سيطر "متحور دلتا" من فيروس كورونا على عناوين المواقع الإلكترونية والمجلات العلمية بعد اكتشافه في الهند، وأدى إلى ارتفاع حالات الإصابة بالفيروس. ووصفت مجلة Scientific America المتحور "دلتا" بأنه "الأعنف" بين باقي المتحورات.
ووفق المجلة، فإنّ قابلية انتقال الفيروس بين الناس تتراوح ما بين 40% و60%، مقارنة مع متحور "ألفا" الذي تم تحديده لأول مرة في المملكة المتحدة البريطانية، والذي كان بالفعل أكثر قابلية للانتقال بنسبة 50% من السلالة الفيروسية الأصلية، التي تم اكتشافها لأول مرة في ووهان بالصين.
ويرى إريك توبول، أستاذ الطب الجزيئي ونائب الرئيس التنفيذي في معهد "سكريبس"، أنّ "المتحور الجديد أحد أكثر أنواع الفيروس انتشاراً، إنه السلالة الأسرع انتشاراً على الإطلاق".
فما هو هذا المتحور؟ وماهي عوارضه؟ وهل يمكن تجنب الإصابة به والوقاية منه من خلال التطيعمات؟
ما هو متحور "دلتا"؟
يُعد متحور "دلتا"، المعروف أيضاً باسم B.1.617.2، أكثر عدوى ومقاومة للقاحات من متحور "ألفا". ويقول العلماء إنّ ميزة انتقال متحور "دلتا" هي أنه ينتشر بوتيرة سريعة على مستوى العالم، وهي علامة على أنّ السباق بين التطعيم والفيروس يمكن أن يميل لصالح الأخير، ما لم تكثف الدول حملات التحصين الخاصة بها وتتخذ الحذر.
تم تحديد المتحور، الذي تم اكتشافه لأول مرة في الهند، في 92 دولة على الأقل. وتشير الأبحاث التي أجريت في المملكة المتحدة إلى أنّ المتحور الجديد يصيب 90% من حالات فيروس كورونا، وهو أكثر قابلية للانتقال بنسبة 60% من متحور "ألفا" الذي كان مهيمناً في السابق.
ويحذر الدكتور ستيفن جريفين، عالم الفيروسات والأستاذ المساعد في كلية الطب بجامعة ليدز البريطانية، من خطورة هذا المتحور، وإمكانية العودة إلى حالات الإغلاق العام.
تأتي التحذيرات في وقت تشير فيه الأبحاث إلى سهولة انتشار المتحور، حتى من دون وجود عوارض واضحة، إذ أرجعت البروفيسورة كاثرين نوكس، عضوة المجموعة الاستشارية العلمية لحالات الطوارئ في المملكة المتحدة والخبيرة في العدوى المنقولة بالهواء في جامعة ليدز، سبب ارتفاع الإصابات إلى أنّ المتحور الجديد قد يحمل جزئيات صغيرة قادرة على الانتشار بين الأشخاص بمعدل 60% أكثر من أي متحور آخر، وحتى من دون وجود عوارض.
ووفق الطبيبة، فإنه من المحتمل أن يصاب شخص ما عن طريق الاقتراب من شخص حامل للفيروس في بضع ثوان.
كيف تشكل المتحور؟
حتى الآن، لا توجد إجابة واضحة حول آليات تشكيله، لكن العلماء أكدوا أنه يحتوي على طفرات في الجين الذي يرمز لبروتين السنبلة، الذي يستخدمه الفيروس لدخول الخلايا في الجسم.
وفقًا للوكالة التنفيذية لوزارة الصحة والرعاية الاجتماعية في المملكة المتحدة Public Health England (PHE)، يمكن لهذا المتحور أن يتشكل بسرعة هائلة.
وتقول البروفيسورة ويندي باركلي، من إمبريال كوليدج لندن، وفقاً للمجلة، إنّ "متحور دلتا يبدو أنه يسمح بتراكم كميات متزايدة من الفيروس في الأشخاص المصابين، ما يساعد في زيادة الانتشار".
ما مدى سرعة انتشاره؟
ظهر متحور "دلتا" لأول مرة في الهند، ومن ثم في إنكلترا، في نهاية إبريل/نيسان الماضي، وسرعان ما أصبح الأكثر انتشاراً في جميع أنحاء المملكة المتحدة. وفي الأسبوع الماضي، تم إرجاع 94% من الإصابات الجديدة بالفيروس إلى متحور "دلتا".
تأثرت ألمانيا بشدة من المتحور، حيث حذرت المستشارة أنجيلا ميركل من أنّ أوروبا على "جليد رقيق" في معركتها ضد متحور "دلتا"، بينما تكافح روسيا أيضاً ضد ارتفاع مستوى الإصابات، حيث أبلغت عن أكثر من 20 ألف إصابة في الأيام الماضية، وهو أعلى معدل لها منذ يناير/كانون الثاني.
