- تعيش عائلة علي حالة من التشتت بين القدس وقطاع غزة، مع تعرض منزلهم للقصف وصعوبة التواصل بسبب استهداف الاحتلال للشبكات، مما يزيد من مأساة المرض والفراق.
- تعبر والدة علي عن ألمها وخوفها من عدم تمكن ابنها من استكمال علاجه بسبب سياسات الاحتلال، وتصف رمضان هذا العام بالحزين، مع تمسك علي بأمل استعادة شعره الذي فقده بسبب العلاج الكيميائي.
في "مستشفى أوغوستا فيكتوريا" الذي يُعرَف بـ"مستشفى المطّلع" في القدس المحتلة، يتلقّى الطفل الفلسطيني علي جنينة من قطاع غزة علاجاً خاصاً بالسرطان، فيما الحرب التي يشنّها الاحتلال مستمرّة في القطاع المحاصر.
وعلي الذي يبلغ من العمر ثمانية أعوام يلازم المستشفى منذ شهر أغسطس/ آب الماضي، بحسب ما تؤكد والدته مي زين الدين التي تُعرَف بـ"أم علي" في حديثها إلى "العربي الجديد"، هي التي ترافقه في رحلة علاجه من اللوكيميا منذ اللحظة الأولى.
عندما انتقلت أم علي مع ابنها البكر من قطاع غزة إلى القدس المحتلة، تركت زوجها وثلاثة أبناء آخرين؛ اثنان منهم مع والدهم فيما كلّفت شقيقتها برعاية الأصغر سنّاً. وفي حين أنّ الوالد يرعى الطفلَين في شمال القطاع، علماً أنّ قصفاً إسرائيلياً طاول بيت العائلة فهدم قسماً كبيراً منه، فإنّ أصغر الإخوة يعيش مع خالته في جنوبه.
وتحكي الوالدة عن مأساة عائلتها التي تُتَرجَم بمرض علي وكذلك بتشتّت أفرادها ما بين القدس المحتلة وشمالي قطاع غزة وجنوبيه، وسط الحرب الإسرائيلية المتواصلة على القطاع منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
الأيام تمرّ ثقيلة في المستشفى، وتشير أم علي إلى أنّها تمضي كثيراً من وقتها في تلاوة القرآن وفي الدعاء لشفاء ولدها البكر ولجمع شمل عائلتها من جديد، علماً أنّ من الصعب التواصل مع زوجها وأولادها الآخرين للاطمئنان عليهم بصورة دائمة، بسبب انقطاع الاتصالات بعد استهداف الاحتلال الشبكات في القطاع المحاصر والمستهدف.
لكنّ الوالدة تنجح، بين الحين والآخر، في تلقّي صور لأطفالها الآخرين يرسلها الوالد، مع العلم أنّ أسبوعاً أو أكثر قد يفصل بين رسالة وأخرى على خلفية انقطاع الاتصالات.
في سياق حديثها، تشدّد الوالدة على أنّ علي "ذكي وموهوب"، مشيرة إلى أنّه من التلاميذ المتفوقين في المدرسة. ولا تخفي أنّه لا يكفّ عن مطالبتها باسترجاع شعر رأسه، فهو "يصرّ على ذلك في كلّ حين. طلبه الوحيد هو أن يعيد له الأطباء شعره من جديد، بعدما فقده بالكامل مذ بدأ علاجه الكيميائي".
وكانت "مأساة علي" قد بدأت، بحسب ما تقول والدته، حينما ارتفعت فجأة حرارته جسمه قبل أن يُصاب بهزال وشحوب وبنزيف في اللثة. وبعد مراجعة "مستشفى الرنتيسي التخصصي للأطفال" في مدينة غزة (شمال) وخضوع الصبي إلى فحوصات، أعلم الأطباء العائلة بأنّه مصاب باللوكيميا.
وفيما تقرّ أم علي بأنّ مرض ابنها يؤلمها كما يؤلمها بعدها عن بقيّة أفراد عائلتها، تعبّر عن خشية من عدم تمكّن علي من استكمال علاجه في القدس بعد ترحيله من قبل الاحتلال، وتشرح أنّ خطّة علاج وُضعت له في "مستشفى أوغوستا فيكتوريا" وهي طويلة الأمد.
وتفكّر الوالدة في كيفية المكوث لفترة طويلة وملازمة علي، في حال سمح لهما الاحتلال بالأمر. كذلك تفكّر في الحرب على قطاع غزة وإذا كانت ستنتهي، وتنشغل ببحث عائلتها عن مأوى آمن في القطاع.
وعند سؤالها عن شهر رمضان، تجيب أم علي بأنّه "مختلف وحزين جداً" هذا العام. وتحكي عن خوفها على ولدها الذي يردّد على مدار الساعة، على مسمع والدته وأطبائه وممرّضيه، "بدّي (أريد) شعري.. رجعولي (أعيدوا لي) شعري!".