أكد المدير التنفيذي لمنظمة "كوميتي فور جستس"، أحمد مفرح، أن السلطات المصرية لم تلبِ النزر القليل مما تلتزم به دوليا بشأن حماية حقوق الإنسان داخل أراضيها، ولا سيما داخل السجون ومقار الاحتجاز.
مفرح تحدث خلال اجتماع لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان الأوروبي، والذي حضرته كل من أسرة الناشط المصري المعتقل، علاء عبد الفتاح، وأسرة الطالب الإيطالي المقتول تحت التعذيب بمصر في 2016، جوليو ريجيني.
وأشار مفرح إلى أنه منذ صدور قرار بتاريخ 18 ديسمبر/كانون الأول 2021؛ بخصوص قضية نشطاء المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وبرغم تحديات العمل على رصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان في ظل القبضة الأمنية الضارية والتعتيم الكامل على جميع الانتهاكات وإنكارها إن شاعت للعلن، وتجفيف المعلومات بالترهيب والتهديد والتنكيل بالضحايا وذويهم حال الشكوى أو طلب المساعدة، تمكنت المؤسسة من رصد 5814 انتهاكا داخل السجون ومقار الاحتجاز منذ يناير/كانون الثاني إلى سبتمبر/أيلول الماضي.
#الان المدير التنفيذي لـ"كوميتي فور جستس" @AhmedMefreh9 في كلمته باجتماع لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان الأوروبي..
— Committee For Justice (@cfjusticeorg) October 27, 2021
" #مصر لم تلتزم دوليًا بحماية حقوق الإنسان.. وعلى الاتحاد الأوربي التزامًا أخلاقيًا بوضع الملف على رأس أولوياته " https://t.co/itiC40AW9F
وأضاف، أن من أبرز تلك الانتهاكات؛ حدوث عمليات اعتقال لأكثر من 3600 معارض، سواء كان اعتقالا للمرة الأولى أو اعتقالا متجددا، كذلك ارتكاب سلطات الأمن المصرية لأكثر من 1570 حالة إخفاء قسري لمعارضين ونشطاء وسياسيين ومواطنين عاديين من داخل أو من خارج مقار الاحتجاز، حتى أن الاعتقالات طاولت أخيرًا الروبوت الآلي "عايدة" قبيل عرض تاريخي للفنون بدعوى "خطرها على الأمن القومي".
خلال كلمته باجتماع لجنة حقوق الإنسان في @Europarl_EN أكد المدير التنفيذي ل "كوميتي فور جستس" @AhmedMefreh9 أن السلطات المصرية لم تلب أقل القليل مما تلتزم به دوليًا بشأن حماية حقوق الإنسان داخل أراضيها، ولا سيما داخل السجون ومقار الاحتجاز. https://t.co/c6kBEbPqBd
— Committee For Justice (@cfjusticeorg) October 27, 2021
وتابع، أن المؤسسة رصدت أيضاً 42 حالة وفاة داخل مقار الاحتجاز؛ كان أكثرها بسبب الحرمان من الرعاية الصحية، لافتًا إلى أنه مؤخرًا تم رصد انتشار محاولات الإضراب والانتحار حرقًا بين عدد من السجناء السياسيين في سجن العقرب سيئ السمعة؛ بسبب سوء المعاملة والحرمان من الزيارات لسنوات طويلة، وكان رد السلطات المصرية على ذلك مزيدا من التنكيل والإهانة والضرب والعزل وتهديد الضحايا بكل شيء.
وحول الأوضاع في ظل جائحة فيروس كورونا، شدد مفرح على أنه في ظل إصرار السلطات المصرية على مخالفة التوصيات الدولية بشأن الإجراءات الصحية المتعلقة بمنع انتشار وباء كورونا داخل مقار الاحتجاز، فقد رصدت المؤسسة التوقيف والحجز الاحتياطي لمئات الآلاف بحجة خرق قرار حظر التجوال خلال العام الماضي؛ ما أدى لازدياد الحالات المصابة بكورونا والتي تم رصدها وتوثيقها حتى وقتنا الحالي.
وذكر أنه حتى مع ادعاء وزارة الداخلية المصرية قيامها بتطعيم غالبية النزلاء في السجون ومقار الاحتجاز المصرية، حيث أشارت لتطعيم نحو 5000 نزيل مصاب بالأمراض المزمنة، فإن هذا العدد -إن صح فعليًا- لا يذكر مقارنة بنحو 114 ألف سجين يقبعون في السجون المصرية طبقًا، لتقديرات المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة.
