في ذكرى "خطاب التفويض"، وصفت سبع منظمات حقوقية مصرية، الاثنين، السنوات العشر الماضية من حكم مصر وذريعة النظام مكافحة الإرهاب، بـ"العقد الأسوأ في مجال حقوق الإنسان في مصر".
وذكرت المنظمات، في بيان مشترك، أنه قبل عشر سنوات، وتحديداً في 24 يوليو/ تموز 2013، طلب الرئيس عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع آنذاك، من المواطنين المصريين في خطاب عام؛ منحه تفويضاً وأمراً لمواجهة العنف والإرهاب المحتمل.
وأوضحت تلك المنظمات أنّ هذا التفويض بمواجهة الإرهاب "تحول إلى تفويض بالقمع مهد الطريق لمذبحة رابعة في أغسطس/ آب 2013، حيث قُتل أكثر من 800 متظاهر على أيدي قوات الأمن".
وأردفت: "كما سمح خطاب التفويض للسلطات بتوظيف الذرائع الأمنية لتعزيز قبضتها، وإسكات وسائل الإعلام المستقلة والمجتمع المدني، والقضاء على كافة أشكال المعارضة، بما في ذلك المعارضة السلمية؛ إسلامية أو علمانية".
كما أشارت إلى أن "خطاب التفويض سعى إلى تأمين قبول الجمهور لإرساء الأسس المحورية لأكثر عقد قمعي في تاريخ مصر الحديث، والذي خلف عشرات الآلاف من ضحايا الانتهاكات الحقوقية".
والمنظمات الموقعة هي مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والجبهة المصرية لحقوق الإنسان، ومؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، ومركز النديم لإعادة تأهيل ضحايا العنف والتعذيب، ولجنة العدالة (Justic for Committee)، ومبادرة الحرية، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
#تفويض_القمع: 10 سنوات ولا تزال منظومة #مكافحة_الإرهاب في #مصر إحدى أدوات السلطات المصرية لبناء واستدامة النظام الاستبدادي. #المحاكمات_الجماعية #الإعدام #القتل_خارج_نطاق_القانون #التعذيب #الاختفاء_القسري #التهجير_القسري #الاحتجاز_التعسفي #المحاكمات_العسكرية_للمدنيين pic.twitter.com/0G4kKEFase
— CIHRS (@CIHRS_Alerts) July 24, 2023
وفي ذكرى "خطاب التفويض"، كررت المنظمات الموقعة على البيان مطالبها بضرورة إجراء إصلاح عميق لمنظومة مكافحة الإرهاب في مصر، ووقف استهداف المعارضة السياسية السلمية ووسائل الإعلام والمجتمع المدني، ووضع حد للتعذيب والإفلات من العقاب والانتهاكات الجسيمة الأخرى التي تمارسها السلطات المصرية على مدار العقد الماضي.
وخلال السنوات العشر الماضية، وثقت المنظمات المشتركة في البيان، 4202 حكم إعدام أصدرتها محاكم مصرية، تم تنفيذ 448 منها، بعد محاكمات تستند إلى حد كبير إلى "اعترافات تحت التعذيب".
كما وثقت العديد من المنظمات الحقوقية عشرات من حالات القتل خارج نطاق القانون، في "نمط واضح للقتل غير القانوني". ومنذ يوليو/ تموز 2013، حبس عشرات الآلاف من الأفراد ظلماً، إما بعد إدانتهم في محاكمات بالغة الجور، أو رهن الحبس الاحتياطي المطول لفترات تجاوزت أحياناً الحد الأقصى المسموح به قانوناً (عامين).
ومن بين ضحايا هذه الممارسات القمعية مدافعون عن حقوق الإنسان، وأعضاء وشخصيات بارزة في المعارضة السياسية السلمية، وصحافيون وفنانون، وصناع محتوى على مواقع التواصل الإجتماعي. وحتى الآن، لا تزال منظومة مكافحة الإرهاب في مصر إحدى الأدوات الأساسية التي تستخدمها السلطات لبناء واستدامة النظام الاستبدادي، حسب بيان المنظمات.
وذكّرت المنظمات، بموقفها الثابت أن التشريع المصري في 2013 كان يتضمن بالفعل أحكاماً تجرم الإرهاب، وأن مكافحة الإرهاب لم تكن بحاجة لقوانين جديدة أو لتفويض.
