مقررون أمميون يطالبون الحكومة المصرية بتعديل قانون لجوء الأجانب

24 ديسمبر 2024
دخول آلاف السودانيين الفارين من الحرب إلى مصر، معبر قسطل البري، 13 مايو 2023 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أرسل مقررو مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة خطاباً للحكومة المصرية يطالبون بتعديل قانون لجوء الأجانب الجديد، معربين عن قلقهم من عدم توافقه مع القانون الدولي والتزامات مصر تجاه اللاجئين.
- أبدى الخبراء قلقهم من غياب مبدأ حظر الإعادة القسرية وتجريم تقديم المساعدات الإنسانية، ودعوا لإزالة التمييز ضد طالبي اللجوء غير النظاميين وتوضيح عمل اللجنة الدائمة لتحديد صفة اللاجئ.
- طالب الخبراء بتعديلات لحماية ضحايا الاتجار وضمان المحاكمة العادلة، وأوصوا بمنح المفوضية السامية مقعداً في اللجنة الدائمة وتعديل تعريف اللاجئ ليتماشى مع الاتفاقيات الدولية.

أرسل سبعة من مقرري مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة خطاباً مشتركاً إلى الحكومة المصرية، اليوم الثلاثاء، يطالبونها فيه بتعديل قانون لجوء الأجانب الجديد الذي أقره مجلس النواب الشهر الماضي، ووقعه الرئيس عبد الفتاح السيسي في صورته النهائية في 17 ديسمبر/ كانون الأول الحالي.

وقال المقررون الأمميون في خطابهم إن لديهم تحفظات عميقة وتعليقات مفصلة حول القانون إذا تم تطبيقه بشكله الحالي بصفته أول تشريع وطني منظم للجوء في مصر، إذ إنه شديد البعد عن القانون الدولي، ومخل بشكل صريح بالتزامات مصر القانونية بموجب قوانين اللجوء المتعددة التي صدقت عليها، وباتت جزءاً من منظومتها الدستورية والقانونية.

وأضاف الخطاب، الذي جاء في 17 صفحة، أن هناك استحالة في تطبيق القانون الجديد بشكل يتفق مع التزامات مصر المتعلقة بالحماية الدولية للاجئين، وما يمثله ذلك من تقويض لحالة حقوق الإنسان ومنظومة الحماية الممنوحة للاجئين في الوضع القائم الذي تشرف فيه المفوضية السامية للأمم المتحدة على ملف اللجوء في مصر، لا سيما مع غياب التفاصيل عن الفترة الزمنية المطلوبة للانتقال من الإطار القانوني الحالي إلى الإطار الذي ينظمه القانون.

ووقع على الخطاب كل من المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان للمهاجرين جهاد ماضي، والمقررة الخاصة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة هبة هجرس، والمقررة الخاصة المعنية بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، والمقررة الخاصة المعنية بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، والمقررة الخاصة المعنية بحرية الدين أو المعتقد، والمقررة الخاصة المعنية بالاتجار بالأشخاص، بالإضافة إلى فريق العمل المعني بالتمييز ضد النساء والفتيات.

وتمثلت أبرز النقاط التي أثارت قلق الخبراء الأمميين وطالبوا السلطات المصرية بتعديلها، في الحمايات والضمانات الأساسية للاجئين وطالبي اللجوء، وأن الركيزة الأساسية للقانون الدولي للاجئين تتمثل بمبدأ حظر الإعادة القسرية أو الرد، الذي يضمن عدم إعادة أي شخص إلى أي بلد قد يواجه فيه خطراً حقيقياً. وعكس الخطاب قلقاً واضحاً من عدم الإشارة في القانون إلى هذا المبدأ، والاكتفاء بحظر تسليم اللاجئ (أي من تم إسباغ صفة اللجوء عليه) إلى بلد المنشأ أو الإقامة الدائمة، بينما يشمل مبدأ حظر الرد حماية أوسع لكل من يواجه خطراً حقيقياً في البلد التي جاء منه، ويتضمن اللاجئين وطالبي اللجوء قبل وأثناء فحص طلباتهم.