وبشأن أحكام الإعدام، أوضح مفرح، أنه تم رصد صدور أحكام بالإعدام بحق 116 متهمًا، وتنفيذ الحكم بحق عشرات آخرين بين يناير/كانون الثاني وسبتمبر/أيلول من العام الجاري. بينما بلغ عدد المتهمين الذين تم رصد مستجدات محاكماتهم في أكثر من 500 قضية خلال الأشهر الثلاثة الماضية 2299 متهمًا بموجب قانون الإرهاب والطوارئ الذي لا يزال ساريا ويجري تمديده باستمرار، فضلاً عن 3436 متهما بإذاعة أخبار كاذبة، وهي التهم المكررة التي لا تزال تحيل حياة المدنيين والأبرياء إلى جحيم، وانضمت إليها مؤخرًا حوادث قطاع السكك الحديد التي ألقيت تبعاتها على "عناصر متطرفة" لا على تردي منظومة النقل العام.
في الوقت نفسه، أشار مفرح، إلى أنه لا تزال القرارات التعسفية بالإدراج على قوائم الإرهاب تطاول مئات المواطنين الذين لا صلة لهم بالمعارضة ولا الإرهاب، ليصل عدد من تم رصد إدراجهم على القوائم 2775 اسماً، ما يعد استمرارا لانتهاكات الحق بالملكية الخاصة، فضلاً عن السكن والعمل والتظاهر والتعبير عن الرأي.
واعتبر مفرح، أن التعذيب في مصر أصبح مقصداً مؤسسياً يبدأ بالاعتقال، ويستمر أثناء الاستجواب والاحتجاز من قبل الشرطة والمسؤولين الأمنيين، ثم تتستر عليه النيابات والقضاة التي يفترض بها قانونًا أن تراقب ما يمارس عليه موظفو السجن وضباط الشرطة، ما يعني أنه إذا وقع المواطنون ضحايا الاعتقال التعسفي أو الإخفاء القسري فإنهم لا يتعرضون لعقوبة مقررة بالقانون فقط، ولا يحرمون من أدنى حقوق المحاكمة العادلة فحسب، بل تسن كل من جهات السلطة بما فيها النيابات، والقضاة، وموظفو ومدراء السجون عقوباتها الخاصة بشأنهم، إما بإعادة تدويرهم بالقضايا أو بحرمانهم من الرعاية الصحية أو سوء المعاملة المفضي أحيانًا للقتل.
وأوضح مفرح، أنه نتيجة لكل ما سبق، انغلقت كافة سبل الوساطة بين السلطة والمواطنين عبر آليات الشكاوى والبلاغات المحلية المقررة بالقانون، ففضلاً عن تجاهل النيابة والنائب العام لعشرات الآلاف من الشكاوى المرفوعة إليهم بحق ضحايا الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والحرمان المتعمد من الرعاية الصحية، فإن تواطؤ المجلس القومي لحقوق الإنسان في السكوت عن تلك الانتهاكات وتقييد محاكم مجلس الدولة في الفصل فيها بتعديل قوانين السلطة القضائية منذ عام 2019، أدى لانسداد كافة حلقات التواصل بين السلطة والمواطنين، لذا لا عجب أنه بعد غلق المساحات الوسيطة وحجب الرقابة وانسداد كافة سبل التظلم والشكاوى أن تدفع الأوضاع الضحايا داخل مقار الاحتجاز إلى محاولات الانتحار حرقًا، كما رأينا في مشهد سجن العقرب بالأشهر الماضية.
وشدد مفرح، على أن استمرار الانتهاكات على الوتيرة والنحو السابق بيانه لا يسمح باستدامة النظام، ويهدد أسس السلام والأمن المجتمعي، ويدفع الضحايا لفقدان الأمل بالنجاة والعدالة والحياة الكريمة، ما يهدد بانتشار أفكار التطرف العنيف داخل مقار الاحتجاز إذا لم تعمد السلطات إلى معالجة الأوضاع، ويوفر المناخ لهجرة الشباب المصري الذي يشكل غالبية المحتجزين والسجناء داخل مقار الاحتجاز والمستهدفين من قبل السلطات خارجها.
وأكد مفرح، في ختام كلمته، أنه يقع على عاتق الاتحاد الأوروبي التزام أخلاقي بوضع ملف انتهاكات حقوق الإنسان في أولويات الشراكة والتعاون مع مصر، مضيفًا أن أولويات مكافحة الهجرة والتطرف تفرض كذلك ضرورة معالجة الأوضاع التي تهدد الأمن والاستقرار المجتمعي في مصر باعتبارها شريكا رئيسيا في منطقة الشرق الأوسط، وفي تحقيق المصالح المتبادلة بينها وبين الاتحاد الأوروبي.