تعلّمت فريال محمود الصلح التطريز عبر الإنترنت في فترة الحجر المنزلي، لكنّها حوّلت هوايتها إلى مهنة أكسبتها شهرة بعدما بدأ الناس يطلبون منتجاتها
قد يأتي الحجر المنزلي بسبب انتشار فيروس كورونا بفائدة على بعض الأشخاص، ففريال محمود الصلح، المولودة في مدينة صيدا عام 1993، والمتخصّصة بالأدب الإنكليزي في الجامعة اللبنانية، الفرع الخامس، استفادت من فترة الحجر وتعلّمت مهنة التطريز على الطارة.
تقول فريال المقيمة في بلدة برجا، قضاء الشوف (جبل لبنان): "لقد تخصّصت بالأدب الإنكليزي، ودرست الماجستير، لكنني لم أنهِ رسالتي. عملت بداية بتخصّصي في مدرسة في برجا، لمدة خمس سنوات، وما زلت أزاول مهنة التدريس، لكن عبر تطبيق زوم كباقي المدرسين في المدارس التي تعمل عن بُعد".
وتضيف: "صرت، في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، أشعر بالملل بسبب الحجر المنزلي، وبسبب وجودي الدائم في البيت. أردت أن أبحث عن شيء أتسلى به في هذا الوقت، فرحت أبحث على يوتيوب لأتعلّم مهنة جديدة، فاخترت تعلّم التطريز".
تتابع، "في البداية بدأت أطرّز لأخواتي وأهلي وأقاربي كما صديقاتي، إلى أن تطوّر المشروع، وأنشأت لي أختي صفحة على موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، تحت اسم fifis corner وأخرى على الانستغرام تحت اسم fifiz corner، وبدأت تصلني طلبات لتنفيذ تصميمات معينة، للأشخاص الذين يطلبون الهدايا".
"لم أخطط أبداً لأن تكون هذه المهنة مهنة أخرى لي، فعملي الأساسي هو التدريس، لكن هذه المهنة بدأت بالأساس كموهبة وتسلية لي في وقت فراغي، وكانت هواية. فكنت أعمل، وأنشر عملي على صفحات التواصل الاجتماعي الخاصة بي، وما لبث أن أُعجب الناس بأعمالي وصاروا يطلبونها لتقديمها كهدايا".
أما عن نوعية الهدايا، فقالت: "العديد من الناس استعاضوا عن أنواع هدايا عديدة، بما أفعله. إذ هي أقلّ تكلفة من الهدايا الأخرى، وفي الوقت ذاته هي تبقى ذكرى مهمة للشخص الآخر. فمعظم الناس يطلبون كتابة اسم صاحب الهدية عليها، فراج هذا النوع من الهدايا في الوقت الذي يعاني فيه الناس من ضائقة مالية. كما يطلب الناس هداياها لأعياد الميلاد، ولعيد المعلم والأم، وبمناسبة التهنئة بمولود جديد، لأنّ أسعارها ليست مرتفعة وهي تناسب الجميع".
وتسعّر الصلح قطعها بحسب حجمها، فسعر القطعة الـ20 سم، 45 ألف ليرة لبنانية (ثلاثين دولاراً بحسب سعر الصرف الرسمي)، والـ31 سم بـ 55 ألف أو 60 ألف (40 دولاراً بحسب سعر الصرف الرسمي). وتضيف: "هذا العمل ليس مربحاً، وأنا أتقاضى سعر كلّ قطعة بحسب تكلفتها، وهي ليست مصدر عيش لي، أي أنا لا أعتمد عليها، فلدي راتبي من مهنة التدريس، لكني أحببت هذا العمل، وأرغب في أن ينتشر عملي بين الناس ويتعرّفوا عليه حتى أصبح مشهورة فيه".
وتقول الصلح أنّه في البداية، كانت المسألة بمثابة التجربة بالنسبة إليها، لكنها نجحت فيها، وهي لم تجد صعوبة فيها، كما أنّ ابنة عمها التي تشتغل بالـ"كروشيه"، أُعجبت بعمل الصلح وشجعتها كثيراً.
أما عن طريقة العمل، فقالت: "بداية، أرسم التصميم المطلوب على ورقة، وعندما تصبح جاهزة أنقلها على الطارة. بداية ساعدتني أختي في عملية الرسم، لأنها بارعة فيه، وعلمتني أموراً عديدة لها علاقة بالرسم، وأنا سرت بحسب تعليماتها، وعندما أشعر بصعوبة في تنفيذ أمر ما، أعود إليها وأسألها، فترشدني، حتى أنني أستشيرها في عملية اختيار الألوان".
أمّا عن نوعية الخيطان والقماش، فقالت: "في البداية، كنت أشتري خيطان من نوع محدد، وبسبب ارتفاع سعر صرف الدولار غيّرت النوعية، وصرت أشتري نوعية أخرى. أما بالنسبة للقماش، فقد كنت أشتري نوعية الإيتامين، وللسبب ذاته غيّرت إلى نوعية أخرى، وهي خام أوف وايت". أما بالنسبة للطارة، فهي تشتريها من عند باعة أدوات التطريز والصوف، وقالت: "لقد أخذتها إلى نجار ليصنع لي مثلها، لكن هذا النوع منها لا يُصنع هنا، وحالياً، ليس هناك إمكانية لاستيرادها، لكنني كنت قد اشتريت كمية كبيرة منها وخزنتها في بيتي".
"العمل في التطريز لا يعود عليّ بالربح، لكني أحببت فكرة أنّ الناس أحبّوا عملي، فالتطريز وتحديداً تطريز الأسماء له رمزيته ومعانيه الخاصة لدى الناس، وهو بذلك يحافظ على هذه الهدية في بيته".
تختم فريال كلامها قائلةً: "لقد وجدت عند الناس، رغبة شديدة في الإقبال على هذا النوع من الهدايا، وتحديدا في المناسبات مثل عيد الأم، وهي عبارة عن هدية رمزية تبقى عند الأم. ويكون تحديد الرسم بطلب من الزبون أي من اختياره، وأنا أنفذ ما يطلبه، ولا أجد صعوبة في ذلك، فقد أحببت هذا العمل".
تجدر الإشارة، إلى أن الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطنون في لبنان حالياً، تجبرهم على تغيير الكثير من عاداتهم، وتحديداً في مسألة الهدايا، لأن شراء أية هدية اليوم، ومهما كانت نوعها يمكن أن يكون مكلفاً جداً.