نشرت وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية، اليوم الجمعة، البرنامج التربوي الخاص بالمدارس الذي يتناول الأزمة الاجتماعية الناجمة عن خطة التعديلات القضائية التي يقودها الائتلاف الحاكم بهدف إضعاف القضاء، والخلافات الكبيرة التي تركتها في المجتمع الإسرائيلي ما بين مؤيّد ومعارض للخطة.
وجرت العادة أن تختار وزارة التعليم موضوعاً سنوياً تركّز المدارس على مناقشته مع التلاميذ في مختلف المراحل على مدى عام دراسي كامل. وقد رأت من المناسب، قبيل انطلاق العام الدراسي الجديد 2023-2024 في سبتمبر/ أيلول المقبل، مناقشة حالة الاستقطاب الكبيرة في الشارع الإسرائيلي، من خلال برنامج " التربية لجميع الآراء - نتعلّم إدارة الخلافات"، والذي جاء ليتيح للمعلّمين والتلاميذ مناقشة القضايا الاجتماعية والسياسية المثيرة للجدال والخلافات حولها، مع الحثّ على قبول الآراء المختلفة.
وسوف يُمرّر البرنامج الجديد ابتداءً من مرحلة الروضة حتى الصف الثاني عشر في المرحلة الثانوية، وفقاً للقدرة الاستيعابية والإدراكية لكلّ مرحلة، وسوف يتيح نوعاً من المرونة من أجل الإجابة على احتياجات المدارس المختلفة.
وبينما يُمنَح التلاميذ في مرحلة الروضة وكذلك المرحلة الابتدائية أدوات لإجراء مناقشات وتعلّم الإصغاء إلى الآخر، سوف يتعامل تلاميذ المراحل الإعدادية مع صياغة وتطوير تفكير نقدي. أما تلاميذ المرحلة الثانوية فسوف يتعلّمون عن خطة التعديلات القضائية، وعن الخلافات بشأنها بين مختلف شرائح المجتمع.
وكتب وزير التربية والتعليم الإسرائيلي يوآف كيش، في تعميم خاص بالمعلّمين وسائر الكوادر التربوية، أنّ "في أعقاب المناخ الاجتماعي-السياسي الذي نعيشه في هذه الأيام، تنشأ انقسامات عميقة في المجتمع الإسرائيلي، ويتعرّض تماسكنا كمجتمع وكدولة للضرّر، كذلك نشهد عنفاً وعدم تسامح واحترام ومسّاً بالقيم الاجتماعية والأخلاقية، ولا يسلم كادر التعليم والتلاميذ من هذا الوضع".
ورأى كيش أنّ "لجهاز التربية والتعليم دورا مهمّا في إيجاد تواصل ولغة مشتركة بين مختلف المجموعات السكانية في المجتمع الإسرائيلي. وسوف يُصار إلى توفير أدوات للتعامل مع الصراعات، وسوف يكون العام الدراسي المقبل مخصّصاً لتقبّل الآراء المختلفة، وتعزيز التماسك الاجتماعي والتضامن ومنع الاستقطاب الاجتماعي".
وقد تدلّ هذه الخطوة، المتّخذة من قبل وزارة التربية والتعليم، على عمق الشرخ في المجتمع الإسرائيلي الذي وصل حتى إلى الأجيال الجديدة، وعلى المخاوف الإسرائيلية من نشوء جيل يعمّق حالة الاستقطاب والكراهية.
تجدر الإشارة إلى أنّ خطة التعديلات القضائية عزّزت الخلافات في الحلبة السياسية والمجتمع الإسرائيلي عموماً، وطاولت تبعاتها حتى جيش الاحتلال، بإعلان عدد كبير من جنود الاحتياط عدم التطوّع للخدمة العسكرية احتجاجاً على خطة إضعاف القضاء، ونتيجة مخاوفهم من تعرّض مسؤولين في الجيش إلى محاكمات دولية بعد إضعاف المحكمة العليا. كذلك انتظم عدد من الأطباء، على سبيل المثال لا الحصر، في مجموعات من أجل البحث عن دول أخرى ينتقلون للعيش فيها، بالتزامن مع استمرار الاحتجاجات.