نازحو عين الحلوة.. مساعدات "أونروا" لا تشمل الجميع

26 أكتوبر 2024
في أحد مراكز الإيواء (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- النزوح والبحث عن الأمان: تصاعد العدوان الإسرائيلي على لبنان أجبر العديد من اللبنانيين واللاجئين الفلسطينيين على النزوح من المناطق الجنوبية، حيث لجأ البعض إلى مدارس في صيدا أو إلى أقاربهم، وسط نقص في الخدمات الأساسية رغم خطة الطوارئ المعلنة.

- التحديات الصحية والمعيشية: يعاني النازحون من نقص في الخدمات الصحية والغذائية، حيث يواجهون صعوبة في الحصول على الأدوية والرعاية الصحية اللازمة، مما يزيد من معاناتهم في ظل الظروف المعيشية الصعبة.

- الاستجابة المحدودة والدعوات للتمويل: لم تقدم "أونروا" الدعم الكافي للنازحين، حيث أطلقت نداءً لتمويل بقيمة 27 مليون دولار، بينما يعيش النازحون في ظروف غير ملائمة ويفتقرون إلى الدعم المالي بعد فقدان وظائفهم.

بعد تصعيد العدوان الذي تشنه إسرائيل على لبنان، اضطر عدد كبير من اللبنانيين واللاجئين الفلسطينيين الذين يقيمون في مخيمات ومجمعات في المناطق الجنوبية إلى ترك بيوتهم والتوجه إلى أماكن أكثر أمناً. التحق البعض بمدارس في صيدا للإيواء، بعد تسجيل الأسماء والبيانات في مركز بلدية صيدا، فيما توجه آخرون نحو أقارب لهم أو استأجروا بيوتاً. ما يجمع الكثير من النازحين هو عدم حصولهم على الخدمات التي يفترض أن تقدمها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا". وكانت الوكالة قد أعلنت سابقاً عن خطة طوارئ وضعتها بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية ومنظمات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، بالإضافة إلى أخرى حكومية تعمل ضمن الوسط الفلسطيني، وقد جهزت 12 مركزاً لإيواء النازحين في مناطق مختلفة، منها 11 موجودة في مراكز ومدارس تابعة للوكالة، ومركز قدمته الحكومة اللبنانية في بيروت.

