، تعتمد هولندا أكثر فأكثر على الغاز المستورد. وبدءاً من عام 2018، كانت الدولة بالفعل مستورداً صافياً.
وعلى عكس البلدان الأخرى، مثل المملكة المتحدة، التي لديها سياسات أكثر مركزية، تقع المسؤولية على عاتق كل بلدية من البلديات المحلية البالغ عددها 355 في هولندا لتحديد نوع الحرارة التي يجب استخدامها. بحسب تقرير شبكة "بي بي سي"، فإنّ الجميع مطالب بوضع خطط انتقال الحرارة الخاصة بهم بحلول نهاية هذا العام. وتقول مديرة مشروع الطاقة المستدامة في بلدية ألمير، آن ماري فان أوش: "هذه مهمة جديدة بالنسبة إلينا، علينا التعرف إلى كل هذه التقنيات والبحث عنها للمجتمعات".
تابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News
