- تدهور الوضع الصحي في رفح بشكل خاص، حيث تنتشر البرك الملوثة وأكوام القمامة، مما يفاقم المخاطر الصحية ويؤدي إلى ارتفاع في معدلات الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي أ.
- الأمم المتحدة تحذر من مجاعة وشيكة، مع نصف سكان غزة يعانون من الجوع، في ظل تحديات إنسانية تتطلب تدخلًا عاجلًا لتحسين الأوضاع المعيشية والصحية، لكن القتال المستمر يحد من قدرة تقديم المساعدة.
أدى النزوح الفلسطيني من شمال غزة نحو جنوبها بسبب القصف الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي إلى اكتظاظ الأهالي داخل خيم متلاصقة تفتقر إلى مقومات الحياة الأساسية، في ظل شحّ المساعدات وندرة الغذاء والماء.
ضاعف من معاناة النازحين في رفح أكوام القمامة والبرك الملوثة بمياه الصرف الصحي التي تزحف باتجاه الخيام التي بناها النازحون بما توافر لهم في جنوب قطاع غزة، وهو ما يفاقم المخاطر الصحية التي تهدد الفارين من ويلات القصف الإسرائيلي.
يقول سيد رفيق أبو شنب الذي نزح إلى رفح كغيره من مئات الآلاف هرباً من الحرب: "نعاني من الروائح الكريهة والأمراض، الأطفال يعانون باستمرار من نزلات البرد"، مضيفاً: "المجاري مليئة بالبعوض الذي يقرص وتنتقل العدوى من شخص إلى آخر".
حياة بائسة في رفح
وفي الوقت الذي تحذّر الأمم المتحدة من مجاعة وشيكة بعد أكثر من خمسة أشهر من الحرب الإسرائيلية على غزة، يقول مسؤولو الإغاثة الإنسانية إن واقع الصرف الصحي المتدهور يجعل سكان غزة أكثر عرضة للأمراض.
وقال منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية جيمي ماكغولدريك خلال مؤتمر صحافي الاثنين إن "الصرف الصحي أحد العوامل الرئيسية لأزمة التغذية والأزمة الصحية، بل أود أن أقول لانعدام الأمن الغذائي أيضاً".
وأضاف: "الناس جياع ويفاقم شعورهم بالجوع... تأثر نظامهم المناعي جراء ظروفهم المعيشية. فهم يعيشون في ظروف مزرية وفي مواقع مكتظة".
وحذر تقييم الأمن الغذائي الذي أعدته هيئة مختصة تعمل مع الأمم المتحدة من أن نصف سكان قطاع غزة يعانون من وضع "كارثي من الجوع والمجاعة"، ومن المتوقع أن تضرب المجاعة شماليّ القطاع بحلول مايو/ أيار ما لم يكن هناك تدخل عاجل.
وفي رفح، حيث تقول الأمم المتحدة إن عدد السكان ارتفع من 300 ألف إلى 1,5 مليون منذ أكتوبر/ تشرين الأول بعد نزوح المدنيين بسبب القصف الإسرائيلي، يعيش النازحون حياة بائسة في انتظار هدنة محتملة، ويحاولون تجنب أكوام القمامة المتراكمة في أثناء بحثهم اليومي عن الطعام.
وقال ماكغولدريك: "لا أحد يجمع القمامة"، مشيراً إلى انتشارها بمحاذاة الخيام وعلى جوانب الطرقات، مضيفاً: "هناك أكوام من الأوراق المستعملة والبلاستيك والعلب وبقايا الطعام وغيرها".
تدهور الوضع الصحي في رفح
أدى الوضع الصحي المتفاقم في رفح وأماكن أخرى في قطاع غزة إلى ارتفاع حاد في معدلات الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي أ، وهو التهاب في الكبد ناجم عن فيروس ينتشر من طريق البراز، ولا يهدد الحياة عادة.
وحذر رئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس في يناير/ كانون الثاني من وجود 24 حالة مؤكدة، إضافة إلى "عدة آلاف من الأشخاص المصابين باليرقان ربما بسبب التهاب الكبد الوبائي أ"، مشيراً إلى احتمال انتشار أمراض أخرى مع تدهور الوضع.
وكتب عبر حسابه على منصة إكس: "إن الظروف المعيشية غير الإنسانية بالكاد تسمح بتوفير مياه نظيفة ومراحيض نظيفة وإمكانية الحفاظ على نظافة المناطق المحيطة، وهذا سيساعد على انتشار التهاب الكبد أ بشكل أكبر ويسلط الضوء على مدى الخطر الذي تمثله البيئة لانتشار الأمراض".
أما حسن مصطفى الذي نزح من شمال غزة إلى رفح، فيشير إلى المخاطر الصحية المتزايدة التي تثير الخوف في الخيام التي يعاني سكانها للحصول على الطعام والشراب، قائلاً: "هذه معاناة نعيشها يوماً بيوم ولحظة بلحظة، نتمنى أن نعود إلى الحياة التي كنا نعيشها".
لكن منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية يرى أنه من دون وقف القتال لن يكون هناك الكثير مما يمكن للمنظمات الإنسانية أن تفعله لتحسين الوضع، مضيفاً: "نظرًا لتوقف محطات الكهرباء عن العمل، ولأن أنظمة المياه والصرف الصحي معطلة أو بحاجة إلى إصلاح، ليس لدينا القدرة على توفير وضع أفضل مما هو عليه في الوقت الحالي".
(فرانس برس، العربي الجديد)