دقّت جمعيات الإغاثة الخيرية ناقوس الخطر بشأن الأوضاع في غزة، بعد أكثر من شهرين على بدء العدوان الإسرائيلي، محذرة من الفظائع التي يرتكبها الاحتلال.
ورسمت المنظمات الدولية في مؤتمر عبر الفيديو مع الصحافيين هذا الأسبوع، صورة قاتمة لما أسمته "منظمة رعاية الأطفال" بـ"الفظائع" في غزة التي تتكشف في القطاع. وقالت بشرى الخالدي من منظمة "أوكسفام"، ومقرها المملكة المتحدة، إن الوضع في غزة "ليس مجرد كارثة، إنه مروع مع عواقب محتملة لا رجعة فيها على الشعب الفلسطيني". وأضافت: "المناطق الآمنة الإسرائيلية داخل غزة هي سراب".
وكان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) قد أعلن في وقت متأخر، الخميس، أن 14 مستشفى فقط من أصل 36 في قطاع غزة لا تزال تعمل. وحذرت ألكسندرا ساييه من "أنقذوا الأطفال" من أن "أولئك الذين نجوا من القصف يواجهون الآن خطر الموت الوشيك بسبب الجوع والمرض". وأضافت: "تخبرنا فرقنا عن ديدان يجري انتشالها من الجروح، وأطفال يخضعون لعمليات بتر أطراف دون تخدير"، أو يصطفون بالمئات لاستخدام "مرحاض واحد"، أو يجوبون الشوارع بحثاً عن الطعام.
مستشفيات غزة تتحول لمشارح
وبعد انتهاء الهدنة المؤقتة التي استمرت سبعة أيام بين 24 نوفمبر/ تشرين الثاني والأول من ديسمبر/ كانون الأول، واستئناف العمليات العسكرية، نشر الجيش الإسرائيلي خريطة قال إنها ستساعد سكان غزة على "الإخلاء من مناطق محددة لسلامتهم".
وفرّ مئات الآلاف من الفلسطينيين من شمال قطاع غزة بحثاً عن الأمان في الجنوب منه، ولكنهم تعرضوا للقصف هناك. وبحسب شاينا لو من المجلس النرويجي للاجئين: "ببساطة لا توجد مساحات آمنة في غزة، وقد رأينا هذا منذ التوجيه الإسرائيلي الذي يدعو الناس إلى الفرار من شمال غزة إلى الجنوب".
وأكدت أن "التوجيهات الإسرائيلية التي تُجبر الفلسطينيين على الوجود في المناطق المكتظة جنوب غزة، من دون أي ضمانات للسلامة أو العودة، تنتهك بشكل صارخ القانون الإنساني الدولي".
وروت ساندرين سيمون، من جمعية "أطباء العالم" الخيرية، كيف أصيب زميل لها في مدينة خانيونس بجنوب القطاع: "عندما هاجمت دبابة مدرسة كان قد لجأ إليها". وأضافت: "استغرق الأمر ساعات للوصول إلى المستشفى"، حيث كان فريق التمريض "المرهق" يحاول يائساً رعاية مئات المرضى الممددين على الأرض. وحذرت "مستشفيات غزة تصبح مشارح. هذا غير مقبول".
وروت رئيسة منظمة "أطباء بلا حدود" إيزابيل ديفورني قصة مماثلة. وقالت: "نعمل في مستشفى الأقصى، ونستقبل ما معدله 150 إلى 200 جريح حرب يومياً منذ الأول من ديسمبر". أضافت أنه في أحد أيام هذا الأسبوع "استقبلنا عدداً من القتلى يفوق عدد الجرحى. المستشفى مكتظ والمشرحة مكتظة، والوقود والإمدادات الطبية بلغت مستوى منخفضاً للغاية".
الأوضاع في غزة أشبه بمذبحة عشوائية
وأشارت ديفورني إلى أن الوضع مأساوي أيضاً في مستشفى ناصر في خانيونس، حيث إن "20 في المائة من المرضى الذين يصلون إليه توفوا بالفعل". وتشكل النساء والأطفال ما دون الثامنة عشر غالبية القتلى في غزة. وتحدثت ديفورني عن "مذبحة عشوائية". أضافت: "أظهرت إسرائيل تجاهلاً تاماً لحماية المنشآت الطبية في غزة".
وكررت وكالات تابعة للأمم المتحدة تحذيراتها بشأن تدهور الأوضاع في غزة صحياً وغذائياً، وانهيار النظام العام ما لم يجر وقف إطلاق النار. وقال برنامج الأغذية العالمي إن خطر "المجاعة" في غزة مرتفع.
بدوره، قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه "بالنظر إلى الظروف المعيشية ونقص الرعاية الصحية، يمكن أن يموت عدد أكبر من الناس بسبب الأمراض مقارنة بالقصف" في غزة. وحذر من أمراض عدة بما في ذلك التهابات الجهاز التنفسي الحادة والإسهال والطفح الجلدي وجدري الماء، التي ظهرت بسبب الاكتظاظ ونقص الغذاء والماء والنظافة الأساسية والأدوية. وبحسب كيارا ساكاردي من منظمة العمل ضد الجوع، فإن "الوضع يقوض كرامة الناس، لأنهم لا يستطيعون تنظيف أنفسهم أو تنظيف أطفالهم"، داعية إلى وقف إطلاق النار وإرسال مساعدات عاجلة.