وأكد الخطاب أن النص على مبدأ حظر الرد يجب أن يكون نقطة الانطلاق في أول قانون وطني معني باللجوء، وأن ينص عليه بشكل صريح في ديباجة القانون والتعريفات الأساسية، محذراً من تضمن التشريع تعديلات "غير مبررة أو مفهومة"، ومنها صياغة تعريف اللاجئ أو الشخص المستحق للجوء بشكل يزيد من عبء الإثبات على طالب اللجوء.

واستنكر مقررو الأمم المتحدة التوجه العقابي لبعض مواد القانون، التي تجرم وتعاقب بالحبس على تقديم مساعدات إنسانية أو مسكن أو مأوى للاجئ من دون إخطار قسم الشرطة المختص، أو التي تفرق بين اللاجئ الذي دخل إلى البلاد بطريقة نظامية واللاجئ غير النظامي.

والظروف التي ينزح فيها الكثيرون، إن لم يكن أغلبية طالبي اللجوء، تجعلهم عملياً مضطرين إلى اتباع الطرق غير النظامية لدخول البلاد وطلب الحماية، ولذلك تمنع اتفاقية 1951 الخاصة بوضع اللاجئين تجريم الدخول غير النظامي بالنسبة للاجئين، والذين تختلف معاملتهم عن المهاجرين والزوار.

ودعا الخطاب إلى إزالة أي شكل من أشكال التمييز أو التجريم ضد طالبي اللجوء الذين دخلوا مصر بشكل غير نظامي، وتعريف الأطر الحاكمة لعمل اللجنة الدائمة التي ينص القانون على تأسيسها، في ضوء عدم وضوح تشكيلها وطريقة عملها أو مسؤولياتها، والضمانات والأطر الحاكمة لتحديد صفة اللجوء.

وتعد عملية التسجيل وفحص الطلبات وتحديد صفة اللاجئ هي عملية تقنية بالغة التعقيد بموجب القانون، الذي لا يشير في شكله الحالي إلى الأطر القانونية والإجرائية التي ستلتزم بها اللجنة الدائمة وأعضاء أمانتها الفنية من أجل الاضطلاع بهذه المهمة.

وأعرب الخبراء الأمميون عن قلقهم من غياب أي إطار زمني انتقالي واضح، والغياب الكامل للمعلومات المتعلقة بكيفية إدارة الملفات المفتوحة، وهي الحالات الخاضعة للفحص في المنظومة القانونية الحالية، والموقف القانوني المتعلق بالأشخاص الذين ينتظرون البت في طلباتهم من المفوضية السامية في تاريخ سابق للتصديق على القانون من رئيس الجمهورية.

كما طالبوا بحماية ضحايا الاتجار بالبشر، خصوصاً من النساء والأطفال، مع غياب ضمانات توفير حقوق الأشخاص الذين تعرضوا لجريمة تهريب البشر من النساء والأطفال، وهم الأكثر عرضة للوقوع ضحايا لجريمة تهريب البشر، بما يعبر عن تخوفات حقيقية من استخدام نصوص القانون المصري الجديد في معاقبتهم، بدلاً من التعامل معهم بوصفهم ضحايا.

وشدد الخطاب على أهمية ضمانات المحاكمة العادلة وسهولة النفاذ إلى القضاء، حيث منح القانون اللاجئين الحق في التظلم أمام القضاء الإداري ضد قرارات الإبعاد من البلاد، ولكنه أهمل النص بشكل صريح على حقهم القانوني في الوجود بشكل قانوني أثناء نظر التظلم، وهو ما يفسر بأن السلطات التنفيذية ملزمة بالإبعاد الفوري، وبالتالي إفراغ نصوص الاستئناف أو الحق في التظلم من معناها.

