ملابس مستعملة في عيد تونس
في حي ابن خلدون بالعاصمة التونسية يقع أكبر سوق للملابس المستعملة، وتعلو فيه أصوات الباعة منذ الساعة السادسة صباحاً إلى السابعة مساء، يبيعون شتى أنواع الملابس لكل الفئات، إذ يشهد السوق توافد مئات الزبائن يومياً.
تتنقل عائشة بين الطاولات الخشبية التي تعرض الملابس المستعملة المكدسة بطريقة عشوائية. تركز على ملابس الأطفال لفرز ملابس قد تناسب أبناءها. تقول: "ليس هيناً اللجوء إلى الملابس المستعملة لأطفالي الأربعة، لكني تعودت على شرائها. كنت أحرص في عيد الفطر على شراء ملابس جديدة، لكن مع ارتفاع الأسعار هذا العام اضطررت إلى الشراء من أسواق الملابس المستعملة، فملابس طفل واحد تكلف نحو 100 دولار، ودخلي الشهري لا يتجاوز 300 دولار".
وتلجأ مزيد من الأسر إلى أسواق بيع الملابس المستعملة في ظل تدهور القدرة الشرائية. يقول عبد الرحمن ذياب إنه يزور أسواق الملابس المستعملة منذ ثلاثة أيام للبحث عن ملابس مناسبة لطفليه. يضيف: "أبحث عن ملابس ذات شكل جميل، ولا يوحي بكونها مستعملة. أسعار الملابس الجديدة باتت باهظة، كما أنها ليست ذات جودة عالية تناسب أسعارها، فأغلب ما يتم استيراده يأتي من الصين".
تشير سامية بالرابح، بينما تقلب الملابس المكدسة على الطاولات الخشبية، إلى أن "الملابس المستعملة باتت الحل، خصوصاً أن أغلب التجار يستغلون قرب حلول العيد لرفع الأسعار نظراً لإقبال العائلات على شراء ملابس جديدة لأبنائها. ملابس طفل واحد قد تحتاج إلى أكثر من 100 دولار، وهذا رقم لا يستطيع أغلب الأولياء توفيره، خصوصاً من لديهم أكثر من طفل".
وباتت أسواق الملابس المستعملة مقصداً لأغلب العائلات في المناسبات والأعياد بسبب ارتفاع كلفة شراء الملابس الجديدة. يقول رئيس الغرفة الوطنية لتجار الملابس المستعملة، الصحبي المعلاوي، لـ"العربي الجديد"، إن "المواطن التونسي غير قادر على مجاراة نسق ارتفاع أسعار العديد من المنتجات، خصوصاً الملابس المستعملة. التونسي بطبعه يقبل على الملابس المستعملة، وأسواقها موجودة في البلاد منذ أكثر من 75 سنة، ومنتشرة في جميع المحافظات، وقد ارتفع عدد شركات فرز الملابس المستعملة خلال السنوات الأخيرة، ويشغل القطاع عدداً كبيراً من الأشخاص".
يضيف المعلاوي: "الملابس المستعملة تناسب القدرة الشرائية لأغلب التونسيين، وغالبيتها ذات جودة عالية، ومن ماركات عالمية، ما يجعل كثيرين يقبلون عليها، خصوصاً في الأعياد خلال السنوات الأخيرة بسبب ارتفاع أسعار الملابس الجديدة"، محذراً من أنّ "قطاع الملابس المستعملة عاش أزمات كبيرة في السنوات الماضية، فجائحة كورونا أثّرت بشكل كبير على تزويد السوق المحلية بالمنتجات من الأسواق الأوروبية".
من جهته، يؤكد رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك لطفي الرياحي، لـ"العربي الجديد"، ارتفاع أسعار الملابس الجاهزة سنوياً، خصوصاً ملابس الأطفال، لا سيما في المواسم الاستهلاكية والمناسبات على غرار العودة المدرسية والأعياد، مضيفاً أن غالبية العائلات لا تقدر على شراء ملابس لأطفالها بسبب التكلفة.
يضيف الرياحي: "الملابس أغلبها مستوردة، لا سيما من الصين، نتيجة تراجع الإنتاج في الداخل التونسي، إذ سجلت صادرات قطاع النسيج والملابس ارتفاعاً بأكثر من 11 في المائة خلال العام الماضي، لكن أغلبها ليست بالجودة التي يبحث عنها التونسيون، لكنه لا سبيل أمامهم غيرها، فالماركات العالمية المستوردة باهظة الثمن، وأغلب العائلات لا تستطيع توفير المال اللازم لشرائها، خصوصاً أن نسق ارتفاع الأسعار يقابله تجميد الأجور، ما يجعل غالبية التونسيين غير قادرين على مجاراة الأسعار، كما أن التجار يستغلون هذه المناسبات لرفع الأسعار".
ومع حلول منتصف شهر رمضان، يسمح للمحال التجارية أن تفتح أبوابها للعموم طوال الليل، لكن يشكو أغلب التجار من تراجع الإقبال على بضائعهم. يقول كريم بو خذير، وهو صاحب محل لبيع الملابس، إنه لاحظ تراجع الإقبال خلال شهر رمضان على شراء ملابس العيد، فعلى الرغم من فتح المحال ليلاً، فإن الحركة التجارية تشهد ركوداً كبيراً، فالمواطن يتذمر من ارتفاع الأسعار، والتاجر مضطر لرفعها بسبب الضرائب المطلوبة منه، وارتفاع تكاليف التوريد".
في المقابل، تشهد محال بيع الملابس المستعملة إقبالاً كبيراً، إذ يجد فيها المواطنين ملابس تتراوح أسعارها بين 5 و50 دولاراً، وهي أسعار تناسب مقدرتهم الشرائية.