طالبت جمعيات نسائية تونسية، الأربعاء، بوضع قوانين تحمي الناشطات من العنف في الفضاء الرقمي، بعد تنامي استهداف النساء على شبكات التواصل الاجتماعي بشكل عام، ما يسبب لهن أضراراً نفسية لا تجبُرها قوانين مكافحة للعنف ضد النساء.
وأثارت جمعية "أصوات نساء" (غير حكومية)، اليوم، على هامش تقديم "دراسة حول العنف الرقمي ضد الناشطات"، مسألة القصور القانوني للتصدي لهذا النوع من الجرائم الذي تتعرض له تونسيات فاعلات في الشأن العام.
وجاءت توصيات الدراسة بضرورة وضع أطر قانونية تجرّم العنف الرقمي المسلط على الناشطات، بعد عمل توثيقي لرصد أشكال الاعتداء عليهن في الفضاء السيبراني في الفترة ما قبل وبعد الاستفتاء على دستور تونس الجديد في يوليو/تموز 2022.
وقالت المكلفة بالشؤون القانونية في جمعية أصوات نساء، سارة المديني، إنّ "الدراسة اعتمدت على تحليل مضامين التعاليق في الصفحات الرسمية لعدد من وسائل الإعلام والصفحة الرسمية للجمعية وغطت مجموعة من أشكال العنف منها السب والشتم والشيطنة والمس بالحرمات".
وأكدت المديني لـ"العربي الجديد"، أن "العنف الرقمي تجاوز الشتم والشيطنة واستهداف الأعراض في بعض الحالات ليتحول إلى تهديد بالقتل والتصفية"، معتبرة أن "هذه الجرائم الخطيرة غير مصنفة قانونية ولا تدخل ضمن طائلة قانون أغسطس/آب 2017 لمكافحة العنف ضد النساء".
وأشارت المتحدثة إلى أن "ناشطات من مختلف المجالات أدلين بشهادات حول تأثير "السحل الإلكتروني " الذي يتعرضن له على نفسياتهن وأسرهن"، موضحة أن "تداعيات هذا العنف يختلف من حالة إلى أخرى بحسب القدرة على تحمّله وتجاوز آثاره بسهولة".
وبيّنت المسؤولة القانونية بجمعية "أصوات نساء"، "أن استهداف النساء في الفضاء الرقمي يؤكد العقلية الذكورية التي تطغى على المجتمع، حيث يبرز ذلك من خلال استهداف أعراض الناشطات واستباحة أجسادهن حتى عبر فبركة مقاطع فيديو وقرصنة الحسابات".
وأثارت سارة المديني مواضع النقص في القانون الأساسي المكافح للعنف ضد النساء، مؤكدة أنه "بعد خمس سنوات من إصداره تبيّن قصور هذا النص في حماية النساء من العنف في شبكات التواصل الاجتماعي، وهو ما يتطلّب إعادة النظر في بعض بنوده وإتمامها ببنود جديدة تأخذ بعين الاعتبار ظواهر العنف السيبراني".
وفي أغسطس/آب من سنة 2017، أصدرت تونس أول قانون أساسي لمكافحة العنف ضد النساء بمناسبة العيد الوطني للمرأة.
وكان هدف هذا القانون وضع التدابير الكفيلة بالقضاء على كل أشكال العنف ضد المرأة، القائم على أساس التمييز بين الجنسين، من أجل تحقيق المساواة واحترام الكرامة الإنسانية، وذلك باتباع مقاربة شاملة تقوم على التصدي لمختلف أشكاله بالوقاية وتتبع مرتكبيه ومعاقبتهم وحماية الضحايا وتعهدهم.
يشمل هذا القانون كل أشكال التمييز والعنف المسلط على المرأة القائم على أساس التمييز بين الجنسين مهما كان مرتكبوه وأيّا كان مجاله.
الباحثة المختصة في علم الاجتماع، فتحية السعيدي، قالت في تصريحات إعلامية اليوم الأربعاء، إن" الهدف من العنف المسلط على الناشطات النسويات في الفضاء الرقمي هو تكميم أفواههن"، مؤكدة أن" هناك صفحات معينة استهدفت الصحافيات ووصلت في بعض الأحيان إلى التهديد بالقتل".
وعام 2021 كشفت دراسة استطلاعية أعدّها مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة بتونس، حول العنف الرقمي على "فيسبوك"، أنّ 51 بالمائة من النساء اللواتي شملهنّ الاستطلاع تعرّضن للعنف اللفظي و24 بالمائة للعنف الجنسي. كما بيّنت النتائج، أنّ 71 بالمائة من مرتكبي العنف هم من الرجال، وأنّ 60 بالمائة من النساء اللواتي يستخدمن "فيسبوك" لا يشعرن بالأمان في الفضاء الرقمي.