رغم الوضع الوبائي الخطير في مصر، فإنّ الإهمال الطبي مستمر، إذ ترمى النفايات الطبية المرتبطة بفيروس كورونا في شارع عام بالقرب من مستشفى عزل المصابين في العريش، شمال سيناء
تعاني محافظة شمال سيناء، شرقي مصر، من إهمال طبي مزمن، لم تنبه خطورة فيروس كورونا الجديد إلى ضرورة العمل على محاصرته بدفع المسؤولين الحكوميين إلى النظر في تلبية احتياجات المحافظة في القطاع الصحي، من تطوير للمستشفيات وتحضير الكوادر الطبية اللازمة للعمل بالمستوى المطلوب. على العكس تماماً، وصل الإهمال مؤخراً إلى حدّ إلقاء نفايات مستشفى العريش العام المخصص لعزل مصابي كورونا في المحافظة بأكملها، في الشوارع العامة، من دون أيّ اكتراث لخطورة ذلك على صحة المحافظة بأكملها، فيما غاب الاهتمام بشكاوى المواطنين من سكان المنطقة، بالرغم من إرسالهم مناشدات عدة بضرورة حلّ الأزمة بشكل عاجل.
يقول أحد سكان الشارع المقابل لمستشفى العريش العام لـ"العربي الجديد" إنّ "الشاحنة المخصصة لنقل نفايات المستشفى، تتعمد إلقاء النفايات في الطريق العام، منذ أكثر من أسبوع. وبالرغم من محاولاتنا منع ذلك، فإنّ سائق الشاحنة يتذرع في كلّ مرة بأنّه سيجري ترحيل النفايات قريباً إلى خارج نطاق المدينة، وهذا ما لم يحدث، بل على العكس تماماً، فإنّه ما زال يلقي النفايات الطبية والمخلفات السامة في الشارع، مشيراً إلى أنّه جرى إبلاغ المسؤولين المحليين بالواقعة، ولم يتغير المشهد، بل إنّ سائق الشاحنة بات يتجاهل المواطنين خلال إلقائه النفايات، ويغادر المنطقة بسرعة، ما يستدعي تحركاً عاجلاً من المسؤولين الحكوميين بما يوقف هذه الكارثة الحقيقة التي تهدد المنطقة بأكملها". واطلعت "العربي الجديد" على صور لشاحنة النفايات وهي تلقي النفايات الطبية في الشارع، في وضح النهار، من دون أيّ مراعاة في كونها منطقة سكنية مكتظة، وفيها أطفال يلعبون في الشارع نفسه يومياً.
أما في خصوص كورونا في سيناء، فيقول مصدر طبي لـ"العربي الجديد" إنّ الإصابات المتواجدة قيد العلاج في مستشفى العزل بلغت اثنتين، فيما العزل المنزلي يشمل 38 إصابة، ويبلغ إجمالي الإصابات الفعالة في المحافظة 115، بينما شفي 422 شخصاً من الفيروس، وتوفي 27. يشير كذلك إلى أنّ عدداً من الطواقم الطبية أصيب بالفيروس خلال العمل في المستشفيات، ومخالطة المصابين، في ظلّ ضعف الإمكانات المتوفرة لدى الطواقم من قبل وزارة الصحة، مؤكداً أنّ الطواقم الطبية تعمل على محاصرة الفيروس والحيلولة دون انتشاره في المحافظة، من خلال كسر سلسلة المخالطين، وحثّ المواطنين على الحجر الصحي المنزلي لكلّ من تثبت مخالطته لمصاب.
وحول التخلص من نفايات مستشفى العريش العام، يوضح المصدر الطبي أنّ ما يجري من إهمال تتحمل مسؤوليته الإدارة المسؤولة عن نظافة المستشفى والتخلص من نفاياته، وفي الأغلب قد يكون ما يجري هو خطأ فردي، لا علم لإدارة المستشفى به، وهذا لا يعفيها من مسؤولياتها بضرورة متابعة التفاصيل المتعلقة بفيروس كورونا كافة، وفق البرتوكول المعد من قبل وزارة الصحة، للحيلولة دون تفشي الفيروس في المحافظة. يلفت إلى أنّه ينبغي على المواطنين سكان المنطقة المذكورة التواصل مباشرة مع إدارة المستشفى وإبلاغهم بالواقعة لتداركها في أقرب وقت ممكن، نظراً إلى خطورة تلك النفايات، وإمكانية نقلها الفيروس وأمراضاً أخرى، إذ إنّ للتخلص من النفايات الطبية برتوكولاً خاصاً، وفي ظروف مختلفة عن بقية النفايات.
ويأتي الحديث عن الإهمال الطبي، في الوقت الذي صرح فيه محافظ شمال سيناء، محمد عبد الفضيل شوشة، أنّه جرى تشديد تطبيق الإجراءات الاحترازية في مختلف المنشآت الحكومية على مستوى المحافظة، للحدّ من انتشار فيروس كورونا الجديد، فيما وجه المحافظ بعدم السماح للمواطنين بدخول جميع المنشآت الحكومية من دون الالتزام بالكمامات، ووضع لوحات إرشادية في أماكن ظاهرة في مختلف المصالح الحكومية في هذا الخصوص، والحفاظ دائماً على التباعد الاجتماعي بين المواطنين داخل تلك المنشآت، كما جرى توجيه جميع الموظفين داخل الدواوين الحكومية، للالتزام بالكمامات طوال ساعات العمل الرسمية، مع الاستمرار في عمليات تعقيم وتطهير المنشآت الحكومية.
وفي التعقيب على ذلك، يقول فادي زعرب، أحد سكان مدينة العريش، لـ"العربي الجديد" إنّ لدى سكان المدينة قلقاً بالغاً من خطورة الوضع الصحي هناك نتيجة انتشار الفيروس، بالتزامن مع ضعف الإمكانات المتوفرة لدى المؤسسات الصحية، وبالتالي فإنّه يجري تداول قضية إلقاء النفايات الطبية في الشارع المقابل للمستشفى بين المواطنين، وخطورة ذلك إذا ما أدى هذا النشاط المتكرر إلى "انتشار الفيروسات والميكروبات في المنطقة، بالرغم من اتخاذ المواطنين الاحتياطات الوقائية التي نشرتها وزارة الصحة، ودعت إليها إدارة المحافظة خلال الفترة الماضية، فكيف يكون المواطن أكثر التزاماً من الطواقم الطبية التي تدرك أكثر منه بكثير خطورة الموقف؟". ويضيف أنّ "الجهات الحكومية كافة مدعوة إلى إنهاء المهزلة الواقعة في منطقة المستشفى في أقرب وقت".