نسرين العيساوي تتحدى السرطان

26 أكتوبر 2020
متمسكة بالحياة من أجل أولادها (العربي الجديد)
+ الخط -

منذ نحو أربع سنوات، تصارع نسرين العيساوي (42 عاماً) مرض السرطان الذي أصيبت به وهي في الثامنة والثلاثين من عمرها. في ذلك الوقت، خضعت لعملية جراحية لاستئصال الورم وكانت النتيجة إيجابية إذ شفيت من المرض. لكن بعد مرور عام على شفائها، عاد المرض ليتفشى في كل جسمها هذه المرة. على الرغم من ذلك، رفضت الاستسلام، وما زالت تقاوم من أجل أولادها الثلاثة حتى اليوم. تقول إنها تريد أن تعيش لأجلهم وتربيهم حتّى يكبروا.
تتحدّر نسرين من بلدة يافا في فلسطين، وكانت تقيم في مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين في بيروت قبل أن تتزوج. مات والداها وشقيقتاها بعد إصابتهم بمرض السرطان أيضاً. إلا أن تاريخ العائلة هذا لم يكسرها أو يخفها. بعد زواجها، انتقلت مع زوجها للعيش في الضاحية الجنوبية لبيروت، لتسوء بعدها أوضاعهما الاقتصادية، ما اضطرهما للانتقال إلى منطقة بشامون في محافظة جبل لبنان، حيث مكثا مدة ست سنوات قبل الانتقال إلى مدينة صيدا في جنوب لبنان.

تقول نسرين: "خرجت من المدرسة بعدما أتممت الصف السادس أساسي. بعدها، بدأت العمل في محل لبيع الملابس في بيروت. حتى بعد زواجي، لم أتوقف عن العمل، بل ثابرت وعملت لمساعدة زوجي في محله". وبعدما تزوجت وأنجبت أطفالها الثلاثة، أُصيبت بسرطان المعدة. في هذه المرحلة، "ساندني زوجي إلى أن شفيت من المرض. لكن عاد إليّ المرض مرة جديدة لينتشر في كل جسمي".
لدى إصابتها بالسرطان أول مرة، اعتمدت في علاجها على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي كانت تقدم لها نصف المبلغ الذي تحتاجه للعلاج. لكن بعد حصول زوجها على الهوية اللبنانية كونه من مكتومي القيد (لبنانيون غير حاصلين على بطاقة الهوية الوطنية)، وحصولها على الجنسية اللبنانية، باتت قادرة على الاعتماد في علاجها على وزارة الصحة، لافتة إلى أنها تحتاج إلى جلسة علاج كيميائية أسبوعياً. 
وتحكي نسرين المزيد عن معاناتها. "بعدما انتشر المرض في جسمي مرة ثانية، أجريت عملية استئصال للأورام، وقد أخبرني الطبيب أن احتمال الشفاء ضئيل لأن نسبة انتشار المرض في جسمي كبيرة. لكنني اليوم، وبفضل العلاج الكيميائي، صرت أفضل بكثير، وقد شفيت بنسبة 90 في المائة". 
بعدما تخلى زوجها عنها، اضطرت إلى العمل بسبب عدم وجود معيل. فتحت محلاً في منطقة الراهبات في مدينة صيدا، وصارت تبيع بعض المواد الغذائية الأساسية والخضر بالإضافة إلى مواد التنظيف. وحدث أن زاد صاحب المحل بدل الإيجار في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، فاضطرت إلى الاستجابة بسبب ضيق الخيارات". تقول: "أعتمد على نفسي وأساعد أسرتي وأربي أولادي وأؤمن احتياجاتهم"، وإن كان دخلها لا يكفيها. إذ تقول إن المبالغ التي تدفعها أكثر مما تجنيه، منها بدل إيجار محلها وثمن البضاعة، بالإضافة إلى ما تدفعه للعلاج وإن كان اعتمادها الأكبر على وزارة الصحة. "لكنّني لن أتراجع على أمل أن تتحسّن أوضاعي المادية، ويتحسن الوضع الاقتصادي في البلاد".
تقول: "أريد أن أقاوم حتى أشفى نهائياً من هذا المرض. ليس لدي من يساعدني. أمي وأبي توفيا ولدى أشقائي عائلاتهم، وبالكاد يستطيعون تأمين احتياجاتهم". تتابع: "لم أنتهِ بعد من العلاج الكيميائي. بعدما أجريت الفحوصات، تبين أن نسبة انتشار المرض في جسدي تراجعت بشكل كبير. وطلب مني الطبيب الاستمرار في العلاج الكيميائي إلى أن أشفى بشكل نهائي. قبل إصابتي بالمرض، لم أكن محجبة. لكنني اتخذت هذا الخيار بعدما تغير شكلي، ولم أعد أشبه نفسي قبل أربع سنين. وأشكر ربي على كل شيء".
تنهي نسرين كلامها بالقول: "تأقلمت مع المرض بعد أربع سنوات من المعاناة، لكنني لن أستسلم له نهائياً. لدي فرصة للعيش والحياة ما زالت أمامي. وحتى لو لم أرغب بالعيش، إلا أنني متمسكة بالحياة من أجل أولادي". 

في عام 2018، احتلّ لبنان المرتبة الأولى بين دول غرب آسيا في عدد الإصابات بمرض السرطان قياساً بعدد السكان، بحسب تقرير أصدرته الوكالة الدولية لأبحاث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية. ولفت التقرير الى أن هناك 242 مصاباً بالسرطان بين كل 100 ألف لبناني، فيما سُجلت أكثر من 17 ألف إصابة جديدة في 2018، ونحو تسعة آلاف وفاة بالمرض.

المساهمون