استمع إلى الملخص
- أصدرت "لجنة العدالة" و"مركز سيدار للدراسات القانونية" بياناً يحذر من انتهاكات حقوقية جسيمة، وناشدت الأمم المتحدة لمنع ترحيله، مشيرة إلى سجل مصر والإمارات السيئ في حقوق الإنسان.
- دعت المنظمتان المجتمع الدولي للضغط على لبنان لاحترام التزاماته، والسماح للقرضاوي بالسفر إلى دولة آمنة، معتبرتين ترحيله "وصمة عار" على سجل لبنان الحقوقي.
أفادت المنظمتان الحقوقيتان "لجنة العدالة" و"مركز سيدار للدراسات القانونية" بأنّ اعتقال الشاعر المصري عبد الرحمن يوسف القرضاوي في لبنان أثار قلقاً بالغاً بشأن احتمال تعرّضه للترحيل القسري إلى مصر أو الإمارات. وأشارتا إلى أنّ هذا الإجراء، في حال تنفيذه، يُعَدّ انتهاكاً خطراً لالتزامات لبنان الدولية، خصوصاً في ظلّ المخاطر العالية التي قد يواجها القرضاوي من تعذيب وإخفاء قسري وغياب الضمانات اللازمة لمحاكمة عادلة. وأوضحت المنظمتان، في بيان مشترك نشرتاه اليوم الاثنين، أنّ مثل هذا القرار قد يفتح الباب أمام انتهاكات حقوقية جسيمة عديدة تهدّد بصورة مباشرة الحقوق الأساسية للإنسان، وعلى رأسها الحقّ في الحياة، وهو حقّ أصيل لا يمكن المساس به.
وأتى بيان المنتظمتَين المشترك بالتزامن مع تقديمهما مناشدة عاجلة إلى المقرّر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب، وكذلك إلى المقرّرة الخاصة بالحق في حرية الرأي والتعبير في الأمم المتحدة، تطالبان فيها السلطات اللبنانية بعدم ترحيل المواطن المصري-التركي عبد الرحمن يوسف القرضاوي إلى مصر أو الإمارات.
وعبد الرحمن يوسف القرضاوي المعروف بكونه شاعراً وناشطاً سياسياً شخصية بارزة في معارضة الأنظمة القمعية، سواء في مصر أو في دول أخرى مثل الإمارات، وقد أوقفته السلطات اللبنانية بتاريخ 28 ديسمبر/ كانون الأول 2024 عند معبر المصنع الحدودي مع سورية، بناءً على مذكّرة صادرة عن مجلس وزراء الداخلية العرب. والمذكّرة المشار إليها مسيّسة في طبيعتها، بحسب ما أكدت المنظمتان، وهي تُستخدم وسيلة ضغط على الأصوات المعارضة، الأمر الذي يجعل اعتقال عبد الرحمن يوسف القرضاوي جزءاً من حملة إقليمية تستهدف النشطاء والمفكّرين.
ولفتت المنظمتان في مناشدتهما إلى أنّ "مصر معروفة بسجلّها السيّئ في مجال حقوق الإنسان، إذ تمارس أجهزة الأمن المصرية التعذيب بشكل منهجي"، وقد "وثّقت ذلك لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة في تقاريرها لعام 2023". وأشارت التقارير الصادرة عن المنظمتين إلى أنّ "أجهزة مثل الشرطة والمخابرات تعتمد التعذيب وسيلة رئيسية لانتزاع الاعترافات، ومعاقبة المعارضين السياسيين، وترهيب أيّ شخص يُعَدّ تهديداً للنظام. وتشمل أساليب التعذيب في مصر الضرب المبرح، والصدمات الكهربائية، والحرمان من النوم، والعزل الانفرادي لفترات طويلة. كذلك تُستخدَم هذه الأساليب بشكل متكرّر من دون أيّ خوف من المحاسبة، إذ يتّسم القضاء المصري بعدم الفاعلية في التحقيق أو محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات".
وأكدت التقارير الصادرة عن "لجنة العدالة" و"مركز سيدار للدراسات القانونية"، وفقاً لما جاء في بيانهما المشترك اليوم، أنّ "الضحايا الرئيسيّين لهذا النمط من الانتهاكات هم المعارضون السياسيون والنشطاء والصحافيون والشعراء مثل عبد الرحمن يوسف القرضاوي الذي تعرّض سابقاً لحملة ممنهجة من التشويه والاستهداف بسبب مواقفه المعارضة".
وفي ما يخصّ الإمارات، بيّنت المنظمتان الحقوقيتان "لجنة العدالة" و"مركز سيدار للدراسات القانونية" أنّ "الأوضاع ليست أقلّ سوءًا (من مصر)؛ فالبلاد تُصنَّف واحدة من الدول التي تمارس التعذيب والاحتجاز التعسفي بشكل منهجي، وفقاً لما أشارت إليه لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة كذلك في تقاريرها لعام 2022". أضافتا أنّ اللجنة الأممية "ذكرت أنّ السلطات الإماراتية تعتمد أساليب قمع قاسية ضدّ النشطاء السياسيين والحقوقيين، بما في ذلك الإخفاء القسري لفترات طويلة، والاحتجاز من دون محاكمة أو أيّ إمكانية للوصول إلى المحامين أو العائلات". كذلك أوضحت التقارير أنّ "التعذيب في الإمارات يتّخذ أشكالاً متعدّدة، تشمل الضرب المبرح والصدمات الكهربائية والتعذيب النفسي عبر العزل المطوّل والإهانة المستمرة. وهذه الممارسات تُنفّذ في سياق إفلات تام من العقاب، إذ تُعَدّ السلطات القضائية في الإمارات أداة بيد النظام، ما يجعل المحاكمات - إن حدثت - مجرّد واجهة صورية".
وشدّدت المنظمتان على أنّ ترحيل عبد الرحمن يوسف القرضاوي يمثّل انتهاكاً واضحاً وصارخاً لحقّه في حرية الرأي والتعبير. وشرحتا أنّ "القرضاوي لم يرتكب أيّ جرم سوى التعبير عن آرائه السياسية من خلال كلماته وأشعاره. ومع ذلك، فإنّ مواقفه المعارضة جعلته هدفًا للأنظمة القمعية التي تسعى إلى إسكات الأصوات النقدية بأيّ وسيلة". وأكدت المنظمتان أنّ هذا الانتهاك لا يطاول عبد الرحمن يوسف القرضاوي فقط، بل "يشكّل تهديداً لكلّ من يؤمن بحرية الفكر والتعبير، وهو حقّ تكفله المواثيق الدولية مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية اللذَين يلتزم بهما لبنان كجزء من التزاماته الدولية".
وأكملت "لجنة العدالة" و"مركز سيدار للدراسات القانونية"، في بيانهما، بأنّ "اعتقال عبد الرحمن يوسف القرضاوي وترحيله المحتمل يعرّضانه لخطر محدق يتمثّل في تعرّضه للتعذيب الجسدي والنفسي"، الأمر الذي قد يُلحق به "أضراراً لا يمكن تداركها. كذلك فإنّ احتمال تعرّضه للإخفاء القسري أو حتى القتل خارج إطار القانون ليسا مستبعدَين، خصوصاً في ظلّ سجلّ الأنظمة التي يُحتمَل ترحيله إليها. هذا بالإضافة إلى حرمانه من المحاكمة العادلة، إذ يُستخدَم القضاء أداةً لتصفية الحسابات السياسية، مع وجود آلاف المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي في سجون هذه الدول".
ودعت المنظمتان، في ختام مناشدتهما، المقرّرَين الأمميَّين المذكورَين آنفاً لحثّ السلطات اللبنانية على احترام التزاماتها الدولية، خصوصاً ما يتعلّق بمبدأ عدم الإعادة القسرية المنصوص عليه في المادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب. وطالبتا بعدم ترحيل عبد الرحمن يوسف القرضاوي إلى أيّ دولة قد يواجه فيها خطر التعذيب أو سوء المعاملة، والسماح له بالسفر إلى دولة آمنة يختارها بنفسه، بما يضمن سلامته وحماية حقوقه. ورأت المنظمتان أنّ أيّ قرار بترحيل عبد الرحمن يوسف القرضاوي سوف يكون "وصمة عار" على سجلّ لبنان الحقوقي، داعيتَين المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية إلى الضغط من أجل ضمان احترام حقوق الإنسان في هذه القضية الإنسانية الحساسة.