مهجرون بلا مأوى وسط المجاعة في غزة

09 يوليو 2024
نازحون فلسطينيون يمرون بالقرب من مدرسة تُستخدم مأوى في دير البلح، 7 يوليو 2024 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **النزوح المتكرر والظروف المعيشية الصعبة:** الفلسطينيون في غزة يواصلون النزوح تحت وطأة القصف الإسرائيلي، حيث أجبروا على إخلاء منازلهم والتوجه نحو المناطق الغربية، لكنهم فوجئوا بعملية برية جديدة، مما اضطرهم للنزوح مجدداً إلى منطقة المواصي المكتظة والتي تفتقر للبنية التحتية.

- **معاناة النازحين وشهاداتهم:** ليلى فايز وأم أحمد رضوان تعبران عن معاناتهما الشديدة وفقدان كل شيء تحت القصف المستمر، وتطالبان العالم بالضغط على إسرائيل لوقف إطلاق النار.

- **الوضع الإنساني المتدهور:** محمود بصل يصف الوضع في غزة بأنه مرير مع نزوح مليوني فلسطيني وشح في إمدادات الغذاء والماء والدواء، ويعرب عن خشيته من تداعيات الأوضاع وتوقعات الأمم المتحدة بمجاعة وموت نصف سكان غزة.

يواصل مهجرون فلسطينيون في مدينة غزة النزوح بلا مأوى من مكان إلى آخر، بعد رحلتيْ تهجير مروا بها تحت وطأة التهديد والقصف في غضون أقل من يومين، إذ أجبر جيش الاحتلال الإسرائيلي، الأحد، الآلاف من الفلسطينيين على إخلاء منازلهم في البلدة القديمة وأحياء التفاح والدرج شرق مدينة غزة والتوجه نحو المناطق الغربية، تحت تهديد القصف، وترك هؤلاء ممتلكاتهم وأمتعة وفتات الطعام القليل الذي يمتلكونه في ظل مجاعة جديدة باتت تضرب مفاصل الحياة. 

النازحون فوجئوا، فجر الاثنين، بتنفيذ الاحتلال عملية برية مفاجئة في المناطق الغربية ما اضطرهم إلى النزوح إلى أماكن أخرى. ليصدر جيش الاحتلال لاحقاً بياناً يطالب فيه السكان بإخلاء المناطق الغربية وبعض المناطق جنوب المدينة، والتوجه فوراً إلى منطقة المواصي غرب مدينة دير البلح، بوسط القطاع.

مهجرون فلسطينيون بلا مأوى يحاصرهم الجوع

والمواصي هي مناطق رملية على امتداد الخط الساحلي، تمتد من جنوب غرب مدينة دير البلح وسط القطاع، مروراً بغرب خان يونس حتى غرب رفح. وتعد المنطقة مفتوحة إلى حد كبير وليست سكنية، كما تفتقر إلى بنى تحتية وشبكات صرف صحي وخطوط كهرباء وشبكات اتصالات وإنترنت، وتقسم أغلب أراضيها إلى دفيئات زراعية أو رملية.

وسادت حالة من الاضطراب والخوف أوساط النازحين، الذين لم يعرفوا وجهتهم المقبلة، في ظل اكتظاظ منطقة المواصي وسط وجنوب القطاع بالنازحين، والتي طالبهم الجيش بالتوجه إليها.

وتقول الفلسطينية ليلى فايز (47 عاماً)، من حي تل الهوا، إنهم اضطروا إلى النزوح من منزلهم المدمر الذي فضلوا أن يعيشوا به بدلاً من الالتجاء إلى مراكز الإيواء المكتظة، وذلك "تحت القصف المفاجئ والكثيف". مضيفة وهي تجلس على أحد أرصفة منطقة غرب غزة: "ظروفنا المعيشية كانت صعبة للغاية حتى قبل العملية العسكرية الأخيرة، والآن أصبحت حياتنا جحيماً لا يطاق". موضحة أن عائلتها "فقدت كل شيء والآن باتت بلا مأوى تفترش الشارع بلا أمتعة ولا طعام". وأشارت إلى أن "القصف الذي تتعرض له مدينة غزة في اليومين الأخيرين كثيف ولا يكاد يتوقف"، معربة عن "خوفها على حياة أطفالها جراء هذا القصف". وطالبت العالم بالنظر إلى معاناتهم والضغط على إسرائيل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.

أما "أم أحمد" رضوان، من حي التفاح، فقالت: "نزحنا أمس من التفاح باتجاه المناطق الغربية بحثاً عن مأوى آمن، لكن فوجئنا فجراً بقصف عنيف وعملية عسكرية وإنذار بالإخلاء، هرعنا وبدأنا بالخروج تباعاً". موضحة أن الحياة في مدينة غزة "باتت عبارة عن حالة من الرعب الدائم جراء العمليات الإسرائيلية المباغتة". وأشارت إلى عدم وجود مأوى لعائلتها تنام فيه، لافتة إلى استحالة النزوح نحو مدينة دير البلح كما طالبت توجيهات الجيش. وأضافت عن ذلك: "منطقة المواصي مكتظة بالنازحين، لو ذهبنا هناك لن نجد مكاناً يؤوينا، كما هو الحال هنا". قائلة: "سنبقى في العراء، لا نعرف أين نذهب".

الصورة
نازحون فلسطينيون يبحثون عن مأوى في غزة ، 8 يوليو 2024 (Getty)
نازحون فلسطينيون يبحثون عن مأوى في غزة ، 8 يوليو 2024 (Getty)

وجراء الحرب وقيود إسرائيلية، بات سكان غزة ولا سيما محافظتي غزة والشمال، على شفا مجاعة، في ظل شح شديد في إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود، مع نزوح نحو مليوني فلسطيني من سكان القطاع الذي تحاصره إسرائيل منذ 17 عاماً. يقول المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل: "في مدينة غزة، الواقع مرير وصعب في ظل وجود الجيش الإسرائيلي بالمناطق الشرقية وتهديده لأحياء التفاح والدرج (شرق المدينة)، حيث نزح سكانها إلى المناطق الغربية التي تم تهديدها مجدداً فجر الاثنين"، مضيفاً: "لا يعلم النازحون الآن إلى أين سيتوجهون فلا وجود لأي مكان أو نقطة آمنة في غزة"، معرباً عن خشيته من تداعيات الأوضاع في ظل "إخلاء المستشفى المعمداني بمدينة غزة بما من شأنه أن يؤثر على الخدمة الصحية المقدمة للمواطنين". وأوضح أن هذه الأوضاع تتفاقم في ظل قصف عنيف تتعرض له أنحاء مختلفة من مدينة غزة، التي تعيش أصلاً ظروف صعبة ومجاعة. 

وتابع بصل: "الواقع الإنساني في غزة صعب، وفاقمه إغلاق المخابز القليلة العاملة نتيجة الإخلاء"، مشيراً إلى وصول مناشدات من عشرات العائلات التي ما زالت محاصرة في منازلها بمناطق التوغل مع تواصل القصف الإسرائيلي وإطلاق النيران. مطالباً بوجود موقف دولي لـ"إيقاف المجازر التي تحدث بحق الأبرياء في غزة"

وفي 12 يونيو/ حزيران الماضي، توقع مارتن غريفيث، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، أن يواجه نصف سكان غزة الموت والمجاعة بحلول منتصف يوليو/ تموز المقبل، ما لم يتم السماح بحرية وصول المساعدات، ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تشن إسرائيل حرباً مدمرة على غزة بدعم أميركي، خلفت أكثر من 126 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.

(الأناضول، العربي الجديد)

المساهمون