- وزارة الداخلية العراقية تشكل فريق تحقيق دون الكشف عن تفاصيل، ما أثار شكوكاً وعدم ثقة بين المواطنين والناشطين الحقوقيين حول جدية التحقيقات.
- ردود فعل واسعة على منصات التواصل الاجتماعي تندد بتصاعد الاغتيالات وتشير إلى تغير طبيعة الصراعات في العراق، مما يستدعي إعادة النظر في استراتيجيات الأمن الداخلي.
أثار مقتل بلوغر عراقية مشهورة بـ "أمّ فهد" بمسدس كاتم وسط العاصمة العراقية بغداد، ليل أمس الجمعة، المخاوف من عودة شبح الاغتيالات للبلاد، وسط جدل بشأن فقدان الثقة باللجان التحقيقية والإجراءات الحكومية لحفظ الأمن الداخلي في العراق.
قُتلت "أم فهد" التي تحظى بشهرة على مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، في ساعة متقدمة من ليل أمس الجمعة، بنيران مسدس كاتم أطلقه مسلح كان يقود دراجة نارية، وقد ترجل من دراجته وهاجمها وكانت داخل سيارتها ذات الدفع الرباعي، قبل أن يهرب إلى جهة مجهولة.
واكتفت وزارة الداخلية العراقية بالإعلان عن "تشكيل فريق عمل مختص لمعرفة ملابسات مقتل امرأة معروفة على مواقع التواصل الاجتماعي على يد مجهولين في منطقة زيونة بالعاصمة بغداد"، ولم تصدر بعد حتى الآن أي تعليق عن مجريات التحقيق ولا الجهة التي يشتبه بتنفيذها عملية الاغتيال.
وأكدت أيضا أنه "لا صحة للأنباء التي تداولتها بعض مواقع التواصل الاجتماعي عن إلقاء القبض على المشتبه به في الحادث، وما زالت التحقيقات مستمرة وفي بدايتها".
من جهته، أكد ضابط في الوزارة أن "عمليات التحقيق الأولي مستمرة، وأن المؤشرات الأولية تبين أن الجريمة تحمل بصمات الجهات نفسها التي ارتكبت عمليات اغتيال سابقة في البلاد"، مبيناً لـ"العربي الجديد" أن "المجرم كان يتحرك بكل ثقة خلال تنفيذ الجريمة، واستطاع تنفيذها بشكل محكم يؤشر على أنه مدرب بشكل واضح على تنفيذ عمليات الاغتيال، قبل أن يهرب إلى جهة مجهولة".
وأضاف أن "الحادث يحمل بصمات الفصائل المسلحة التي نفذت جرائم سابقة مشابهة لهذه الجريمة"، مبيناً أن "عملية الاغتيال خطيرة، وهي مؤشر على استمرار نفوذ تلك الجماعات وقوتها وقدرتها على تنفيذ الجرائم متى وكيف تشاء".
وتكتفي وزارة الداخلية العراقية والجهات المسؤولة عن الأمن في المحافظات التي نفذت فيها العمليات بالإعلان عن تشكيل فرق خاصة للتحقيق في الملف وملاحقة المنفذين، فيما لم تكشف عن الجهات التي ينتمي إليها المنفذون، الذين يرجح ارتباطهم بفصائل مسلحة متنفذة في البلاد. ولم يصدر عن الجهات الأمنية العراقية أي قرارات أو خطوات تؤشر إلى إجراءات احترازية لمنع تنفيذ عمليات الاغتيال، على الرغم من تعبير مواطنين ومسؤولين من مخاوف التصعيد.
الناشط الحقوقي علي المفرجي أبدى عدم ثقته باللجان والفرق التحقيقية التي تُشكّل لمتابعة الحوادث وجرائم الاغتيال، مبيناً لـ"العربي الجديد" أن "تلك الخطوات التي تتخذها دائماً الجهات الأمنية هي عبارة عن تسويف للحقيقة، وطمس معالم الجريمة، خاصة أن الجهات التي تنفذها معروفة لدى الجميع، وهي أحد الفصائل المسلحة المتنفذة في البلاد".
