الماعون في المعجم هو ما يتداوله الناس بينهم من منافع البيت، مثل القدر والقصعة والدلو والفأس، لكنّنا كثيراً ما نعني به الإناء الحامل لأغراضنا، أيّاً كان هذا الإناء. ويقول ابن الفارض "لطف الأواني في الحقيقة تابع للطف المعاني والمعاني بها تسمو" ذلك لأنّ لكلّ إناء أو (ماعون) معنى، وأكثرها مواعين الماء، أكانت بين الأيدي، أو في جوف الأرض، أو على سطحها.
يقول الخبير البيئي يوسف الطيب: "مواعين الماء عديدة، وتتعدّد تسمياتها باختلاف ثقافات الناس. وليست كل المواعين جارية دائماً، أو في حال انحباس كامل". ويعرف أهل السودان عموماً مواعين الماء الطبيعية، إذ ترتبط حياتهم بها ارتباطاً وثيقاً، وأقدم الحضارات الإنسانية (حضارة كوش) المصنّفة من قبل منظمة التراث العالمي (يونيسكو) قوة عظمى بين القرنين الثامن والرابع قبل الميلاد، قامت على نهر النيل، ثم تمددت إمبراطوريتها الشاسعة من سواحل البحر الأبيض المتوسط إلى أعماق أفريقيا.
لدينا في السودان 7 أنهار كبيرة، وعشرات صغيرة وموسمية والأودية والخيران والسقايات والجداول، تلك التي قد ينتهي دورها في تغذية ماعون أكبر كالترعة (التردة) والأضا، والرهود الكبيرة (جمع رهد). هذا إلى جانب البحيرات الطبيعية والصناعية، والميعات (جمع ميعة)، وهي الأماكن المنخفضة التي قد تحتفظ بمياه الأمطار لفترات قد تصل إلى عام. أما الخور أو الوادي في بعض الثقافات، فيصنّف وفقاً لطوله وعرضه ووقت جريانه. ويملك خور أبو حبل مواصفات الأنهار الموسمية، إلّا أنّ قريحة الناس في شمال كردفان أبت إلّا أنّ يسموه خوراً، بينما اتخذ رفيقاه المنحدران إلى الشمال مسمى وادي المقدم الملك. ويذكرنا الطيب بخور أبو زعيمة في شمال كردفان، وخور النايم في شمال دارفور، وخور برنقل وخور شلنقو والدليب) جنوب كردفان، وكلها خيران موسمية، شاخ بعضها بفعل التغيرات المناخية، وأصبح بعضها الآخر متقلب المزاج، بين الحيوية والضمور".
في دارفور يطغى مسمى الوادي، ونجد أن معظم الأودية هناك بحجم الأنهار الموسمية. ويلعب جبل مرة الدور الرئيس كخط تقسيم مياه، ومنها كُتُم وفتابرنو وبرقو وسرف عمرة وبركة سايرة وكجا. أما أكبر الوديان فأزوم وباري، ووادي نيالا ود برلي. ووفقاً لدراسة أجرتها شركة "هنتنق تكتنيكال سيرفس" يساوي الوارد الكلي من المياه لهذه المواعين خلال 4 و5 أشهر إيراد النيل الأبيض لثمانية أشهر.
كثيرة هي المواعين التي أوجدها التدخل البشري كالحفاير، خصوصاً بعد انتشار فكرة إدخال حصاد المياه كمعزّز للأمن الغذائي ومحاربة الفقر ومكافحة الجوع. وهناك العد والسرف والمشيش، وكلها أماكن للحصول على الماء من الآبار السطحية، أو من السروف (جمع سرف)، إذ يجري الحصول على الماء بإزاحة التربة من بطن الوادي بعد انقطاعه.
(متخصص في شؤون البيئة)