حذّرت منظمات مدنية في تونس من إمكانية التلاعب والمتاجرة بجوازات التلقيح ضد فيروس كورونا، بعد رصد اختراقات لمنظومة التسجيل "إيفاكس"، وتمكّن أشخاص من الولوج إليها، ما يُمثّل خطراً على الصحة العامة والمعطيات الشخصية للمواطنين.
ويتزامن هذا التحذير مع دخول المرسوم الرئاسي الخاص بإجبارية الجواز الصحي، اليوم الأربعاء، حيز التنفيذ.
"ويهم منظّمة أنا يقظ أن تحذّر بناء على ما ورد عليها من تبليغات تفيد بوجود اختراقات لمنصّة إيفاكس الالكترونية والتلاعب بمنظومة التلقيح وإسناد جوازات التلقيح لغير مستحقيها في ظلّ استهتار وزارتي الصحّة وتكنولوجيات الاتصال."
— I WATCH Organization (@IWatchTN) December 21, 2021
https://t.co/sWc9tmxWh6
وفي السياق، دقّت منظمة "أنا يقظ" ( مدنية تهدف إلى محاربة الفساد وتعزيز الشفافية) ناقوس الخطر، من ورود أنباء تفيد بوجود اختراقات لمنصّة إيفاكس الإلكترونية والتلاعب بمنظومة التلقيح، وإسناد جوازات التلقيح لغير مستحقيها.
وقالت المنظمة، في بيان الثلاثاء، إنها تحقّقت من صحّة التبليغات بمعاينة التجاوزات الخطيرة عن طريق عدل منفذ، بعد أن تمكنت من الولوج إلى منصة إيفاكس (القسم الخاص بأعوان وزارة الصحة) عقب الحصول على اسم المستخدم وكلمة المرور المشتركة بين جميع الأعوان، معتبرة أن "كلمة المرور سهلة الاختراق".
وأكد عضو منظمة "أنا يقظ"، مهاب بالقروي، أنّ "ثغراث هيكلية في منظومة التسجيل تجعل عملية الولوج إليها سهلة"، منبها إلى "تسجيل عملية اتجار وسمسرة بجوازات التلقيح التي تباع بأسعار تتراوح ما بين 50 و400 دينار لغير الملقحين" (دينار تونسي يساوي 0.35 دولار أميركي).
وقال بالقروي، لـ"العربي الجديد"، إنّ" المنظمة عاينت الثغرات عن طريق عدل منفذ، وذلك لخطورة الأمر وإمكانية التلاعب بالمعطيات الشخصية للمواطنين المسجلين على المنظومة، وأبلغت سلطة الإشراف التي تداركت بعض الثغرات"، غير أنه اعتبر ذلك "غير كاف".
وأفاد المتحدث أن وزارة الصحّة "قامت بتمكين عدد كبير من المتطوعين، خلال الأيام المفتوحة للتلقيح، من اسم مستخدم وكلمة المرور إلى المنصة الرقمية للتسجيل، وهو ما يجعل التدخل لتغيير البيانات أمرا سهلا، على غرار مواعيد التلقيح ونوع الجرعات، وتأكيد تلقي الجرعات واختيار نوع اللقاح، وصولا إلى إسناد جوازات تلقيح وهميّة".
واعتبرت "أنا يقظ" أن الثغرات التي تركتها السلطات في المنظومة "فتحت باباً للتلاعب والمتاجرة بجوازات وشهادات التلقيح، في ظلّ غياب رقابة وزارة الصحّة، مما يمثل ضربا لمصداقية حملة التلقيح منذ بدايتها ويضيع مبدأ السلامة المعلوماتية، وحق المواطنين في حماية معطياتهم الشخصيّة".
وأمس الثلاثاء، قالت منظمة العفو الدولية، في بيان لها: "إنه يجب على السلطات التونسية أن توقف تنفيذ المرسوم الجديد بشأن فيروس كوفيد-19، ريثما يتم تعديله"، معتبرة أن ا"لمرسوم سيحرم أي شخص يبلغ من العمر 18 عاما أو أكثر لا يحمل جواز التلقيح من الدخول إلى عدد كبير من الفضاءات العامة والخاصة، ويحظر عليهم العمل في القطاع العام أو وظائف القطاع الخاص بأجر، وإذا كانوا مواطنين تونسيين- يمنعهم من السفر إلى الخارج".
#تونس: يجب على #السلطات ألا تنفذ #المرسوم الجديد قبل تعديله لضمان عدم انتهاك اشتراطات جواز #التلقيح للقانون الدولي لحقوق الإنسان، من خلال تهديد لقمة عيش التونسيين من دون داعٍ عبر فرض عقوبات قاسية بلا مبرر على عدم الامتثال للقانون. للمزيد: https://t.co/VHdqNt0l1A pic.twitter.com/nhujCAUqhh
— منظمة العفو الدولية (@AmnestyAR) December 22, 2021
واعتبرت المنظمة أن "المرسوم يحتاج إلى تعديل النصوص التي تنتهك حقوق العمل وحرية التنقل التي يكفلها القانون الدولي".
وقالت نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية آمنة القلالي، إنه "يجب على السلطات التونسية ألا تنفذ المرسوم الجديد قبل تعديله لضمان عدم انتهاك اشتراطات جواز التلقيح للقانون الدولي لحقوق الإنسان، من خلال تهديد لقمة عيش التونسيين من دون داعٍ، عبر فرض عقوبات قاسية بلا مبرر على عدم الامتثال للقانون".
ويمنع المرسوم الجديد أعوان الدولة والأُجراء من مباشرة العمل حتى يحصلوا على جواز التلقيح، ويلزم أصحاب العمل بعدم دفع الأجور لهم خلال فترة التعليق. كما أنه يجب على السلطات إصدار أوامر للمؤسسات التي تخلّ بتطبيق اشتراطات جواز التلقيح، باستثناء المرافق الصحية الخاصة، بالإغلاق لمدة تصل إلى 15 يوماً.
ويمكن لهذه العقوبات أن تهدّد، بشكل غير منطقي، لقمة عيش الذين عوقبوا وأسرهم، خاصة في ظلّ الأزمة الاقتصادية الحادة القائمة في تونس. فالبنية التحتية للرعاية الصحية العامة ليست على قدم المساواة في جميع أنحاء البلاد، وأضعف في بعض المناطق الفقيرة، ما يؤثر على الحصول على اللقاحات.
وقالت السلطات التونسية إن جواز التلقيح يهدف إلى تحقيق مناعة جماعية.
وبدأت تونس حملة التلقيح ضد فيروس كورونا في مارس/ آذار الماضي، غير أن وتيرة التطعيم تصاعدت منذ أواخر يوليو/تموز مع حصول البلاد على كميات لقاح كبيرة، ما ساعد على تكثيف عمليات التطعيم التي شملت أكثر من 50 بالمائة من المواطنين.