الفلسطيني يوسف محمد مسلم، النازح من مخيم الرشيدية جنوبي لبنان إلى مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا (جنوب لبنان)، يقول: "عندما بدأت التهديدات تصل إلى سكان مخيم الرشيدية، وبعدما وصل القصف إلى مقربة من حاجز الجيش عند مدخل المخيم بالقرب من منطقة الشواكير حيث نسكن، اضطررت وزوجتي وولدي إلى ترك البيت". يتابع: "أعمل في جمع الخردة وأعتاش مما أبيعه. ومنذ أن بدأ العدوان على الجنوب توقفت عن العمل. وفي بداية الشهر الجاري، نزحت نحو مخيم عين الحلوة لدى أقارب لي. لم أفكر في التوجه إلى مركز إيواء بسبب الازدحام الكبير. أنا مريض سكري وأحتاج إلى عناية خاصة". 
يضيف: "منذ جئت إلى المخيم، قدمت جمعية واحدة فقط طرداً غذائياً لنا. عدا ذلك، لم يتصل بنا أحد أو يحاول تقديم الخدمات. حتى أونروا لم تتصل بنا ولم تعمل على تقديم أي مساعدة لنا. نحن اليوم في أشد الحاجة إلى تلك الخدمات بسبب فقدان الأعمال. خسرت عملي، وتركت بيتي تحت وطأة التهديد". يضيف: "أحتاج إلى أدوية سكري وقلب شهرية، وليس في إمكاني شراؤها. توجهت إلى عيادة أونروا في مخيم عين الحلوة للحصول على الأدوية الشهرية، فأعطوني بعضها بسبب عدم توفر جميعها. نطالب أونروا بأن تقدم لنا الخدمات التي نحتاجها على غرار النازحين في مراكز الإيواء. فحتى لو كنا نسكن عند أقارب لنا، فنحن في أمسّ الحاجة إلى تلك الخدمات".
من جهتها، تقول النازحة من منطقة الحوش في منطقة صور، جنوبي لبنان، أم حسين: "أعيش مع ابني وابنتي اللذين يعملان في محلات لتأمين مصروفنا وبدل إيجار المنزل. وعندما بدأ العدوان وصار القصف يطاول مناطق عدة، نزحت مع ولدي وخسرا عملهما. توجهنا في البداية إلى مدرسة تابعة لأونروا، حيث الغرفة تضم حوالي 24 شخصاً. أعاني من الربو ولا أستطيع تحمّل هذا الوضع. بقيت يومين في المدرسة ثم توجهت إلى مخيم عين الحلوة، لدى خالتي. ومنذ ذلك الوقت لم يتواصل معي أحد. مؤسسات عديدة تأتي وتسجل أسماءنا وتذهب. حتى اليوم لم نحصل إلا على طرد غذائيّ قدمته لنا إحدى الجمعيات".  
تتابع: "منذ أن جئنا إلى المخيم، لم تجر أونروا أي إحصاء للنازحين الفلسطينيين الذين قدموا إلى المخيم، ولم يقدموا لنا أي خدمات. نحتاج إلى فراش وأغطية ووسادات. خالتي تعيش وحدها وأوضاعها المادية صعبة. ليس لديها معيل ولا تتوفر حاجياتنا لديها. ننام على الكنبة. توجهت إلى عيادة أونروا للحصول على الدواء لي ولأولادي، فابني مصاب بمرض السكري، وابنتي مريضة بالتلاسيميا، ويحتاجان إلى أدوية. رفضوا إعطائي الدواء. علماً أنني أظهرت لهم بطاقة الإعاشة، وأبلغتهم بأنني نازحة. كنا نعيش في بيوتنا أعزاء ولا نحتاج إلى شيء، لكن اضطررنا إلى الخروج. نحن بحاجة ماسة لكل شيء اليوم". وتقول: "أمام هذا الواقع، وعدم تقديم الخدمات، أفكر في أن أعود إلى المدرسة تحت أي ظرف كان. سأحاول التحمل لكنني بحاجة إلى كل شيء. على الأقل، يقدمون في المدارس وجبة غذائية نحن محرومون منها".

المساعدات لا تشمل جميع النازحين (العربي الجديد)
المساعدات لا تشمل جميع النازحين (العربي الجديد)

