في مخيّم عين الحلوة للّاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا (جنوبيّ لبنان)، تسعى نساء كثيرات إلى الالتحاق بورش العمل أو المبادرات الهادفة إلى تمكينهن أو دعمهن أو تلك التي قد تُتيح لهن فرص عمل. ويعدّ مشروع "نساء مبادرات" من ضمن المبادرات التي دعمتها جمعية "أحلام لاجئ" في المخيم، ويهدف إلى تمكين سبع نساء ويستمرّ على مدى أربعة أشهر.
وتلقى هذه المبادرات اهتماماً كبيراً من قبل النساء في المخيّم، وخصوصاً أن بعضها يُتيح لهن إيجاد عمل، وبالتالي توفير بدل مادي. وتحتاج كثيرات إلى المشاركة في إعالة أسرهن نتيجة لتردي الأوضاع الاقتصادية في لبنان، وخسارة كثيرين أعمالهم.
خلال الأسبوع الأوّل لإطلاق المشروع، خضعت النساء اللواتي اخترنَ لدورات تدريبية بهدف تعزيز مهاراتهن الحياتية. وبالتعاون مع منظمة "أطباء بلا حدود"، شاركن في لقاء توعوي حول كيفية الوقاية من فيروس كورونا، وتعقيم كل ما يتعلق بالمطبخ في أثناء الطهو. كذلك، خضعن لورشة عمل حول أهمية العمل التطوعي وحل النزاعات، وأخرى تتعلق بالطهو، مع التركيز على كيفية إعداد المأكولات الشعبية، بحسب المواصفات الصحية من جهة، وكيفية تنسيق مائدة الطعام وتزيينها من جهة أخرى.
في هذا السياق، تقول منسّقة المشروع رشا ميعاري إن المشروع يهدف إلى تمكين المرأة اقتصاديّاً في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة في المخيم، بالإضافة إلى دعم المرأة من الناحية النفسية نتيجة للأزمات الكثيرة التي تعيشها في الوقت الحالي، والتي تضاف إلى أزمة اللجوء ونقص الخدمات في المخيّم وغير ذلك. تضيف: "من هنا جاء مشروع نساء مبادرات"، لافتة إلى أنه "رسالة لكل امرأة ليكون لها دور في مجتمعها ولتحدي العوائق وما تعيشه من ضغوط على المستويات كافة".
تتابع ميعاري قائلة إن المشروع يستهدف العائلات الفقيرة في المخيم التي ترفض طلب المساعدة، إذ يوفر ما بين أربعين وخمسين وجبة طعام يومياً.
إحدى المشاركات، وتُدعى رانيا أحمد خليل (36 عاماً)، وتقيم في مخيم عين الحلوة، وهي أم لأربعة أولاد، تقول لـ "العربي الجديد": "لم أتمكن من متابعة تعليمي، وبالتالي لم أستطع إيجاد فرصة عمل ومساندة زوجي في مواجهة الحياة الصعبة في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد عموماً والمخيم خصوصاً. لذلك، قررتُ الانضمام إلى نساء مبادرات والمشاركة في إعداد وجبات الطعام وتوزيعها على العائلات المحتاجة في المخيم، الأمر الذي ساعدني على الاستفادة مادياً. وفي بعض الأحيان، أحصل على وجبة جاهزة". تضيف أنّها تشعر بالسعادة لمساهمتها في مساعدة الفقراء. صحيح أن وضعها الاقتصادي ليس أفضل بكثير، إلا أن أحوال بعض العائلات أسوأ من حالها.
زوجها اليوم عاطل من العمل نتيجة تدهور الظروف المعيشية والاقتصادية نتيجةً لارتفاع سعر الدولار. يومياً، يتوجه إلى "حسبة" صيدا (سوق جملة للخضار والفاكهة) القريبة من المخيّم علّه يجد أي عمل، كالمساعدة في حمل البضائع على سبيل المثال. إلا أنه بالكاد يحصل على خمسة آلاف ليرة لبنانية (نحو ثلاث دولارات بحسب سعر الصرف الرسمي). وتقول إنّه عادة ما يجد عملاً يومياً. لكن اليوم، أكثر ما يريحها أن جميع أولادها في المدرسة.
أما إيمان عثمان (43 عاماً)، التي تتحدّر من بلدة عمقا (قضاء عكا) في فلسطين، وتقيم في مخيم عين الحلوة، فتقول: "قررت الالتحاق بالمشروع بهدف تمكين نفسي اقتصادياً". تضيف أنّ زوجها كان قبل الأزمة الاقتصادية يعمل في مجال الطلاء، إلا أنّ كلّ شيء تغير في الوقت الحالي. تتابع أنّ مساعدة العائلات المحتاجة شجعتها على الالتحاق بالمبادرة "وفي بعض الأحيان نحصل على وجبات أيضاً. أشعر بسعادة عندما أساعد في مشاريع كهذه، فضلاً عن الاستفادة المادية".
أما زينب محمود درويش (39 عاماً)، التي تتحدر من بلدة الناعمة (تبعد 26 كيلومتراً شمال شرق مدينة صفد) في فلسطين، وتعيش في مخيم عين الحلوة، ولديها ثلاثة أولاد، فتقول إن زوجها يعمل سائق سيارة أجرة لدى شركة تأجير سيارات، وبالكاد يستطيع تأمين بدل إيجارها ومصاريفها. "لذلك، قررت العمل ضمن مشروع نساء مبادرات. عندما أخرج من البيت، أشعر براحة نفسية، لأن الضغوط التي نعيشها في المخيم تؤثر بنا كثيراً. وفي الوقت نفسه، أتاحت لي التجربة التعرف إلى أشخاص جدد. من الناحية الاقتصادية، أحصل على بدل مادي لقاء عملي وإعداد الطعام للعائلات المحتاجة في المخيم. صحيح أننا نحصل على وجبات أحياناً، إلا أنني أفضل أن يحصل آخرون ممّن لا يستطيعون تأمين طعام على وجبتي. من خلال عملي وعمل زوجي، أستطيع شراء ما أحتاجه، لكن غيري لا يستطيع ذلك".