وعن الاستبعاد والحرمان من صفة اللاجئ والنهج العقابي، شدد الخطاب على خطورة التوسع في نصوص الاستبعاد كما ورد في القانون بشكله الحالي، والذي تضمن تعريفات "فضفاضة ومتناقضة" مع قانون اللاجئين الدولي. وأضاف أن إقحام أسباب واعتبارات مبهمة وشديدة التوسع للاستبعاد والحرمان من صفة اللاجئ، على غرار "تهديد الأمن القومي والنظام العام"، والربط بينها وبين قانون الكيانات الإرهابية إزاء أسباب الاستبعاد المحتملة، يحمل في طياته خطورة بأن يفسر ويستخدم القانون ضد أشخاص مستحقين للحماية، بل وضد أشخاص صممت من أجلهم الحماية القانونية الممنوحة للاجئين.

وحدد القانون الدولي أسساً عريضة للاستبعاد، تشمل ارتكاب جرائم "غير سياسية" في بلد المنشأ أو الإقامة، وبالتالي يشكل القانون المصري تهديداً محتملاً للاجئين المستحقين للحماية، ويفتح الباب أمام التفسيرات والأهواء والانحيازات السياسية للأفراد القائمين على عملية تحديد صفة اللاجئ لمنح الحماية أو سحبها.

وحذر الخطاب من التوسع في أسباب الحرمان ثم الاستبعاد، أو نزع صفة اللجوء، مع ضعف أو غياب آليات التظلم والاستئناف داخل اللجنة الدائمة، والنص على الإبعاد من البلاد بشكل تلقائي في مواد أخرى، كلها تجعل الضمانات القليلة الموجودة ضد الطرد أو الرد بلا معنى أو تأثير حقيقي.

وأوصى الخبراء الأمميون الحكومة المصرية بالعمل على منح المفوضية السامية لشؤون اللاجئين مقعداً في اللجنة الدائمة، إلى جانب الهيئات الأخرى الممثلة للحكومة المصرية بحكم منصبها، وتعديل تعريف اللاجئ في المادة الأولى حتى يتطابق مع النص الأصلي في اتفاقيتي 1951 و1969، من دون إضافة تعديلات لغوية غير واضحة المعنى تسمح بإساءة الاستخدام.

وختاماً، طالب الخبراء بالنص على آليات أكثر وضوحاً للتظلم واستئناف قرارات اللجنة الدائمة في ما يخص تحديد صفة اللاجئ، إضافة إلى توصيات أخرى بتعديلات تفصيلية على عدد من المواد، والتي يمكن ترجمتها إلى نصوص عملية في اللائحة التنفيذية للقانون المرتقب صدورها.

ويهدف القانون إلى تنظيم أوضاع اللاجئين في إطار قانوني، على ضوء التدفقات المتزايدة للوافدين الأجانب بسبب النزاعات الإقليمية وما تشهده بعض دول الجوار من تفاقم الأوضاع سياسياً وأمنياً وإنسانياً. حيث نزحت إلى مصر أعداد كبيرة من الفلسطينيين مع تصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة على الحدود الشرقية، وهو ما تطلب إطاراً قانونياً يضمن تنظيم تدفق اللاجئين وحماية الأمن القومي. كما أدى النزاع المستمر في السودان على الحدود الجنوبية إلى نزوح مئات الآلاف إلى البلاد.

وأثار القانون جدلاً واسعاً بين المنظمات الحقوقية المحلية والدولية التي أبدت تحفظات عديدة، أبرزها التضييق على حق اللجوء عبر فرض قيود صارمة على اللاجئين وعدم وضوح آليات تقديم الطلبات، ما يعرضهم لمخاطر الإقامة غير القانونية، فضلاً عن إمكانية ترحيل اللاجئين إلى دول يواجهون فيها تهديدات خطيرة، في مخالفة لمبدأ عدم الإعادة القسرية.

وتشير إحصاءات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى استضافة مصر نحو 575 ألف شخص من اللاجئين وطالبي اللجوء المسجلين من 60 دولة، لكن الحكومة تصر على أن عدد اللاجئين يصل إلى تسعة ملايين، على خلفية تعمدها خلط المهاجرين باللاجئين.

المساهمون