تؤكد العديد من الدراسات العلمية أهمية الوجبات الغذائية المتوازنة لصحة الإنسان، وقدرة بعض الأغذية على الوقاية من الأمراض، أو الحد منها، لكن دراسة حديثة نشرتها مجلة "PLOS Medicine" الأميركية، وجدت أن الغذاء القائم على البقوليات والخضروات قد يضيف مزيدا من السنوات إلى عمر الإنسان الافتراضي.
وحسب الدراسة، فإن استبدال اللحوم الحمراء والأطعمة المشبعة بالدهون بنظام يعتمد على البقوليات والخضروات والفواكه، قد يساعد في إطالة عمر الإنسان، وإنه كلما اتبع الإنسان نظاما غذائيا صحيا في عمر مبكر، كلما زاد عمره الافتراضي، فإذا بدأت سيدة في تناول الطعام الصحي في سن العشرين، فيمكنها زيادة عمرها بنحو 10 سنوات، في حين يمكن للرجل الذي يتبع نظاماً غذائياً صحيا من سن العشرين أن يضيف 13 سنة إلى حياته.
وتشير الدراسة إلى أنه إذا بدأ كبار السن ممن تجاوزوا الستين باتباع نظام متوازن، فإن ذلك قد يضيف لهم ما بين 8 سنوات للسيدات و9 سنوات للرجال، وبالنسبة إلى الأشخاص الذين تخطوا الثمانين، فإن اتباع نظام غذائي صحي قد يمنحهم نحو 3 سنوات إضافية.
ما هو النظام الصحي المتوازن الأفضل؟
عادة ما يؤدي تناول كميات من اللحوم الحمراء، أو اللحوم المصنعة مثل السجق، واللحوم الباردة إلى أمراض عديدة، ومشاكل في القلب والأمعاء، وهناك أدلة قوية على أن اللحوم المصنعة يمكن أن تسبب سرطان الأمعاء، حتى أن منظمة الصحة العالمية صنفتها باعتبارها مواد مسرطنة منذ عام 2015.
واستبدال اللحوم الحمراء أو المصنعة بالدواجن الخالية من الدهون، أو الأسماك، أو البروتينات النباتية، قد يكون إحدى طرق تحسين النظام الغذائي، ويمكن للأشخاص الحصول على البروتينات من خلال تناول فول الصويا، أو بقوليات منها العدس، والحمص، إضافة إلى المكسرات، والبذور، والحبوب الكاملة مثل الكينوا.
في عام 2020، أجريت دراسة على أكثر من 37 ألف أميركي في منتصف العمر، وتبين أن أولئك الذين تناولوا بروتينات نباتية كانوا أقل عرضة للوفاة بنسبة 27 في المائة.
والنظام الغذائي الذي ينصح به يشمل المزيد من النباتات والخضروات، وكميات أقل من اللحوم الحمراء، وهو يشبه إلى حد ما "حمية البحر المتوسط" التي تتضمن الخضروات، والبقوليات، والأسماك، وزيت الزيتون، وتقليل تناول اللحوم والسكريات، والتي فازت بأفضل نظام غذائي لمدة خمس سنوات متتالية، إذ تساعد في تخفيف ارتفاع ضغط الدم، وتخفيف الإصابة بالسكري.
ويعتقد أن تلك الحمية الغذائية الصحية المتبعة في بلدان مثل اليونان، وإسبانيا، هي السر في طول متوسط أعمار سكان تلك البلدان، وفي خفض انتشار الأمراض المزمنة لديهم، كونها غنية بمصادر الألياف، والدهون الصحية المفيدة لصحة القلب.
الغذاء الصحي يقاوم الشيخوخة ويطيل العمر
وقالت أخصائية التغذية اللبنانية، ريم رفائيل، لـ"العربي الجديد"، إن الأكل المتوازن يساعد في الحفاظ على صحة الإنسان، ما يعني عملياً زيادة عدد سنوات حياته، وإن "اعتماد نظام صحي قائم على التوازن ما بين اللحوم والخضروات والفاكهة، والابتعاد عن الأطعمة التي تحتوي على عناصر أكسدة أثبت فاعليته، ليس فقط في مواجهة أمراض القلب والأمعاء، بل أيضاً في محاربة الشيخوخة".
وتنصح رفائيل الأفراد، وخاصة صغار السن، بالابتعاد عن الزيوت المهدرجة، مؤكدة أن اتباع حمية غذائية لا يعني حرمان الشخص من كثير من الأطعمة، بل زيادة المأكولات الصحية، والاعتدال في تناول اللحوم، وإذا تزامن هذا مع ممارسة الرياضة، فإنه يكون أسلوبا ناجحاً لحياة صحية متوازنة.
واعتمد باحثون من النرويج، نموذجا لدراسة العناصر الغذائية المؤثرة على طول عمر الإنسان من خلال مراقبة الأنظمة الغذائية للأفراد، واستخدموا تحليلات وبيانات "مركز دراسة العبء العالمي للأمراض"، وهو قاعدة بيانات تتعقب 286 سبباً للوفاة، و369 مرضاً، و87 عامل خطر، وتبين لهم أن "تناول كميات أكبر من البقوليات والخضروات والفاكهة والمكسرات كفيل بإطالة العمر".
ووفق الباحثين، فإن إضافة العنصر النباتي للطعام يظل أمراً سهلاً، إلا أنه لا يزال العديد من الأشخاص عاجزين عنه، وأظهر تقرير صادر عن المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، أن 12 في المائة فقط من البالغين الأميركيين يستهلكون نصف كوب إلى كوبين من الفاكهة يومياً، وهي الكمية التي أوصت بها الإرشادات الغذائية الفيدرالية، فيما يتناول 10 في المائة فقط ما بين 2 إلى 3 أكواب من الخضروات يومياً، في حين تطالب السلطات بأن يكون نصف غذاءئهم اليومي من الحبوب الكاملة.
تعرف "مبادرة الصحة الحقيقية غير الربحية" بأنها تحالف عالمي من خبراء طب نمط الحياة، ويرى مؤسسها، ديفيد كاتز، أن "تحسين جودة النظام الغذائي من شأنه أن يقلل من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة، ومن الوفاة المبكرة، وأن إمكانية تغيير معدل عمر الإنسان قد تكون فرصة لإعادة النظر بالأنظمة الغذائية المتبعة".
ويؤكد كاتز أنه "لا يوجد نظام غذائي يمكن وصفه بالأفضل، ولكن يوجد طرق يمكن أن تساعد في تحسين النظام المتبع من خلال دمج الأسماك والخضروات في الروتين اليومي للطعام".