إلى ذلك، تقول النازحة من منطقة الحوش إلى مخيم عين الحلوة، الفلسطينية زهراء علي حشاش: "منذ بداية العدوان نزحت وزوجي وابني (11 شهراً) من البيت. توجهنا إلى إحدى المدارس في صيدا بعدما سجلنا أسمائنا. بقيت يومين في المدرسة. لكن بسبب عدم توفر المياه والبيئة الصحية غير الملائمة للأطفال، وتغيير نوع الحفاضات والحليب لابني، مرض فتركت المدرسة وتوجهت للسكن في بيت أمي الموجود في مخيم عين الحلوة. أبي وشقيقي شهيدان، وليس لدى أمي معيل، وهي بالكاد تستطيع أن تساعد نفسها. كما أنني دعوت جيراني الموجودين معي في المبنى حيث كنت أسكن للمجيء إلى بيت أمي الذي يتألف من غرفتين فقط، إلى حين تدبّر أمرهم، فلم يكن لديهم مكان يلجؤون إليه".
تتابع: "بقينا أسبوعاً كاملاً من دون فراش، ننام على الأرض، إلى أن قدمت لنا إحدى المؤسسات الفراش، وحصلنا على طرد غذائي إلا أنه غير كاف. أحتاج إلى حليب لابني"، لافتة إلى أنه "ليس هناك من يقدم الحليب. أطلب من جيران أمي مساعدتي لشراء علبة حليب لابني لأنه معتاد على نوع معين، وإذا أكل غيره سيتضرر، وكذلك الأمر في ما يتعلق بالحفاضات. صرت أشتري له أنواعاً رخيصة بدولار أو دولارين حتى تحسّس جلده".
وتوضح: "ظل ابني ثلاثة أيام ينام على الأرض بلا وسادة ولا بطانية. يحتاج إلى ملابس، فقد تركنا بيوتنا من دون أن نحمل معنا أي شيء، ولم تسأل أي مؤسسة فلسطينية عن أحوالنا. حتى أونروا لا تقدم لنا المساعدات. سجلنا أسماءنا لدى كثيرين، لكن ما من أحد قدم لنا مساعدات. حتى أن إحدى المؤسسات التي توجهت إليها للحصول على حفاضات للأطفال، أعطتني حفاضات لعمر الشهرين. وحين أخبرتها أنها غير مناسبة لعمر ابني، صرخت في وجهي: هذا هو الموجود الآن".
تتابع: "نشعر بالذل، حتى إنني قصدت عيادة الوكالة للحصول على علاج لابني بسبب التقرحات في جلده جراء نوعية الحفاضات وعدم توفر المياه في المدرسة التي كنت فيها، ومرضه لاستخدامي المياه الباردة عند التغسيل له. رفضوا استقبالي ولم يقوموا بعلاجه، وأبلغت أنه عندما تأتي الموافقة على تقديم العلاج والأدوية للنازحين تحضرين إلى العيادة لتحصلي على ما تريدين. كما أن ابني بحاجة إلى لقاح عند إتمامه عامه الثاني عشر من العمر، أي بعد أيام. لا أعلم إن كانت أونروا قد توفره له".
وتقول حشاش: "منذ تركنا بيتنا توقف زوجي عن العمل، وهو لم يأت معي إلى بيت أمي، بل ظل في المدرسة بسبب عدم وجود مكان هنا. يحاول العمل خلال النهار، ويحصل في نهاره على خمسة دولارات. أعمل على الاتصال بجمعيات ومؤسسات عديدة من أجل الحصول على حليب لابني، لكن لا أحد قدم لي المساعدة". تضيف أن "جارتها التي نزحت من صور، وتعاني من مرض السكري، أصيبت بنوبة سكري وكانت في حاجة إلى الإنسولين. توجهنا نحو أونروا وطلبنا الحصول على الإنسولين، لكنها لم تعطنا. توجهنا إلى مستشفى الهمشري للحصول على العلاج". في الوقت نفسه، تواصلت مع شباب في الحي من أجل تأمين الإنسولين.

إلى ذلك، يقول مدير المكتب الإعلامي لأونروا في لبنان، فادي الطيار، رداً على عدم تلقّي النازحين الفلسطينيين الموجودين لدى أقارب أو أصدقاء لهم في المخيم، إن الوكالة أطلقت نداء طلبت فيه تمويلًا بقيمة 27 مليون دولار لتقديم الخدمات، وفي حال حصلت على التمويل، ستعمل على تقديم خدماتها لهم.
أما الفلسطيني رضا توفيق الزيباوي، النازح من صور والمقيم حالياً في مخيم عين الحلوة، فيقول: "عندما نزحنا من صور توجهنا إلى مدرسة. وضعت وجيراني وعددنا 45 شخصاً في غرفة واحدة، وهذا لا يناسبني، خصوصاً أن أمي تعاني من السكري، وتحتاج إلى دخول الحمام باستمرار. تركت المدرسة وجئت إلى عين الحلوة بعدما عرفت أن شخصًا يقدم منزله للنازحين من دون أجر. تواصلت معه، وقدم لنا بيته حيث نسكن الآن. ومنذ جئنا إلى هنا، لم يقدم لنا أحد أية مساعدة، والمال الذي كان في حوزتنا نفد. كنت أعمل في إيصال الطعام لدى مطعم في صور. بسبب الحرب، خسرت عملي كما خسر آخرون أعمالهم".

المساهمون