أفادت منظمة حقوق المرأة العراقية الناشطة في المدافعة عن النساء وحماية حقوقهم بأن رجلاً من مدينة الديوانية، مركز محافظة القادسية (جنوب البلاد)، أقدم على قتل ابنته بعدما نشرت عن طريق الخطأ مقطعاً ظهرت فيه على تطبيق "تيك توك".
وذكرت المنظمة في تغريدة على حسابها على "تويتر"، أن أباً قتل ابنته البالغة من العمر 9 سنوات بسبب انتشار فيديو لها على تطبيق "تيك توك" في محافظة الديوانية جنوبي البلاد، مبينة أنه "من المفترض أن يتم نصح الأطفال لا قتلهم وإنهاء حياتهم". وعلى الرغم من تداول الخبر على مواقع وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن شرطة الديوانية لم تعلق حتى الآن.
في السياق، يوضح الصحافي من محافظة القادسية مؤمل المياحي أن "حادثة قتل الطفلة وقعت مساء أول من أمس الإثنين". ونقل عن مصادر قولها إن "الأب لم يتعمد قتل ابنته، لكنه عنّفها بطريقة وحشية حتى فارقت الحياة إثر ذلك"، مضيفاً في حديثه لـ "العربي الجديد" أن "الأب أبلغ إخوته بالحادثة فسعوا إلى عدم انتشار الخبر، لكن الخبر انتشر بسبب بلاغ رسمي للشرطة تقدمت به والدة الطفلة".
يضيف المياحي أن "هذه الحادثة ليست الأولى في مدينة الديوانية، فقد سبقها بنحو شهرين مقتل امرأة على يد شقيقها بسبب مشاكل عائلية، ومقتل امرأة على يد زوجها. كما أن نزاعاً عائلياً حدث بسبب إرث أدى إلى مقتل رجل على يد شقيقته"، مشيراً إلى أن "تزايد جرائم العنف الأسري واضح في عموم البلاد، وعادة ما يتم حرف مسار هذه الملفات وتحويلها إلى جرائم شرف وانتحار".
من جهتها، تقول الناشطة العراقية دانا البغدادي لـ "العربي الجديد" إن "الأطفال هم الشريحة الأكثر تعرضاً للعنف الأسري، وعادة ما ينتهي العنف بالموت أو التشوه أو الإصابة بإعاقة، وقد حصل هذا بالفعل في مناطق متفرقة من بغداد وبقية المحافظات"، مؤكدة أن "الاستهتار بالقانون والرشاوى تسببتا بإخراج الجناة من السجن، وإغلاق القضايا. وهناك من لا يُحاسب أصلاً".
اب يقتل ابنته البالغة من العمر 9 سنوات بسبب انتشار لها فيديو على تطبيق التيك توك في محافظة الديوانية
— Iraqi Women Rights (@iwro_org) June 27, 2023
ببدال ماتعلمون وتنصحون اطفالكم تقتلونهم هو هذا الحل عندك اذا كانت بنيه فيتم حل المشكلة بانهاء حياتها ؟
خوش عيد وتخافون الله تنهون ارواح اطفال بمجرد يخطئون او ميمشون حسب اخلاقكم… pic.twitter.com/bElwdzp7kT
وتلفت البغدادي إلى أن "وجود حاجة ملحة لإقرار قانون العنف الأسري لمنع أي تلاعب أو الحيلولة دون معاقبة الجناة والمستهترين"، مضيفة أن "العنف الأسري تحول إلى ظاهرة تتفاقم بفعل التغاضي القانوني وحله من خلال التدخلات العشائرية".
وكانت منظمات حقوقية عراقية قد أكدت تسجيل معدلات غير مسبوقة للعنف الأسري في عموم البلاد، استهدفت النساء والأطفال وكبار السن، وقد زادت عن 15 ألف حالة في العام الواحد، الأمر الذي يدفع باتجاه محاولة تمرير القانون الذي صوت على مسودته مجلس الوزراء صيف عام 2020، إلا أن البرلمان لم يتمكن من تمريره حتى الآن.
وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، كشفت لجنة المرأة والأسرة والطفولة في البرلمان العراقي، سعيها لتمرير قانون مناهضة العنف الأسري، وأجرت اجتماعات عدة مع منظمات للمجتمع المدني بحثت خلالها القانون وإمكانية صياغته بشكل مقبول وعرضه على التصويت.
لكن القانون لم يشرّع حتى الآن بسبب معارضته من قبل جهات سياسية في البرلمان، وخصوصاً تلك المنتمية إلى الأحزاب الدينية التي ترى فيه استنساخاً غربياً لا يناسب المجتمع العراقي، بسبب احتوائه على بنود تتضمن تكفل الدولة بحماية الضحية المعنفة وتوفير مأوى للنساء، وتمكينهن مادياً ووظيفياً وعلمياً ضمن برنامج إعانات متكامل.
وأبرز الجهات المعارضة لإقرار القانون حزبا الدعوة والفضيلة، ويجدان في القانون تعارضاً مع مبادئ الإسلام في تربية الزوجة والأولاد.
ولا يزال العراق يعتمد على مواد تشريعية في إطار القانون 111 لسنة 1969، والتي تسمح للزوج والأب بـ "تأديب الأبناء أو الزوجة ضرباً ما دام لم يتجاوز حدود الشرع"، فيما تورد المادة الـ 41 من قانون العقوبات أنّه "لا جريمة إذا وقع فعل الضرب استعمالاً لحق مقرر بمقتضى القانون".
ويعتبر القانون ذلك استعمالاً لحق تأديب الزوج لزوجته، وتأديب الآباء والمعلمين للأولاد القُصّر. وعادة ما تلجأ الشرطة إلى فرض تعهدات على المسبب للضرر إن كان والداً أو والدة أو زوجاً، وتكتفي بإجراء مصالحة بين الطرفين في بعض الأحيان. وإن كان الطرف المسبّب هو الأب، تُلزم الأطفال بالعودة إلى المنزل.