ورأت أن توظيف قانون العقوبات المصري، الذي عدل عام 2014، وقانون مكافحة الإرهاب وقانون الكيانات الإرهابية، الصادرين بموجب مرسوم رئاسي عام 2015، بشكل منهجي لمعاقبة المعارضة السلمية.
كما حذرت المنظمات مراراً وتكراراً من مخاطر تشريعات مكافحة الإرهاب على الحقوق والحريات، باعتبارها تشجع على استخدام القوة المميتة وترسخ للإفلات من العقاب.
وأشارت إلى أنه بين عامي 2015 و2022، أدرجت المحاكم المصرية بشكل تعسفي 4620 مواطناً مصرياً، بينهم سياسيون سلميون ومدافعون عن حقوق الإنسان، على قوائم الإرهاب دون محاكمة وبناءً على تحقيقات أمن الدولة.
وبحسب رصد المنظمات فإنه في عام 2022 وحده، أمرت دوائر الإرهاب بتمديد احتجاز ما يقرب من 25000 فرد، بينهم مدافعون عن حقوق الإنسان وصحافيون ومعارضون سلميون، بينما أمرت فقط بالإفراج عن 1.41٪ منهم.
ومنذ يوليو/ تموز 2013، أحيل آلاف المدنيين لمحاكم عسكرية على الرغم من أن الدساتير المصرية المتعاقبة كانت تتيح محاكمة المدنيين عسكرياً، إلا أن المرسوم الرئاسي 136/2014، الصادر في 2014، تعمد توسيع صلاحيات المحاكم العسكرية، ومنحها سلطة محاكمة المدنيين الذين يُزعم تورطهم في جرائم تم ارتكابها في نطاق ما تعتبره السلطات "المرافق العامة والحيوية".
ووفقاً للمنظمات الموقعة على البيان، فقد "تتواطأ نيابة أمن الدولة العليا في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك الإخفاء القسري والتعذيب، من خلال الرفض المنهجي للتحقيق في مزاعم الانتهاكات وانتزاع الاعترافات تحت التعذيب"، مشيرة في السياق إلى أن "سيناء أكثر المناطق تأثراً بإجراءات مكافحة الإرهاب التي اتخذتها السلطات المصرية"،
وأردفت بالقول إن "السلطات المصرية استخدمت كذلك مكافحة الإرهاب لاستهداف وسائل الإعلام المستقلة والمجتمع المدني، بدايةً من الحظر التعسفي للتغطية الإعلامية لقضايا محددة، وصولاً إلى حجب مئات المواقع، بما في ذلك تلك الخاصة بالمنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام المستقل، وذلك بحجة المخاوف الأمنية المزعومة المتعلقة بالإرهاب"، مبينة أنه "في النهاية هذا أدى إلى تراجع مصر ثمانية مراتب على المؤشر العالمي لحرية الصحافة، لتصبح واحدة من أكبر سجون الصحافيين".
وانتقدت المنظمات كل المبادرات التي طرحها النظام بزعم معالجة تأزم حالة حقوق الإنسان، وقالت في بيانها إنه وكـ"بذريعة مكافحة الإرهاب، حصلت السلطات المصرية على موافقة وطنية ودولية لتطوير السياسات والممارسات التي تعزز من ترسيخ السلطوية وسحق المعارضة السلمية".
وأردفت أنه "وبعد 10 سنوات، ومع استمرار تدهور حالة حقوق الإنسان في مصر، أعلنت السلطات عن عدة مبادرات يُزعم أنها تهدف إلى معالجة الأزمة وتهدئة الانتقادات الدولية الخافتة بطبعها. ومع ذلك، ونظراً لغياب الإرادة السياسية، لم تسفر أي من هذه المبادرات، بما في ذلك الحوار الوطني مؤخراً، عن أي تغيير حقيقي".
وشددت على أنه "إن كنا بصدد إرادة سياسية حقيقية لمعالجة أزمة حقوق الإنسان في مصر، فنقطة الانطلاق هي إجراء إصلاح شامل لمنظومة مكافحة الإرهاب".
والمنظمات الموقعة هي مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والجبهة المصرية لحقوق الإنسان، ومؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، ومركز النديم لإعادة تأهيل ضحايا العنف والتعذيب، ولجنة العدالة (Justic for Committee)، ومبادرة الحرية، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية.