"أفضل أسعار فيتامين سي بالمغرب"، "اشتري فيتامين سي"، "التوصيل لكلّ مدن المغرب، فيتامينات زينك بأفضل الأسعار في المغرب، الدفع عند الاستلام"، هذه نماذج لإعلانات انتشرت، خلال الأيام الماضية، بعد تحوّل اختفاء أدوية، تدخل في إطار البروتوكول العلاجي للمصابين بفيروس كورونا، إلى تجارة رائجة في بعض المواقع المختصة في التسويق عبر الإنترنت.
ويشكّل نقص أدوية، كالفيتامين "س" والزينك"، في صيدليات المملكة، بالتزامن مع ارتفاع عدد المصابين بفيروس كورونا، فرصة لبعض المواقع والتطبيقات الإلكترونية، الذي عمد إلى عرض كمية كبيرة من تلك الأدوية بأسعار تفوق بـ300 مرة ثمنها الحقيقي. وكان لافتاً كشف فعاليات حقوقية مغربية امتداد التسويق الرقمي، خلال الأسابيع الماضية، إلى لقاح الإنفلونزا الموسمية، من قبل من يزعمون أنهم أطباء، لتلقيح الراغبين في منازلهم بثمن مرتفع جدّاً، في مدن الدار البيضاء والمحمدية والرباط.
وتطالب الفعاليات الحقوقية، ممثلة بالمكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، بفتح تحقيق حول التسريبات، التي تهدف للاستفادة من لقاح الإنفلونزا الموسمية، عن طريق التسويق الرقمي. كذلك تمكنت السلطات الأمنية، في 10 يناير/ كانون الثاني الماضي، بناءً على شكوى تقدمت بها "فيدرالية نقابات صيادلة المغرب" إلى مديرية الأدوية والصيدلة بوزارة الصحة، من تسليط الضوء على خطر تجارة الأدوية عبر الإنترنت، بعد أن تمت الإطاحة بشبكة إجرامية، وحجز ما يقارب من 20 ألف علبة من "فيتامين سي" وما يقارب من 3500 علبة من "الزينك"، بالإضافة إلى أدوية أخرى غير مسجلة ومجهولة المصدر، كانت تباع بطرق غير قانونية عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
من جهته، يقول رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة بالمغرب، حمزة كديرة: "أمام الضغط الذي يحدث خلال الأزمة الصحية جراء تفشي فيروس كورونا، والاختلال الذي يحدث في توزيع الأدوية بسبب تهافت المواطنين على اقتناء فيتامينات ومكملات غذائية تقوي المناعة، تنامت عمليات البيع عبر الشبكة العنكبوتية بشكل يخالف مبدأ احترام المسلك القانوني للأدوية المتمثل في القانون المغربي في الصيدلية المرخصة من قبل وزارة الصحة، والتي يشرف عليها صيدلي حائز على رخصة مزاولة المهنة".
ويؤكد أنّ القانون رقم 04 - 17 ينصّ بشكلٍ واضح، في المادة 19، على أنه لا يمكن القيام بصناعة الأدوية واستيرادها وتصديرها، وبيعها بالجملة، إلا من قبل المؤسسات الصيدلية الصناعية، فيما عرّفت المادة 8 منه، المُصَنِّع، بأنّه كل صيدلي أو شركة صيدلية، تملك مؤسسة صيدلية صناعية، تقوم بصناعة الأدوية بغرض بيعها بالجملة.
عرض كمية كبيرة من الأدوية على الإنترنت بأسعار تفوق بـ300 مرة ثمنها الحقيقي
ويقول كديرة، لـ"العربي الجديد": "تجارة الدواء عبر مسالك غير مشروعة وخارج الإطار القانوني تشكّل في حدّ ذاتها خطراً على صحة المواطنين، فضلاً عن أنها تجعل مهنة الصيدلة في مواجهة المنافسة غير الشريفة". ويضيف: "أخال أننا محظوظون لأن القانون المغربي يمنع بشكل قطعي بيع الأدوية عبر الإنترنت، ما يُمكّننا من حماية الصحة العامة من الخطر، وذلك بفضل ضبط مسالك بيع الأدوية".
من جهته، يرى الكاتب العام لنقابة "الجامعة الوطنية لقطاع الصحة التابعة" واختصاصي الفيزياء الأحيائية بالمعهد الوطني للصحة، رضا شروف، أنّه "من الخطير أن نجد أدوية غير مسموح بيعها حتى في الصيدليات أو مضرة بالصحة تروّج بكلّ حرية على بعض المواقع التجارية على شبكة الإنترنت". يلفت إلى أنّ الأمر يزداد خطورة حينما يشرف على بيع تلك الأدوية أشخاص لا علاقة لهم بمهنة الصيدلة أو تكون مجهولة المصدر وغير معتمدة من قبل الجهات الصحية المختصة. ويوضح الاختصاصي المغربي، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "خطورة الأدوية، التي تباع على الإنترنت، على الصحة، تكمن في عدم توافر وسائل تأكيد الجودة والفاعلية، وعدم معرفة مكان تصنيعها، كما أنّ نسبة كبيرة منها تكون مغشوشة بمواد أخرى سامة ممنوعة دولياً أو جرعات عالية غير مصرّح بها قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة في حال استخدامها".
وبحسب جمعية عالم الصيادلة المغاربة، فإنّ تجارة الأدوية عبر الإنترنت تشكل خطراً وتهديداً حقيقياً على صحة المواطنين، وتُسجل غياب المراقبة لدى وزارة الصحة، أو نصاً قانونياً يجرّم هذا النوع من التجارة الإلكترونية. هذا في الوقت، الذي يتم تداول كميات أكبر من الأدوية، والمكمّلات الغذائية، والمواد المعقّمة مجهولة المصدر والمحتوى، ما يضع صحة المغاربة في خطر.
وتطالب الجمعية وزارة الصحة المغربية بعدم غض النظر عن فوضى بيع الأدوية والمكمّلات الغذائية بشكل غير قانوني، لا سيما عبر الإنترنت، لافتة إلى أن الوزارة لا يعجزها أن تضع نصاً قانونياً واضحاً، يتابع كلّ من يبيع الأدوية للمواطنين عبر الإنترنت من دون احترام المسالك القانونية التي وقّع عليها المغرب ضمن اتفاقية دولية تنظم هذا المجال. وفي الوقت الذي تؤكد فيه الجمعية ضرورة متابعة تطبيق هذا القانون بعد إخراجه للوجود، تراهن هيئات الصيادلة على تضييق السلطات الأمنية والصحية الخناق على الأدوية مجهولة المصدر، خاصة التي يتم تسويقها عبر شبكة الإنترنت من خلال تشديد المراقبة على مستوى النقاط الحدودية، والوقوف في وجه مروجيها.