مفوضية اللاجئين لـ"العربي الجديد": هذا الشتاء هو الأصعب في تاريخ لبنان

27 يناير 2022
غياب أبسط الاحتياجات الشتوية من لباس ومواد تدفئة من مازوت وحطب (فرانس برس)
+ الخط -

انضمّت العاصفة الثلجية التي تضرب لبنان إلى الحصار الذي يطوّق اللاجئين السوريين ويفاقم معاناتهم المعيشية، هم الذين يفتقدون إلى أدنى مقوّمات الحياة من أغذية ووسائل تدفئة وأثاث شتوي وخيم مدعّمة لمواجهة الطقس القاسي.

وتعاني مخيمات اللاجئين السوريين عند كل عاصفة من أضرار كبيرة مادية، بفعل اجتياح مياه الأمطار خيمهم، وترغمهم في كثير من الأحيان على تركها وإخلائها، عدا عن تدهور حالتهم الصحية بفعل البرد القارس وكثافة الثلوج والصقيع الذي يخترق أجسادهم، في ظلّ غياب أبسط الاحتياجات الشتوية من لباس ومواد تدفئة من مازوت وحطب.

ويقع لبنان تحت تأثير عاصفة قطبية، حيث غطّت الثلوج معظم المناطق، بما فيها الساحلية، وقطعت الطرقات واحتجزت المواطنين داخل سياراتهم، وطاولت جميع المنازل التي تواجه أقسى الظروف المناخية بأسوأ أزمة اقتصادية تشهدها البلاد، من دون أي أسلحة للصمود، وسط شحّ المحروقات وارتفاع أسعارها الجنوني، وانقطاع التيار الكهربائي مع زيادة ساعات التقنين، عدا عن تكاليف العيش والصمود التي باتت تفوق قدرة اللبنانيين على التحمّل.

وتشير الناطقة الرسمية للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان دلال حرب، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "لبنان يستضيف أكبر عدد لاجئين نسبة إلى عدد سكانه مقارنة مع دول العالم، وبحسب التقديرات، يبلغ عدد اللاجئين السوريين المسجّلين لدى المفوضية حوالي 850 ألف لاجئ، في وقت يقدر عدد اللاجئين السوريين المقيمين في لبنان بحوالي 1.5 مليون لاجئ، في المقابل، هناك حوالي 15 ألف لاجئ من جنسيات أخرى مسجلين أيضاً لدى المفوضية".

ولفتت حرب إلى أنّ "الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وتفشي وباء كورونا وانفجار مرفأ بيروت دفعت المجتمعات الضعيفة في لبنان، ومن ضمنهم اللاجئون السوريون، إلى حافة الهاوية، وجعلتهم يكافحون من أجل تغطية نفقاتهم والبقاء على قيد الحياة، وتأمين أبسط الاحتياجات من طعام أو دواء وتعليم. وبحسب دراسة نقوم بها سنوياً لتبيان جوانب الضعف لدى اللاجئين، هناك 9 عائلات، من أصل كل 10، تعيش في فقر مدقع، وذلك في ظلّ أزمة مالية حادة وتدهور قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار".

من جهة ثانية، تقول حرب: "اللاجئون في لبنان يقيمون في تجمّعات خيم أو حتى ضمن البلدات والمدن، وأعداد كبيرة منهم تقيم في البقاع الذي شهد أكبر عملية نزوح منذ الأزمة السورية، إضافة إلى عكار والمناطق المجاورة في الشمال وأعداد متفرقة في بيروت أو مدن أخرى كما في الجنوب".

وتلفت الناطقة الرسمية للمفوضية السامية للأمم المتحدة إلى أنّ "الشتاء هذا العام هو الأصعب في تاريخ لبنان، باعتباره أزمة إضافية تنضم إلى الأزمات المتعاقبة التي تمرّ بها الفئات الأكثر ضعفاً، سواء كانوا لبنانيين أو لاجئين، وتحوّل من نعمة إلى نقمة ومصدر قلق مستمر ومتصاعد مع كل يوم بارد وطقس عاصف، في ظلّ موارد كانت ضئيلة أصلاً وباتت شبه معدومة لتلبية الاحتياجات الأساسية، ولا سيما الوقود والمواد المطلوبة للتدفئة".

وتشير حرب إلى أنّ "تجمعات الخيم الموجودة في البقاعين الشمالي والغربي هي الأكثر تأثراً بالثلوج التي تحاصرها وتجعل من الاستجابة أو الرعاية الصحية أمراً شبه مستحيل، وأحياناً الثلوج تلحق أضراراً بالخيم الهشة وتؤدي إلى هبوطها، ما يعرّض اللاجئين فيها لخطر المبيت في الخارج في ظلّ الطقس البارد. أما تجمعات الخيم الموجودة في البقاع الأوسط والشمال، في عكار مثلاً أو غيرها، فتفيض فيها مياه الأمطار، وهو ما يجعل الأسر أحياناً تنام على فراش رطب ومبلل بانتظار أن تشرق الشمس حتى يتمكنوا من تجفيفها". 

وبالتالي، فإنّ "فصل الشتاء يؤثر سلباً على جميع جوانب الحياة، من غذاء ونوم ورعاية صحية، فهناك لاجئون قد يتأثرون صحياً من البرد القارس وغياب وسائل التدفئة، وهناك آخرون يضطرون إلى حرق الثياب وما تبقى لديهم داخل الخيم من خشب وأثاث للتدفئة لمواجهة ظروف الطقس القاسية"، تقول حرب.

وتلفت المتحدثة ذاتها: "إننا كمفوضية لا ننتظر حلول فصل الشتاء والعواصف، بل نتدخل استباقياً انطلاقاً من استجابتنا السنوية الشتوية للاجئين واللبنانيين، وبدأنا في سبتمبر/أيلول الماضي بتوزيع عدة الإغاثة الأساسية والاحتياجات الرئيسية، من بطانيات وسترات شتوية وفرشات وحرامات وألبسة ومصابيح على الطاقة الشمسية ومعدات لتحسين وتعزيز الخيم وهياكلها ضد الرياح والثلوج، وغيرها من المساعدات المباشرة التي تطاول أيضاً البلديات لتوزيعها حيثما تدعو الحاجة، عدا عن دعم إدارة النفايات وفلترة المياه للشرب، وكذلك الري وإدارة مياه الصرف".

وتشدّد حرب على أن "كل المساعدات العينية للبنانيين واللاجئين أو للبلديات، كما المساعدات النقدية، هي غير كافية. ونحن نعي كمفوضية أن الحاجات على الأرض تفوق الإمكانات، لذلك نواصل دعوة المجتمع الدولي إلى تقديم دعم إضافي للمحافظة على التمويل وحتى زيادته، لنتمكن قدر المستطاع من تلبية الاحتياجات، ولا سيما في فصل الشتاء، فهؤلاء أشخاص تحوّلوا، بحكم الظروف، إلى لاجئين، ومن الضرورة النظر إلى أوضاعهم وإيصال المساعدات إليهم لتمرير هذه الفترة أقله على خير، ولينعموا بالدفء والأمان".
 

المساهمون