يعتقد الخبراء أنّ العامل الرئيسي في ارتفاع حالات الإصابة بالمتحور في إنكلترا يكمن في ارتفاع عدد المسافرين إلى المملكة المتحدة في فترة زمنية قصيرة، إذ تُظهر أرقام الصحة العامة هناك أنّ المتحور برز بشكل واضح بعد رفع قيود السفر.
ما هي العوارض المتعلقة بمتحور "دلتا"؟
يؤكد البروفيسور تيم سبيكتور، وهو عالم وبائيات بريطاني، أنّ العوارض التقليدية المتعلقة بالحمى والسعال وضيق التنفس ليست العوارض الرئيسية للمصابين بالمتحور الجديد.
وبحسب دراسة أجراها سبيكتور ونشرتها هيئة البث البريطانية "بي بي سي"، فإنّ الصداع والتهاب الحلق وسيلان الأنف من الأعراض الأكثر شيوعاً المرتبطة بعدوى كورونا في المملكة المتحدة.
إضافة إلى ذلك، يؤكد البروفيسور سبيكتور أنّ الحمى وفقدان حاسة الشم لم تعد ظاهرة بشكل رئيسي في قائمة الأعراض العشرة الأولى. ووفق الطبيب البريطاني، فقد "يعتقد الناس أنهم أصيبوا بنوع من البرد الموسمي".
ما الفرق بين المتحور "دلتا بلس" و"دلتا"؟
جميع المتحورات تحمل مجموعات مختلفة من الطفرات. ويحتوي "دلتا بلس" على طفرة إضافية تسمى "K417N"، والتي تميزها عن متحور "دلتا" العادي.
وتؤثر هذه الطفرة على البروتين الشائك، وهو جزء من الفيروس الذي يرتبط بالخلايا التي يصيبها.
ويقول مدير معهد علم الوراثة في جامعة "كوليدج لندن" فرانسوا بالوكس، لشبكة "سي أن أن" الأميركية، في تقرير لها، إنّ طفرة "K417N" ليست جديدة تماماً، فقد تم اكتشافها في سلالة عُثر عليها في مارس/آذار من عام 2020، كما عثر عليها أيضاً في متحور "بيتا"، الذي تم اكتشافه لأول مرة في جنوب أفريقيا الخريف الماضي.
من هم الأشخاص الأكثر تضرراً؟
قد يبدو من اللافت القول إنّ الأشخاص الأصغر سناً هم الفئات الأكثر تضرراً بسبب المتحور.
ووفق موقع "سي إن بي سي" الأميركي، فإنّ الأشخاص الأصغر سناً لم يتلقوا حتى الآن اللقاحات، ما يزيد من احتمالية إصابتهم بالمتحور مقارنة مع الأشخاص الأكبر سناً.
هل اللقاح فعّال؟
بحسب تقرير نشرته مجلة" فورتشن" الأميركية، فإنّ لقاح "فايرز" يعد مناسباً وفعالاً جداً ضد المتحور الجديد، وأثبتت الدراسات أنّ الأشخاص الذين تلقوا لقاح "فايزر" تم تحصينهم بنسبة 96%.
ووفق بيان لشركة "فايزر" "فإنّ البيانات التي تم استخلاصها من الأبحاث التي نجريها في المختبر، تشير إلى أنّ لقاحنا فعال للغاية ضد المتحور الجديد".
وقال بحث صيني، الأسبوع الماضي، وفق "رويترز"، إنّ الأجسام المضادة الناتجة عن لقاحين صينيين مضادين لكورونا، كانت أقل فاعلية مع السلالة "دلتا" مقارنة باللقاحات الأخرى، ولكنهما يوفران الحماية.
وفي مقابلة بثها تلفزيون الصين المركزي، لم يقدم فنغ تسي جيان، الباحث ونائب المدير السابق في المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها، مزيداً من التفاصيل. ومن دون تسمية اللقاحين، قال فنغ إنهما يندرجان في فئة اللقاحات الخاملة، والتي تحتوي على فيروسات كورونا "ميتة" لا يمكنها التكاثر في الخلايا البشرية. وخمسة من أصل سبعة لقاحات طورتها الصين هي لقاحات خاملة وتشمل لقاحي "سينوفاك" و"سينوفارم"، اللذين تستخدمهما بلدان مثل البرازيل والبحرين وتشيلي.
وذكرت وكالة "تاس" للأنباء، اليوم الثلاثاء، أنّ لقاح "سبوتنيك في" الروسي المضاد لكورونا أقل فاعلية ضد المتحور "دلتا".