أقام مركز يُعنى بتمكين مكفوفين سوريين في مدينة إدلب، شمال غربي سورية، معرضاً لأشغال يدوية من القشّ صنعها مكفوفون تلقّوا تدريباً في هذا المجال في وقت سابق، بهدف تأمين دخل يجعلهم يعتمدون على أنفسهم، علماً أنّ هذه المنتجات تُباع في الأسواق بعد عملية الترويج التي يتكفّل بها المركز.
تقول المشرفة العامة على المركز شذى بركات، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المعرض الذي أقيم على مدى اليومَين الماضيَين في مدينة إدلب، ضمّ نحو 200 قطعة من الأشغال اليدوية، وهو الأوّل لمركز الأيادي المبصرة لتأهيل المكفوفين، وقد استقبل مئات الزائرين الذين أثنوا على عمل المكفوفين".
ولفتت بركات إلى أنّ "المركز يقدّم الرعاية والتدريب لهذه الشريحة المهملة والمهمّشة في المجتمع، إذ إنّ المكفوفين يعانون في الغالب من العزلة التي يدفعهم إليها الناس المحيطون بهم. ومن هذا المنطلق، استطاع المدرّبون تغيير حياة العشرات، وصار المكفوف يخرج من بيته في الصباح الباكر ويعود في نهاية الدوام الرسمي وهو يحمل أكياساً تفرح عائلته تماماً كأيّ إنسان مبصر".
وأوضحت بركات أنّ "المركز يقوم على ستّة مدرّبين من المكفوفين كذلك، وهدفه أن يصير كلّ متدرّب مدرّباً في المستقبل، فيعلّم غيره من المكفوفين هذه الصنعة التي تجعله قادراً على العيش منهاً، وأن يقتنع جميع العاملين فيه بأنّ الغاية هي جعل المتدرّب يعتمد على صنعته لا أن يكون متّكلاً على المساعدة".
أضافت بركات أنّ "المركز الذي تأسس في يوليو/ تموز من عام 2021 هو الوحيد من نوعه في المنطقة، ويحاول أن يستقطب أكبر عدد من المكفوفين البالغين"، مشيرة إلى أنّ "أحد أهداف المعرض هو الترويج للمركز الذي يقدّم نشاطاته بشكل تطوّعي بالكامل".
من جهته، قال يوسف المصري، وهو أب لطفل مكفوف ويقيم في إدلب، إنّه سرّ جداً بهذا النشاط، وتمنّى لو أنّه يشمل الأطفال كذلك، شارحاً لـ"العربي الجديد" أنّ "ابني لم يتجاوز أعوامه التسعة، وهو في حاجة إلى تأهيل ورعاية خاصَين لم يعودا متوفّرَين بعدما صرتُ أقضي معظم ساعات يومي في العمل، فيما أمّه تهتم بإخوته الصغار".
وكانت دراسة بعنوان "أوضاع الإعاقة في شمال وشمال غرب سورية واستراتيجية التصدي لها"، نشرها موقع "سوريتنا" في عام 2021، قد أشارت إلى أنّ ثمّة مركزَين وحيدَين لرعاية المكفوفين في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام شمالي سورية، أحدهما في حلب والآخر في إدلب. لكنّ الدراسة لفتت إلى عدم توفّر قاعدة بيانات دقيقة حول الأشخاص ذوي الإعاقة، ووجود تضارب في نسب الإعاقة وعدد ذوي الإعاقة بين تقريرَين صادرَين عن الأمم المتحدة في 2021.
وبيّنت الدراسة فجوات كبيرة في الخدمات المقدّمة لتلك الفئة، لافتة إلى أنّ أبرز مصاعب الأشخاص ذوي الإعاقة كانت الوصول إلى الخدمات الصحية، بسبب الازدحام الكبير وأوقات الانتظار الطويلة أمام المرافق الصحية، بالإضافة إلى بعد المسافة بين إقامة ذوي الإعاقة والمرافق. وقد أدّت هذه الأسباب، بحسب الدراسة، إلى إنفاق الأسر التي لديها أفراد من ذوي الإعاقة ما معدّله 38 في المائة من ميزانيتها على الرعاية الصحية، بسبب لجوئها إلى خدمات لقاء أجر.
تجدر الإشارة إلى أنّ إحصائية التركيبة السكانية، التي أعدّها فريق "منسقو استجابة سورية" في نهاية عام 2020، قدّرت عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في مناطق شمال غربي سورية بنحو 200 ألف شخص.