حذّر المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لمنطقة شرق المتوسط أحمد المنظري من تحوّل نقص المياه والكهرباء والوقود في قطاع غزة المحاصر إلى "كارثة حقيقية" خلال الساعات الأربع والعشرين المقبلة، وسط عدوان الاحتلال الإسرائيلي المستمر.
وعن نقص الإمدادات الأساسية في قطاع غزة، قال في مقابلة مع وكالة فرانس برس، اليوم الاثنين، إنّ الأمر قد يحتمل "24 ساعة"، أمّا "بعد ذلك فسوف تكون كارثة حقيقية... لا وقود وبالتالي لا كهرباء ولا مياه لعموم سكان غزة، خصوصاً للمستشفيات والمؤسسات الصحية".
ورأى المنظري أنّه إذا لم يُسمَح بدخول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحتاجة، فإنّ الأطباء والعاملين في المستشفيات "لن يكون بيدهم إلا أمر إصدار شهادات وفاة".
وكان الاحتلال الإسرائيلي قد أعلن الحرب على قطاع غزة، بعد عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري. وأدّى القصف المتواصل منذ ذلك الحين إلى تسوية أحياء بالأرض ومقتل 2808 أشخاص في قطاع غزة وإصابة ما لا يقل عن 10.950 آخرين، معظمهم من المدنيين، بحسب آخر بيانات وزارة الصحة الفلسطينية في غزة.
ويفرض الاحتلال حصاراً كاملاً على قطاع غزة المكتظ، الذي يبلغ عدد سكانه 2.4 مليون شخص، وقد قطع الإمدادات الأساسية من وقود ومياه وكهرباء عنه.
وأكد المنظري أنّ "الوضع الإنساني عموماً في غزة كارثي بكلّ ما تعنيه الكلمة"، مشيراً إلى اكتظاظ المستشفيات وأنّه نتيجة ذلك "ثمّة جثث لا تتوفّر أماكن للتعامل معها بالطريقة المناسبة".
وأوضح المسؤول الأممي أنّه سُجّل "استهداف مباشر لمؤسسات صحية"، واصفاً الأمر بأنّه "خرق صارخ للقوانين والأسس والضوابط والمبادئ والقيم التي نصّت عليها المعاهدات الدولية". وفصّل أنّه خلال عشرة أيام من القصف المتواصل، سجّلت منظمة الصحة العالمية استهداف 111 منشأة طبية ومقتل 12 عاملاً في مجال الرعاية الصحية وقصف 60 سيارة إسعاف، في انتهاك "للقانون الدولي والمبادئ الإنسانية".
وتابع المنظري أنّ "نحو 22 مستشفى في شمال غزة تضمّ ألفَي مريض تقريباً، بعض منهم على أجهزة التنفّس الاصطناعي، وبعض آخر يحتاج إلى أدوية على مدار الساعة مثل المصابين بالفشل الكلوي والسرطان".
وأشار المنظري إلى نفاد المياه النظيفة في مستشفيات القطاع، في حين "ثمّة مخاوف من نقص الوقود وبالتالي الكهرباء".
وقد جعل الاكتظاظ الشديد في المستشفيات العاملة الأطباء، بحسب المنظري، "من دون خيارات... فقط الأولويات"، أي أنّهم يعالجون الحالات العاجلة و"يتركون الباقية، ما يعني موتاً بطيئاً".
وشدّد المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لمنطقة شرق المتوسط على وجوب السماح بدخول المساعدات إلى قطاع غزة خلال 24 ساعة، قبل أن يصير الوضع خارج نطاق السيطرة.
يأتي ذلك فيما تصطفّ عشرات الشاحنات التي تنقل مساعدات إلى القطاع المحاصر أمام معبر رفح الحدودي المغلق مؤقتاً في شمال سيناء، شمال شرقي مصر، في انتظار السماح لها بدخول الأراضي الفلسطينية.
ومنذ يوم الخميس الماضي، بدأت مصر بتلقّي شحنات المساعدات الموجّهة إلى قطاع غزة بعدما خصّصت مطار العريش في شمال سيناء لهذا الغرض. وهي تستعد لإرسال قافلة تضمّ 100 شاحنة تحمل ألف طنّ من المساعدات، في حين وصلت شحنات من الأردن وتركيا والإمارات، بالإضافة إلى معدّات طبية من منظمة الصحة العالمية تغطّي احتياجات 300 ألف شخص في قطاع غزة.
يُذكر أنّ القاهرة اشترطت وصول هذه المساعدات إلى غزة لكي تسمح للأجانب الموجودين في القطاع المحاصر بالخروج منه، عبر معبر رفح الحدودي.
وكان مسؤول أميركي قد أشار إلى اتفاق ما بين مصر وإسرائيل للسماح للمواطنين الأميركيين بمغادرة قطاع غزة عبر معبر رفح أوّل من أمس السبت، وهو أمر لم يحدث حتى الآن.
وفي هذا السياق، أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي قام بجولة في بعض العواصم العربية قبل أن يعود إلى إسرائيل، اليوم الاثنين، تعيين الدبلوماسي الأميركي المخضرم والخبير في الشرق الأوسط ديفيد ساترفيلد موفداً للمساعدات إلى غزة.
كذلك أعلن وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ مارتن غريفيث أنّه سوف يتوجّه إلى الشرق الأوسط، غداً الثلاثاء، للمشاركة في المفاوضات حول إدخال المساعدات إلى قطاع غزة. وقال: "نحتاج إلى طريقة لإيصال المساعدات. نجري محادثات معمّقة مع الإسرائيليين والمصريين وغيرهم". ولفت غريفيث إلى أنّه "نعيش أسوأ الأوقات".
من جهتها، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين، اليوم الاثنين، أنّ الاتحاد الأوروبي سوف يفتح ممراً إنسانياً جوياً في اتجاه قطاع غزة عبر مصر. أضافت أنّ "الفلسطينيين في غزة يحتاجون إلى مساعدات إنسانية"، مشيرة إلى أنّ "رحلتَين جوّيتَين سوف تنطلقان هذا الأسبوع وسوف تحملان لوازم إنسانية إلى غزة".
(فرانس برس)