نازحو المخيمات السورية يفتقدون منازلهم في العيد

13 مايو 2021
يحاول الأهل إدخال السرور إلى قلوب أطفالهم (عزالدين القاسم/ الأناضول)
+ الخط -

في الشمال السوري، يحاول النازحون في المخيمات إدخال بهجة العيد إلى قلوب أطفالهم عبر تحضير الحلويات وشراء ما أمكن من ملابس. تُعد يسرى السعيد (42 عاماً) المهجرة من ريف حمص الشمالي، إلى مخيم البركة القريب من بلدة دير حسان في الريف الشمالي لإدلب، حلويات العيد، بمشاركة قريباتها المقيمات معها في المخيم ذاته. تقول لـ"العربي الجديد": "حلويات العيد والاجتماع بالأهل والأقارب هي كل ما بقي لنا في الوقت الحالي بعد ثلاث سنوات مضت على تهجيرنا من منطقة الحولة. قمت بتجهيز المعمول والكعك الذي اعتدت على إعداده سابقاً بمشاركة شقيقاتي في المنطقة قبل أن نتفرق. كنا نجتمع في منزل شقيقتي الكبرى بعد الإفطار في شهر رمضان، لنبدأ بتحضير العجين المخصص للكعك والمعمول، ومنا من تتولى موضوع تجهيز النقشات عليه، وأخريات يشرفن على إعداد الخبز في الفرن...".
تضيف السعيد: "في العام الأول بعد تهجيرنا كنا في حالة من الشتات، منشغلين بهمومنا، وفي العام الماضي أيضاً، سَرقت منا الأيام فرحة العيد وجمعة الأهل والأحبة. لكن هذا العام الأمر مختلف تماماً فقد اجتمعتُ مع الجارات في المخيم والقريبات مني، وقمنا بتجهيز الحلويات، إلا أننا لم نستطع تحضير الكمية المعتادة، وذلك بسبب الظروف المعيشية الصعبة التي نمرّ بها". وتمنت السعيد أن تعود البهجة إلى قلوب السوريين، لا سيما الأطفال منهم، بعد أنّ يلتئم شمل العائلات مجدداً.
أما أسامة سليمان، وهو مهجر من ريف حمص الشمالي أيضاً، فأشار لـ"العربي الجديد" إلى أنّ تحضيرات العيد هذا العام اقتصرت على شراء ملابس الأطفال فقط، مضيفاً: "العيد لم يعد يعني الكثير بالنسبة لي، لا سيما بعد التهجير من ريف حمص الشمالي والابتعاد عن العائلة وتشتتها. سيمر هذا العيد حزيناً كما الأعياد السابقة. لم أكن قادراً على تقبيل يد أبي ورأسه ولا أمي كذلك، وأولادي لن يكونوا قادرين على لقاء جديهم، وسنكتفي بمكالمة فيديو معهم.

رجائي الوحيد العودة إلى منزلي الذي أجبرت على مغادرته، وأن أمضي العيد بين الأهل والأقارب. أما هنا، في شمال إدلب، فباتت زيارة الأقارب صعبة كونهم يقيمون في بلدات ومخيمات متفرقة. أتمنى أن يكون عيد الفطر هذا العام عيد أمل لجميع المهجرين والنازحين وأهالي المعتقلين. ورغم أنه أمر صعبُ المنال لكنني أبقى متفائلاً بحدوثه".
ويتشارك النازحون والأهالي في مناطق شمال سورية الظروف المعيشية الصعبة ذاتها، التي دفعت بالكثير منهم إلى التخلي عن التحضيرات لعيد الفطر، بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة.
بدوره، يقول النازح من منطقة سنجار في ريف إدلب الجنوبي، عمار الخضر لـ"العربي الجديد": "منعني الغلاء من شراء ملابس العيد لأطفالي الثلاثة، وهذا الأمر بعث في نفسي الحزن. لكن ضيق الحال وصعوبة المعيشة كانا أقوى من إرادتي على توفير ما يدخل الفرحة إلى قلوب أطفالي. في المقابل صنعت زوجتي بعض الحلويات كمحاولة منها لتذكير الأطفال بأجواء العيد وأنّ أيامه مختلفة عن باقي أيام السنة. سأشتري ألعاباً لهم خلال أيام العيد كهدايا، فأنا لا أريد لهم أن يشعروا بالحزن". ويتابع: "العيد بالنسبة لي يتمثل بالخلاص من الحياة في الخيمة التي لا توفر الراحة وتسلب من يعيشها كل ما تبقى لديه من أمل. العيد هو العودة إلى منزلي في منطقة سنجار جنوبي إدلب، واللقاء بالجيران والأصدقاء. أما ما يخفف عني فهو وجود والدي ووالدتي بجانبي. هذا الشيء الوحيد الجيد بالنسبة لي في هذا العيد". وعبر الخضر عن أمنيته بأنّ تنتهي معاناة السوريين من النزوح والتهجير والاعتقال والقتل، وأن يعودوا إلى منازلهم ويهنئوا بالعيش فيها، بعيداً عن معاناة الحياة في الخيمة.

العيد بالنسبة إلى النازح أحمد أبو خالد (62 عاماً) سيكون كباقي الأيام بعد تهجيره من مدينة معرة النعمان، جنوبي إدلب، إلى مدينة كفرتخاريم، الواقعة في الريف الشمالي للمحافظة نفسها. يصف أحوال العيد هذا العام  قائلاً: "لم يعد باستطاعة عائلتي المشاركة في التحضيرات المعتادة للعيد، ومعظم من أعرفهم من أبناء مدينتي على اختلاف أحوالهم المادية لم يقوموا بأي تحضيرات. رغم ذلك لم نفقد الأمل بالعودة، ولم يتسلل اليأس إلى نفوسنا. لم أعتد تمضية العيد خارج مدينتي التي عشت فيها في ظل أقسى الظروف التي مرت عليها، فقد خرجت منها وهي تدمر تحت قنابل الطائرات".
ولعيد الفطر عند السوريين عادات اجتماعية معروفة، كزيارة الآباء مع أولادهم لبيت العائلة (بيت الجدّ) في صباح اليوم الأول، ومن ثم زيارة الأشقاء لبعضهم البعض، وتليهما زيارة الأقارب والأصدقاء في الأيام التالية. وتُحضّر القهوة المرّة بشكل رئيسي على المائدة كونها مرتبطة بالعادات والتقاليد التي انحسرت نتيجة الشتات والتهجير وظروف تفشي فيروس كورونا. 

المساهمون