وشدّد على "ضرورة إعادة النظر باستراتيجية الأمن الداخلي مع هذه المستجدات"، مبيناً أن "عمليات الاغتيال التي تكشف عن سطوة وقوة الجماعات المسلحة الناشطة في العراق تتطلب إجراءات عاجلة، وألا تكون تلك الإجراءات كالعادة تقليدية لا تتناسب مع حجم المخاطر". وأكد أن "هناك أطرافاً سياسية وفصائل مسلحة لا تريد الاستقرار في البلد، وأنها تسعى دائماً لإثارة المشاكل والأزمات لتحقيق مصالح خاصة، وعلى الحكومة الكشف عن تلك الجهات، وإحالتها إلى القضاء".
وعلى منصات التواصل الاجتماعي، عبّر ناشطون وإعلاميون عن قلقهم من نشاط الاغتيالات، وقال الباحث في الشأن السياسي العراقي، سيف رعد طالب، في تدوينة له على "إكس"، "عمليات الخطف والاغتيال الأخيرة لا تخلو من وجود خيوط سياسية، القاتل في عملية اغتيال أم فهد تعمد أخذ شيء بعد قتلها، والأغلب هاتفها المحمول، لذا فالدائرة المقربة لعلاقات الضحية هي مفتاح الجريمة".
عمليات الخطف والاغتيال الاخيرة لا تخلوا من وجود خيوط سياسية ، القاتل في عملية اغتيال #ام_فهد تعمد لاخذ شيء بعد قتلها والاغلب هاتفها المحمول ، لذا الدائرة المقربة للعلاقات المجني عليها هي مفتاح الجريمة.#الاستقرار_الامني_الوهمي
— سيف رعد طالب (@Saif_Raad_Talib) April 26, 2024
أما الصحافي العراقي، رضا الشمري، فقد علّق على الحادث بالقول: "من خلال متابعة نمط الاغتيالات في كل مرحلة شهدها العراق يمكنك أن تعرف طبيعة الصراعات التي تستعر في خلفية المشهد، وقد انحدرت في أهميتها من تقرير مصير البلاد ومستقبلها إلى حروب المخدرات والفاشنستات"، مبيناً في تدوينة على "إكس" أنه "في البداية طاولت الاغتيالات رموز الطوائف وقادة الفكر خلال مرحلة تقرير شكل العراق المستقبلي للسماح للشكل الحالي بالسيادة على كل ما خالفه، ثم طاولت السياسيين والمسؤولين ضمن مرحلة الصراع على المناصب والنفوذ، ثم بعدها المتظاهرين والناشطين والمحتجين في آخر مرحلة كان للبلاد فيها أمل بنوع من المستقبل، أما في المرحلة الحالية، حيث تقود المافيات أجهزة الدولة وتوجه الإعلام، تطاول الاغتيالات الفاشنستات وواجهات تجارة الجسد والمخدرات وصناديق ليالي المسؤولين الحمراء".
من خلال متابعة نمط الاغتيالات في كل مرحلة شهدها العراق يمكنك أن تعرف طبيعة الصراعات التي تستعر في خلفية المشهد، وهي للمفارقة صراعات انحدرت في أهميتها من تقرير مصير البلاد ومستقبلها إلى حروب المخدرات والفاشنستات.
— Ridha Alshamari (@AlshammriRidha) April 26, 2024
في البداية طالت الاغتيالات رموز الطوائف وقادة الفكر خلال مرحلة تقرير…
وكانت عمليات الاغتيال في العراق قد تراجعت خلال العامين الأخيرين، قياساً بما سبق من أعوام، التي كانت تسجل بشكل يومي، وسط حالة من عدم الاستقرار.