يتحمّل المواطنون في المناطق التابعة لسيطرة النظام السوري تبعات نقص الأجهزة الطبية وتعطل الكثير منها في المستشفيات الحكومية، التي من المفترض أن توفر الأجهزة الطبية الضرورية في ظل عدم قدرة معظم الأهالي على تحمل التكاليف الباهظة في المستشفيات الخاصة. وتبرر الحكومة التابعة للنظام هذا النقص بالعقوبات المفروضة عليها من قبل الغرب.
ويوضح المتخصص في طب التخدير عمار العلي في حديث لـ"العربي الجديد" أن المستشفيات الحكومية في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري، وخصوصاً مستشفيات العاصمة دمشق لم تحصل على أجهزة طبية جديدة منذ عام 2011، لافتاً إلى أن معظم الأجهزة الموجودة فيها خارجة عن الخدمة أو بحالة سيئة جداً. ويلفت إلى أن الحكومة التابعة للنظام تعتمد في الوقت الحالي على الأجهزة الطبية المستعملة المستوردة من الخارج بوسائل غير شرعية، قائلاً إنه يمكن إدخال هذه الأجهزة من لبنان والمناطق الخاضعة لسيطرة قوات سورية الديمقراطية "قسد". يضيف: "تعزو الجهات المسؤولة الأمر إلى العقوبات المفروضة عليها وقانون "قيصر". ويؤكد أن هذا الأمر غير صحيح جملة وتفصيلاً على اعتبار أن قطاع الصحة مستثنى من هذه العقوبات، مشيراً إلى أن النظام من خلال تبريراته يسعى للحصول على تمويل من قبل منظمة الصحة العالمية لدعم المستشفيات والمراكز الصحية.
ويتحدث العلي عن الفساد الذي يشهده القطاع الصحي، وخصوصاً المستشفيات الحكومية. ففي عام 2006، شهدت مستشفى الباسل-مركز جراحة القلب في دمشق فضيحة بعد الكشف عن صفقة لشراء مستلزمات طبية، إذ تم شراؤها بمبلغ نحو 550 مليون ليرة سورية علماً أن الحاجة لم تتجاوز الـ 120 مليون ليرة سورية، الأمر الذي ما زال يتكرر حتى اليوم.
في المقابل، يؤكّد فني صيانة الأجهزة الطبية عباس الأحمد لـ "العربي الجديد" أن السبب وراء تلف الأجهزة الطبية هو اعتماد النظام على شركات استيراد تابعة له تسعى إلى تحقيق الربح من دون الاكتراث للجودة. كما تستورد بعض المستشفيات أجهزة طبية قديمة كثيرة الأعطال، على عكس المستشفيات الخاصة التي يشتري بعضها أجهزة حديثة.
يضيف أن صيانة الأجهزة الطبية في مدينة حمص تتم عبر مركز مديرية صحة حمص، وهي متعاقدة بدورها مع شركات خاصة يملكها مهندسون يعملون لدى المديرية، لافتاً إلى أن "هذا يعد باباً من أبواب الفساد. وغالباً ما تكون الأعطال بسيطة، إلا أن كلفة الصيانة باهظة".
ويقول الأحمد: "في الوقت الحالي، يعتمد الأهالي على المستشفيات الخاصة ومراكز العلاج التي تديرها منظمات تابعة للأمم المتحدة، وخصوصاً في ريف حمص الشمالي. وفي ما يتعلق بإجراء عمليات جراحية، يلجأ الأهالي إلى المستشفيات الخاصة على الرغم من الكلفة الباهظة".
في المقابل، يؤكد مصدر في مستشفى المواساة الجامعي في دمشق، فضل عدم الكشف عن اسمه، لـ "العربي الجديد"، أن هناك وعودا من التجار لإدارة المستشفى من خلال توفير بعض الأجهزة الطبية، وذلك بواسطة تهريبها من خارج المناطق التابعة لسيطرة النظام، بالتنسيق مع الجهات المسؤولة تحت ذريعة العقوبات. ويسأل: "كيف تصل السيارات الحديثة إلى مناطق سيطرة النظام بينما تعجز حكومته عن شراء الأجهزة الطبية وإدخالها؟".
كما تؤكد مصادر خاصة في دمشق في حديثها لـ "العربي الجديد" أن بعض المستشفيات الحكومية لجأت لاستئجار أجهزة طبية من المستشفيات الخاصة، وفي مقدمتها أجهزة يحتاجها الأشخاص الذين يعانون من أمراض صدرية"، لافتين إلى وجود نقص في أجهزة قياس الأوكسجين. ولا يوجد أكثر من جهاز أو اثنين في كل قسم، بالإضافة إلى أجهزة القسطرة القلبية والجبيرة الطبيّة التي يضطر الناس إلى شرائها وغير ذلك.
وكان وزير الصحة في حكومة النظام السوري حسن الغباش قد أعلن خلال جولة في مستشفى الأسد الجامعي ومستشفى دمشق (المجتهد) برفقة رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس ووزير التعليم العالي والبحث العلمي بسام إبراهيم، أن "نقص بعض المستلزمات الطبية والأدوية عائد للحصار الجائر"، لافتاً إلى أن "العمل جار لتلافي النقص".
ونقلت الصحيفة عن المديرة العامة لمستشفى التوليد في طرطوس ريم العاتكي، قولها إن جهاز التصوير الإشعاعي "الماموغرافي" في المستشفى معطل لعدم قدرته على تأمين قطع غيار للجهاز، مرددة كلام الغباش ذاته بأن السبب هو "الحصار الجائر". أضافت أن وزارة الصحة تتابع الموضوع بسبب أهمية وجود هذا الجهاز.