يطالب ناشطون بيئيون تونسيون بضرورة تحصيل البلاد مكاسب على هامش مشاركتها في مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ (كوب 27) الملتئمة في مدينة شرم الشيخ المصرية، والاستفادة من مناقشات تعويض البلدان المتضرّرة، فتونس بالنسبة إليهم تدفع غالياً ثمن التحوّلات المناخية الناجمة عن الاحتباس الحراري.
ويخشى الناشطون من مشاركة صورية للمسؤولين التونسيين في "كوب 27"، مشدّدين على أهمية حصول تونس على مساعدات مالية وتقنية لتحقيق الانتقال في مجال الطاقة، وتقليص آثار الحرائق والتحوّلات الناجمة عن التلوّث البيئي وانبعاثات غازات الدفيئة.
وكشفت دراسة رسمية أعدّتها وزارة البيئة التونسية ونشرتها قبل عام أنّ التغيّر المناخي سوف يؤثّر بشكل مباشر على عيش التونسيين من خلال فقدان الطبيعة مواردها. وأضافت الدراسة أنّ البلاد سوف تواجه نقصاً حاداً في محاصيل الحبوب بسبب جفاف نحو ثلث المساحات الزراعية، والتي يُرجَّح أن تبلغ مساحتها مليون هكتار فقط بحلول عام 2030، وحذّرت من أنّ قطاع الزراعة الحيوي الذي يمثّل 14.2 في المائة من الناتج الداخلي، يواجه خطر فقدان نحو ألف فرصة عمل سنوياً.
وأوضحت الدراسة نفسها أنّ طقس تونس سوف يتحوّل إلى أشدّ حرارة وجفافاً، بسبب التغيّرات في كميات الأمطار الموسمية المتساقطة، وارتفاع مستوى سطح البحر، ودرجة ملوحة المياه وحموضتها.
وفي السياق نفسه، يشير الخبير البيئي حمدي حشاد، متحدثا لـ"العربي الجديد"، إلى "عدم استغلال السلطات التونسية مؤتمرات المناخ السابقة للدفاع عن مصالحها والحصول على تعويضات من جرّاء تضررها من الاحتباس الحراري الناجم عن انبعاثات الغازات، على الرغم من أنّها دولة غير ملوّثة".
ويوضح حشاد أنّ "الحصول على تعويضات مباشرة بسبب أضرار المناخ قد يستغرق سنوات طويلة، غير أنّ الحصول على مساعدات تقنية وهبات وقروض لتسهيل الانتقال في مجال الطاقة ومكافحة آثار التحوّل المناخي أمر ممكن".
يضيف حشاد أنّ "المسار التونسي في مناقشة الحصول على تعويضات عن الخسائر والأضرار الناتجة عن الكوارث المناخية غير صحيح، نظراً إلى عدم الاعتماد على متخصصين وخبراء في الدفاع عن مصالح البلاد، في ظلّ منافسة كبيرة بين الدول المتضرّرة لتحصيل أكبر قدر ممكن من التعويضات".
وكان الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ سيمون ستيل قد أعلن في "كوب 27" موافقة الوفود المشاركة رسمياً وللمرّة الأولى على مناقشة ملف تعويضات الخسائر والأضرار الناتجة عن الكوارث المناخية.
ويقول المتحدث الرسمي باسم "شبكة تونس الخضراء" (مجموعة منظمات بيئية) حسام حمدي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الشبكة لم تشارك في كوب 27 من ضمن فرق النقاش الخاصة بالمجتمع المدني"، مشيراً إلى أنّ "مسألة التعويضات أمر يتجاوز تونس، وهو قرار سيادي للدول الكبرى".
ويضيف حمدي أنّ "المنظمات المدنية تفضّل العمل على تحسين الواقع المناخي والبيئي عبر مشاريع محلية تحدّ من تأثيرات الاحتباس الحراري والجفاف".
ويلفت المتحدث إلى أنّ "مخرجات مؤتمرات المناخ السابقة، من بينها مؤتمر باريس (كوب 21) ومؤتمر غلاسكو (كوب 26)، لم تُنفَّذ، وهو ما يحبط المنظمات المدنية المدافعة عن قضايا البيئة ويحوّل وجهتها نحو مشاريع محلية أكثر جدوى".
تجدر الإشارة إلى أنّ تونس تُصنَّف من بين الدول شديدة الحساسية للتغيّر المناخي، بحسب التقرير السادس للهيئة الدولية لخبراء المناخ الصادر أخيراً.
وتشارك تونس في مؤتمر "كوب 27" من خلال وفد وزاري تقوده رئيسة الحكومة نجلاء بودن.
وبحسب بيان صادر عن رئاسة الحكومة، فإنّ الوفد يشارك في طاولات حوار رفيعة المستوى، كما تشارك بودن في الحوار حول آليات التمويل الجديدة للمناخ والتنمية، وحول موضوع الاستثمار في مستقبل الطاقة.