أعلنت ست منظمات حقوقية مصرية ودولية، رفضها القاطع لزيارة الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، للعاصمة البلجيكية بروكسل، للمشاركة في الدورة السادسة لقمة المشاركة بين الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي، والتي ستعقد على مدار يومي 17 و18 فبراير/شباط الجاري بمقر الاتحاد الأوروبي، وطالبت الاتحاد الأوروبي بالتنديد علناً بأزمة حقوق الإنسان المستمرة، والضغط من أجل تحسينات حقيقية.
وقالت المنظمات في بيانها المشترك، الصادر مساء الثلاثاء، عقب سفر السيسي: "بينما يستعد مسؤولو الاتحاد الأوروبي لاستقبال رؤساء الدول الأفريقية في قمة الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي ببروكسل، يومي 17 و18 فبراير/شباط الجاري، تدعو المنظمات الحقوقية الـ6 الموقّعة على هذا البيان قادة الاتحاد الأوروبي وبلجيكا إلى عدم الاحتفاء بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي".
وقالت المنظمات: "تسعى السلطات المصرية إلى تحسين صورتها أمام العالم، بعدما تم تسليط الضوء في الأشهر الأخيرة على أزمة حقوق الإنسان في ظل الحكم القمعي للرئيس السيسي، لذا فمن المنتظر أن يتجنب المسؤولون في الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء الانخراط في أية لقاءات ثنائية مع الرئيس السيسي خلال فترة وجوده في بروكسل، ما لم يتطرقوا فيها بشكل حاسم لأزمة حقوق الإنسان، باعتبارها قضية مفصلية في علاقة الاتحاد الأوروبي بمصر، ويتخذون موقفًا واضحًا وعلنيًا بشأن هذه المسألة".
وذكرت المنظمات أنه في يناير/كانون الثاني 2021، أصدرت 12 منظمة حقوقية رسالة مشتركة إلى قادة الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء، تستعرض نماذج للانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان المرتكبة في مصر، بما في ذلك قمع المجتمع المدني، وتفشي الاحتجاز التعسفي، وزيادة تنفيذ عقوبة الإعدام.
وقد دعت الرسالة الاتحاد الأوروبي إلى إجراء مراجعة شاملة لعلاقاته مع مصر، ورغم بعض القرارات بإطلاق سراح قلة من السجناء منذ تسليم تلك الرسالة، لم يشهد الوضع العام لحقوق الإنسان في مصر تحسناً ملموساً.
وقال توم جيبسون، ممثل لجنة حماية الصحفيين في الاتحاد الأوروبي: "يهاجم الرئيس السيسي الصحافة بشكل منهجي، ويسجن الصحفيين، ويُسكت الأصوات الناقدة، وعلى المفوضية الأوروبية أن تلتزم بقيمها وتطالب السيسي خلال الزيارة بالكف عن قمع وسائل الإعلام، وإلا لا يمكن للمفوضية أن تدع الشراكة تستمر كالمعتاد".
وقال وديع الأسمر، رئيس الأورو- متوسطية للحقوق: "على الاتحاد الأوروبي أن يتوقف عن غض الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان واسعة الانتشار والتنكيل المستمر بالأصوات السلمية المعارضة في مصر، ولعل الحكم الأخير على محامي حقوق الإنسان محمد الباقر، والمدون علاء عبد الفتاح، من قبل محكمة الطوارئ، هو دليل محزن على ذلك. نحن بحاجة إلى إدانة أكثر وضوحًا لهذه التطورات السلبية، ونتطلع لوقوف الاتحاد الأوروبي بجانب المجتمع المدني المستقل وضحايا هذه الانتهاكات، حتى لا يُفسر صمته على أنه تأييد للممارسات المروعة للسلطات المصرية".
من جانبه، قال أحمد مفرح، المدير التنفيذي لـ كوميتي فور جستس: "تسعى مصر إلى أن تكون شريكًا رئيسيًا للاتحاد الأوروبي، ولكن وفقًا لشروطها. إذ يواصل النظام المصري استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والمحامين، ويعول على الدبلوماسية للإفلات من المحاسبة عن جرائمه. ويعكس التعذيب المنهجي في أقسام الشرطة، والإخفاء القسري، والاحتكام لمحاكم الطوارئ الآثار المدمرة للإفلات من العقاب السائد في مصر. يجب على الاتحاد الأوروبي دعم الجهود المبذولة لتشكيل آلية أممية للمراقبة على مصر في مجلس حقوق الإنسان، والتعبير بقوة عن الأثر السلبي لسياستها في مجال حقوق الإنسان على حلفائها. يجب أن تقوم الشراكة مع مصر على أساس احترام جميع حقوق الإنسان".
وتعرضت مصر لإدانة واسعة من زعماء العالم، خلال جلسة مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في مارس 2021 بسبب تدهور حالة حقوق الإنسان فيها، وعلى الرغم من ذلك قدم الاتحاد الأوروبي ومصر في وقت سابق من هذا العام عرضًا مشتركًا لرئاسة المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب.
وقالت ليزلي بيكيمال، مسؤولة شؤون المناصرة الدولية لدى الاتحاد الأوروبي بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان: "في مارس/آذار 2021، تطرقت 32 دولة في مجلس حقوق الإنسان، بما في ذلك دول أعضاء بالاتحاد الأوروبي، لسجل مصر المروع في مجال حقوق الإنسان. وبعد مرور عام تقريبًا، يتوجه الرئيس السيسي لبروكسل لحضور قمة الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي. والآن، يجب على الاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية التأكيد على رسالة العام الماضي والامتناع عن تكريم السيسي أو الاحتفاء به على نحو يُجمل صورة مصر أمام العالم، بينما تستمر الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان".
من جانبه، أشار ألكسيس دسويف، نائب رئيس الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، إلى "ارتكاب نظام السيسي انتهاكات وحشية يومية لحقوق الإنسان بدعوى حماية الأمن القومي ومكافحة الإرهاب، وتبيع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الأسلحة لمصر بلا خجل. ولعل الأخبار الأخيرة بشأن تقديم الاتحاد الأوروبي ومصر عرضًا مشتركًا لرئاسة المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب معًا، يعد بمثابة علامة أخرى مشينة للاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء بشأن اعتبارهم مصر شريكًا متميزًا، رغم قمعها العنيف للأصوات المعارضة".
وقال إنه "يجب على الاتحاد الأوروبي أن يغير مساره على وجه السرعة، وإرسال إشارة واضحة للسيسي مفادها أنه لا تسامح مع سجل مصر المروع في مجال حقوق الإنسان بعد الآن".
وبحسب أندريا براسو، المديرة التنفيذية لمبادرة الحرية، فإن "زيارة الرئيس السيسي فرصة للقادة الأوروبيين لإظهار اهتمامهم بعشرات الآلاف من المسجونين ظلمًا في مصر، أكثر من اهتمامهم بالترحيب الحار بالرئيس المصري. كما يجب أن يوضح أي زعيم يجتمع مع السيسي ضرورة أن تفي مصر بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان، لا سيما من خلال إنهاء الاحتجاز التعسفي، ورفع حظر السفر غير القانوني، ووقف استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان خارج حدودها".
الموقعون هم مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان (CIHRS) وكوميتي فور جستس (CFJ)، ولجنة حماية الصحفيين (CPJ)، والأورو-متوسطية للحقوق، ومبادرة الحرية، والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان (FIDH).