يقع سوريون كُثر في شرك مهربي البشر، ويتعرضون لخداع وعدم مبالاة بالمصير الذي سيواجهونه في رحلة الهجرة السرية الخطرة إلى أوروبا، حيث ينشدون حياة أفضل ينعمون فيها باستقرار وأمان. ويغري المهربون الشبّان دائماً بسلوك طرق جديدة، بينها السفر إلى دول تمنح تأشيرة سفر "فيزا" لحملة الجوازات السورية، والتي يستخدمونها في سلوك طرق التهريب نحو دول في الاتحاد الأوروبي، والتي قد تعرضهم لخطر الموت.
في رسالة استغاثة، يتحدث 9 سوريين بينهم 8 أكراد من محافظة الحسكة وقعوا مع شخص من النيبال ضحية مغريات مهربي البشر، لـ"العربي الجديد"، عن تعرضهم لمعاملة سيئة من سماسرة تهريب أخذوا منهم مبالغ مالية كبيرة في سبيل تنفيذ رحلة الهروب المحفوفة بالمخاطر.
يتحدث أحمد المتحدر من مدينة القامشلي عمّا حلّ به، وكيف سلك مع باقي أفراد المجموعة درب المهربين، ويقول: "توجهت من القامشلي إلى إقليم كردستان العراق، بالتنسيق مع سمسار أبلغني أنه سيؤمن وصولي إلى أوكرانيا. هناك انتظرت أسابيع من أجل إنجاز الأوراق، ثم وصلت إلى أوكرانيا عبر سلوك طريق برية، في حين كان المهرّب وعدني بالانتقال عبر الطائرة. من هنا تعرضت لكذب المهرّب واحتياله بعدما دفعت له 10,500 يورو (نحو 12,312 دولاراً). وبعدما دخلت إلى أوكرانيا بقيت مدة فيها، ثم انتقلت قبل 3 أشهر إلى بولندا، حيث لا أزال عالقاً حتى اليوم مع شبان آخرين". يضيف أن "الطريق إلى أوكرانيا تضمنت عبور غابات ووديان. وحالياً نحتاج إلى المساعدة للوصول إلى أوروبا، إذ إننا لم نتناول أي طعام منذ أيام، باستثناء حبات تمر بقي منها القليل. ونحن نعلم أنه إذا اعتقلنا في بولندا سيزجّ بنا في السجن، ونرحّل إلى لبنان أو سورية، أو سيجبر كل منا على دفع مبلغ ألفي يورو من أجل إخلاء سبيلنا. كما نطالب أية جهة حقوقية بحمايتنا، لأننا لا نريد العودة إلى سورية، حيث سنودع في السجن".
أيضاً، يروي روبين فواز المتحدر من مدينة القامشلي تفاصيل عملية الاحتيال التي تعرض لها من قبل مهرب، ويقول: "قررت مع أربعة من أصدقائي مغادرة سورية بسبب الوضع المعيشي السيئ، واتفقنا مع مهرّب أوصى به صديق لي على تأمين طريق لعبورنا الحدود. وخلال الفترة التي سبقت حسمنا لقرار المغادرة، زاد اقتناعنا بجدوى الخطوة ونتائجها الإيجابية على حياتنا، خصوصاً في ظل التقارير الكثيرة المتداولة إعلامياً وعبر وسائل التواصل الاجتماعي عن خروج شبان كُثر إلى أوروبا، والذي مثل لنا نموذجاً يمكن أن نحذوه، علماً أن بعضهم وصلوا إلى أوروبا خلال عشرة أيام". يضيف: "أبلغنا المهرّب أن الطريق مضمون ويخلو من أية عقبات ومشكلات، وحدد كلفة الرحلة بمبلغ يتراوح بين 1500 و4000 دولار لبلوغ تركيا، فوافقنا على دفع مبلغ 4000 دولار الأعلى شرط الوصول إلى مدينة إسطنبول".
وويشير إلى أنه "في اليوم المحدد، استقللنا سيارة فان أوصلتنا إلى الحدود التركية، فأبلغنا المهرّب أنه يجب أن نجتاز الجدار الفاصل، والركض إلى داخل الحدود، لكن 4 عسكريين أتراك طوقونا بعدما أوقفوا مسارنا عبر إطلاق النار على مسافة قريبة منا. وقد تعرضنا للضرب فكسرت يدي وباتت في وضع سيئ جدا، وتحتاج إلى عملية جراحية. وأخذ العسكريون الأتراك المال مني، ووضعوني قرب الجدار الحدودي الفاصل، وطلبوا مني العودة من حيث أتيت فأسعفني أصدقائي ونقلوني إلى مستشفى في مدينة عامودا، حيث أجرى طبيب جراحة لي". يختم: "حالياً ما أزال أعاني صحياً ونفسياً من الحادثة وعملية التهريب الفاشلة التي لم أتوقعها، علماً أن المهرّب اختفى ولم نعلم أي شيء عنه، ما يجعلنا شبه متأكدين من أننا وقعنا في كمين بهدف إهانتنا".