لم يتآلف البشر مع مصطلحات علميّة مثلما فعلوا في خلال الأشهر الواحد والخمسين الماضية، أي منذ ظهور فيروس كورونا في الصين في آخر عام 2019، ثمّ تمدّده ليتحوّل إلى جائحة ما زالت تؤرّق البشريّة، ودفع الاستعراض المستمرّ للمستجدّات الخاصة بالأزمة الوبائيّة كثيرين إلى لعب دور "خبراء"، بمجرّد تمكّنهم من بعض المصطلحات ذات الصلة.
ولعلّ آخر المصطلحات المُضافة هو "المؤتلف" (Recombinant) الذي تناولته أخيراً المديرة الفنيّة لبرنامج الطوارئ المعنيّ بكوفيد-19 في منظمة الصحة العالميّة، ماريا فان كيروف، عندما تحدّثت عن "إكس إي" (XE)، شارحة أنّه مؤتلف "بي إيه.1" و"بي إيه.2" الذي يندرج تحت متحوّر "أوميكرون"، ويثير تساؤلات حول العالم، في حين أنّ الفيروس ما زال متفشياً مع متحوّراته باختلافها.
في إفادة مسجّلة لها، صباح السبت، أكّدت فان كيروف أنّ فيروس كورونا "ما زال بيننا، وهو ينتشر على مستوى كبير، ونحن في حاجة إلى استخدام كلّ الأدوات المتوفّرة لدينا. وهذه الأدوات هي اللقاحات"، مشدّدة على ضرورة "عمليّة التحصين" الكاملة.
أضافت فان كيروف: "لا بدّ من التأكّد من أن تحصلوا على كلّ الجرعات التي تحتاجونها، عندما يحين دوركم للحصول على اللقاح"، مشيرة إلى "وجوب التأكّد من أنّ الأشخاص الأكثر عرضة للخطر حول العالم، وهؤلاء المتقدّمين في السنّ، وهؤلاء الذين يعانون من مشكلات صحيّة كامنة، وعاملينا في الخطوط الأماميّة، في كلّ بلد، قد حصلوا على لقاحاتهم".
وعن الأدوات الأخرى إلى جانب التحصين، قالت إنّه "لا بدّ من الالتزام بالإجراءات، من قبيل التباعد الجسدي، ووضع الكمامات الواقية، وتفادي الأماكن المكتظّة، وتهوية الأماكن المغلقة من خلال فتح النوافذ والأبواب، وملازمة المنزل في حال عدم شعورنا بأنّنا على ما يرام".
وشرحت فان كيروف أنّ "كلّ هذه الأدوات تعمل على وقف انتشار الفيروس، وكذلك تفادي الإصابات الحادّة والوفيات"، فيما عادت لتشدّد على أنّ "عملية التحصين الكاملة تبقى مهمّة وفعّالة بشكل هائل في ما يتعلّق بتفادي المرض الحاد والوفاة"، داعية الناس: "تلقّوا اللقاح عندما يحين دوركم".
ما هو المؤتلف "إكس إي" من المتحور أوميكرون؟
منذ أيام، يدور حديث عن متحوّر من فيروس كورونا ظهر أخيراً، وتشير افتراضات إلى أنّه "أشدّ خطورة" من متحوّر "أوميكرون" أو المتغيّر الفرعي منه "بي إيه.2". وكما كانت الحال مع متحوّرات مفترضة تناولتها مصادر غير موثوقة، تريّثت منظمة الصحة العالمية قبل أن تقدّم رأيها من خلال إفادة مسجّلة لفان كيروف.
وقالت المديرة الفنيّة لبرنامج الطوارئ المعنيّ بكوفيد-19 في المنظمة إنّ المعروف عن قابلية انتقال مؤتلف "بي إيه.1" و"بي إيه.2" يأتي "استناداً إلى التحاليل الأوليّة. وهذه القابلية تتخطّى بقليل تلك الخاصة بمتغيّر بي إيه.2 الفرعي (من متحوّر أوميكرون)، بنسبة 10 في المائة وليس بعشرة أضعاف مثلما كان قد تحدّث بعض الناس".
وأكّدت فان كيروف: "لكنّنا نعمل على تحليل ذلك من خلال كلّ المعلومات التي بين أيدينا، ونحن ماضون في ذلك. فالتحاليل سوف تستمرّ كما في حال كلّ المتحوّرات"، موضحة "مرّة جديدة أنّ هذا المؤتلف يندرج تحت أوميكرون". أضافت أنّه "عند توفّر أيّ معلومات جديدة، سوف نفيدكم بها بأسرع وقت".
طفرة المتحور أوميكرون "إكس إي" ظهرت في بريطانيا والهند
ونقلت صحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية عن علماء، أنّ متحوّراً جديداً من الفيروس رُصد في المملكة المتحدة، لكنّهم لفتوا إلى أنّه من السابق لأوانه تأكيد حجم عدواه مقارنة بالمتحوّرات السابقة.
وكشفت وكالة الأمن الصحي البريطانية (حكومية) أنّها تدرس مؤتلف "إكس إي"، وهو طفرة تجمع متحوّر أوميكرون المعروف علمياً بـ"بي إيه.1" ومتغيّره الفرعي "بي إيه.2". وبالنسبة إلى كبيرة المستشارين الطبيين في الوكالة، سوزان هوبكنز، فإنّه "حتى الآن، لا تتوفّر أدلّة كافية لاستخلاص استنتاجات حول قابلية انتقال إكس إي أو شدّته أو فعاليّة اللقاح ضدّه".
وشرحت الوكالة الرسمية أنّه بحلول 22 مارس/ آذار 2022 كانت 637 إصابة بمؤتلف "إكس إي" قد اكتُشفت في إنكلترا، وهي مجرّد جزء بسيط من عشرات آلاف الإصابات بكوفيد-19 التي تُسجّل يومياً مذ رفعت الحكومة البريطانية القيود الخاصة بمكافحة فيروس كورونا الجديد. يُذكر أنّه على صعيد الصحة، يقتصر نطاق قرارات الحكومة البريطانية على إنكلترا، بسبب الصلاحيات المناطة ببرلمانات المكوّنات الثلاثة الأخرى في المملكة المتحدة، علماً أنّ اسكتلندا وويلز وأيرلندا الشمالية اعتمدت عموماً نهجاً أكثر حذراً.
من جهتها، أعلنت الهند، اليوم السبت، عن إصابة بمؤتلف "إكس إي" في ولاية غوجارات، شمال غربي البلاد، في حين كانت السلطات الصحية في مدينة مومباي عاصمة ولاية مهاراشترا المجاورة لغوجارات قد أعلنت يوم الأربعاء الماضي رصد إصابة أولى بـ "إكس إي" في مومباي، وذلك لدى امرأة خمسينية عادت من أفريقيا أخيراً.
ولأنّ المعطيات الخاصة بالأزمة الوبائية متاحة أمام الجميع، المتخصّص كما مثير البلبلة وغيرهما، فإنّ شائعات كثيرة انتشرت حول الإصابة بمتغيّر "بي إيه.2" الفرعي من متحوّر "أوميكرون" بعد إصابة سابقة بالأخير الذي يُعرَف علمياً بـ"بي إيه.1". ورداً على سؤال في هذا الإطار، أوضحت فان كيروف أنّ "ثمّة دراسات محدّدة تبحث في احتمالات الإصابة بالعدوى من جديد، لكنّ لا أدلّة تبيّن تسجيل ذلك"، وبالتالي "هذه علامة جيّدة".