انطلقت، مساء أمس السبت، فعاليات بطولة "كأس العالم للمخيمات" شمال غربيّ سورية، بمشاركة أكثر من 300 طفل تراوح أعمارهم بين 10 إلى 14 عاماً يمثلون 25 مخيماً في محافظة إدلب وسبع مناطق صناعية.
ويشكل أطفال المخيمات 32 فريقاً تمثل المنتخبات المشاركة في كأس العالم، وتخللت الافتتاح عروض فنية ورياضية بحضور جماهيري كبير على مدرج ملعب مدينة إدلب البلدي.
ويعمل بعض الأطفال المشاركين في البطولة في مهن شاقة لا تناسب أعمارهم، وقد تشكل خطراً على حياتهم، وبعضهم الآخر يعيش في مخيمات الشتات دون أدنى مقومات للحياة، ومحرومون أبسط حقوقهم في اللعب والتعليم والصحة، إذ يُعَدّ هؤلاء الأطفال الأشد ضعفاً بين أطفال شمال غرب سورية، بحسب منسق برنامج الحماية في منظمة بنفسج، إبراهيم سرميني.
وأضاف سرميني، لـ"العربي الجديد": "نحاول في هذا اليوم تسليط الضوء على معاناة أطفال المخيمات في إدلب، آملين وجود حل لإنهاء مأساتهم في القريب العاجل"، مشيراً إلى أنه "من خلال الاحتكاك مع الأطفال خلال فترة التمرين، ألتمس حبهم وشغفهم بالرياضة ووجود أبطال حقيقيين بينهم في كرة القدم".
أما عمران الحسين، عضو فرق الحماية في منظمة بنفسج، فيقول لـ"العربي الجديد": "عانى هؤلاء الأطفال كغيرهم من آلاف الأطفال السوريين مرارة النزوح والتهجير، وما زالوا حتى الآن يعيشون ظروفاً حياتية قاسية في خيامهم المهترئة، ونحاول بإمكانات بسيطة مساعدتهم لإخراجهم من جو الحرب وزرع الثقة بنفسهم ودمجهم بأقرانهم من الأطفال".
وعلى مدار ستة أشهر من التمارين المتواصلة للأطفال المشاركين بإشراف مدربين مختصين في كرة القدم، بذل الأطفال جهداً مضاعفاً، إضافة إلى الأعمال التي يمارسونها خلال يومهم، لكن ثمرة هذا الجهد كانت واضحة في أثناء وقوف الأطفال على أرضية الملعب، من خلال الثقة بالنفس التي بدت عليهم في وقفتهم وابتسامتهم العريضة ونظراتهم تجاه مجسم كأس العالم الذي توسط الملعب وسط هتاف وتشجيع الحضور لهم.
من المشجعين لهؤلاء الأطفال غانم خليل، يقول لـ"العربي الجديد": "نحن الكبار عشنا ما عشناه من الظلم والقهر، ولا نتمنى لأطفالنا أن يكبروا بذات الحالة".
أما الطفل محمد عبد الهادي الناصر، المشارك في البطولة، والذي يعيش في مخيم مورك ويعمل في نقل مياه الشرب ضمن المخيمات، فطلب من كاميرا "العربي الجديد" في اثناء مقابلته، إيصال صوته للعالم بقوله: "تعيش المخيمات حياة قاسية للغاية في فقر شديد قد يصل الحال لبعض سكانه إلى الأكل من مكب النفايات، أعمل عدة ساعات يومياً لتأمين الطعام لعائلتي، لكن اليوم أجمل أيام حياتي".
ومن هؤلاء الأطفال من ولد في الحرب أو كان عمره بضع سنوات وقت اندلاع الحرب، إذ عاشوا آثار القصف والدمار والنزوح، كحال الطفل ذي الأربعة عشر عاماً، محمود العشي، المقيم في مدينة إدلب، والمشارك في البطولة بزي المنتخب الفرنسي، الذي يقول لـ"العربي الجديد": "أعمل بمهنة نجارة الباطون من الساعة السابعة صباحاً حتى المساء، فأنا رب الأسرة بعد وفاة والدي، لأنني الأخ الأكبر، عشقي هو كرة القدم، وأطمح إلى أن أكون لاعباً عالمياً. سعادتي لا توصف لمشاركتي في هذه البطولة".
وبحسب فريق "منسقو استجابة سورية"، بلغ عدد المخيمات في شمال سورية أكثر من 1600 مخيم، يقيم فيها أكثر من مليون ونصف مليون شخص، تصل نسبة الأطفال بينهم إلى 56%. وتعاني غالبية المخيمات نقص المواد الغذائية وضعف الحصول على المساعدات وانعدام المياه والصرف الصحي.