منظمات تونسية تدعو لمحاسبة المسؤولين عن أزمة عقارب: تلوث وأمراض وقمع

11 نوفمبر 2021
أكدت المنظمات في المؤتمر على حق أهالي عقارب التونسية بالعيش في بيئة سليمة (العربي الجديد)
+ الخط -

أكّدت منظمات حقوقية ومهنية عدّة، وممثّلون عن حراك عقارب "مانيش مصب"، رفضها المقاربة الأمنية القمعية تجاه التحرّكات الاحتجاجية في عقارب، في ولاية صفاقس، داعية إلى "محاسبة كلّ من تورط في الأزمة"، وأكّدت تعاطفها مع عائلة الفقيد عبد الرزاق لشهب، الذي توفي، الإثنين الماضي، ليلة الاحتجاجات.

وأضافت المنظمات، في مؤتمر صحافي عُقد اليوم الخميس، في مقرّ النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، أنّ "من حقّ أهالي عقارب العيش في بيئة سليمة ونظيفة، وإيجاد حلّ جذري ونهائي لمكب القنة بعقارب".

ويأتي هذا المؤتمر في الوقت الذي تتواصل فيه، اليوم الخميس، التحركات الاحتجاجية المعبّرة عن رفض الأهالي للمكب.

غضب في عقارب التونسية

وقال عضو حملة "مانيش مصب"، شكري البحري: "هناك غضب وغبن في عقارب اليوم. هذه المنطقة تعيش كارثة". 

وأكّد أنّ "الحراك هو حراك اجتماعي احتجاجي، فيما المشاركون لا ينتمون لأيّ طرف سياسي، وهدفهم التوعية بخطورة التلوّث، وكانت مهمتهم نشر الوعي في البداية، فتحوّل المسار لاحقاً إلى مسار قضائي، وذلك بسبب تجاوز الدولة للقانون وفتح المكب في العام 2008". وأشار إلى أنّ " المكب فُتح رغم قربه من محمية القنة الطبيعية، وتحوّل إلى مكب الموت، وهو غير مراقب".

وأضاف أنّه "تمّت مواجهة الحراك الاجتماعي في عقارب بجميع أصناف الغاز، وهناك أنواع جديدة استُعلمت فيه لأول مرة ضد الأهالي، ما تسبّب في حالات إغماء". وأضاف أنّ "ما يحصل ينتهك حق المواطنين في العيش في بيئة نظيفة".

وقال البحري، في تصريح لـ"العربي الجديد "، إنّهم "يرفضون المكب في عقارب وفي المحرص، أو في أي منطقة أخرى، لأنّ تصدير الأزمة مرفوض". وأشار إلى أنّ "عقارب مجرد نموذج يجب ألا يتكرّر في أي منطقة، ويجب ألا تعيش منطقة أخرى ما عاشه أهالي عقارب من ظلم ومعاناة مع التلوث والأمراض والموت، وهناك تحركات قضائية أخرى ضدّ مكب المرجين، التي لم يتم البتّ فيها بعد".

وتابع أنّ الأهالي "عانوا من العديد من الأوبئة والأمراض وتلوّث الهواء والماء والتراب، واكتشفوا العديد من التجاوزات التي تقع في المكب، مع وجود نفايات طبية، وذلك مخالف للقوانين. وأكّد أنهم منذ العام 2016 يتفاوضون مع المسؤولين للتحذير من هول الكوارث البيئية، ومن الموت المحدق بالأهالي".

عقارب في تونس: من أزمة نفايات إلى أزمة اجتماعية

وأضاف: "تمّ تجاوز أزمة النفايات إلى خلق أزمة اجتماعية بين الجهات"، مشيراً إلى أنّ "الحراك بيئي، ولكن تمّت مواجهته بالكثير من العنف، وللأسف العنف لا يولد إلاّ العنف، فعشرات السيارات تحمي مكب النفايات الذي أصبح أغلى من المواطن".

وقال الناشط بالمجتمع المدني من عقارب، مأمون العجمي، إنّ "ما حصل في عقارب إبادة جماعية وفضيحة دولة، والإشكال ليس في عقارب وحدها، لأنّ تونس بأكملها تعاني من التلوث والنفايات". 

وأكّد: "لم يسمع أحد صوتنا ونضالنا من أجل بيئة سليمة منذ سنوات"، مضيفاً أنّ "السبب في الأزمة الحالية هم المسؤولون والباحثون عن الكراسي والأحزاب، لأنهم لم يقوموا بواجبهم، فمنظومة الردم منظومة متخلّفة، وتونس أو عقارب ليست مزبلة" .

وأضاف العجمي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "مسيرة احتجاجية انطلقت اليوم، وسيتواصل الحراك إلى حين وضع حدّ للمكب"، مضيفاً أنّ "الاحتجاجات طبيعية، وهي ضدّ التلوث، والمطلب بسيط، وهو الحق في الحياة".

وشدّد على أن "نضال الأهالي سلمي، وهم يريدون ضمانات من أجل بيئة سليمة بعيداً عن الحلول الأمنية".

ضعف بصر وعقم؟

وأكّدت منال بن عرفة، أستاذة من عقارب، أنها "تطلق اليوم صرخة على أمل أن يصل صوتها، فأطفال عقارب يموتون ويشتكون من العديد من الأمراض، خاصة من نقص البصر، وهناك عدة عوامل بيئية وراء فرط الحركة وتشتّت الانتباه لدى التلاميذ"، مشيرة الى أنّ "العديد من العائلات في عقارب تعاني من العقم منذ وجود المصبّ". 

وقال المسؤول عن الإعلام بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر، إنهم "يقفون مع حق أهالي صفاقس في بيئة سليمة، ومسؤولية الدولة هي في إيجاد حلّ والابتعاد عن الصراعات التي تسبّبت فيها جراء قرارات غير مدروسة". وأشار إلى أنّ "رئاسة الجمهورية شدّدت بداية على حلّ الأزمة، إلاّ أنه تمّ اللجوء إلى الحلّ الأمني". 

وأوضح بن عمر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّه "لا بد من محاسبة كلّ من تسبّب في الأزمة، وأي محاولة لتوظيفها سياسياً مرفوضة، ولابد من فتح قنوات الحوار".

مسؤولية قيس سعيد عن أزمة عقارب

وأضاف أنّ "رئاسة الجمهورية تتحمّل المسؤولية السياسية، لأنّها وراء الحلّ الأمني في قمع التحركات الاحتجاجية بعقارب"، مشيرا إلى أنّ "هناك صورا مرعبة في عقارب، تذكّر بأحداث يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط. ورغم تصريحات الرئيس بعد 25 يوليو/حزيران للقطع مع هذه الممارسات، إلاّ أنّ التعامل الأمني يكشف العكس، ولابد من احترام القرارات القضائية والقانون، ويبقى الحلّ ممكناً إذا نجحت الدولة في عقد حوار يجمع جميع الفاعلين".

المساهمون