مغاير الدير... تجمّع بدوي فلسطيني مهدد بالتهجير

01 يناير 2024
جنود الاحتلال خلال حماية مستوطنين صادروا أراض في منطقة مغاير الدير (العربي الجديد)
+ الخط -

تأسس التجمّع البدوي في منطقة مغاير الدير بالضفة الغربية قبل 30 عاماً، في حين أنشئت البؤرة الاستيطانية التي تهاجم المنطقة وتضايق سكانها قبل 6 أشهر فقط. وبعد الحرب الحالية على غزة، كثف المستوطنون المضايقات.

أصبح الخروج من التجمّع البدوي في منطقة مغاير الدير بأراضي دير دبوان شرقي رام الله، وسط الضفة الغربية، لجلب خزان مياه صالحة للشرب يحتاج إلى ترتيبات خاصة، إذ يمكن ان تتعرض آلية زراعية تجر خزان مياه إلى هجوم يشنه المستوطنون الذين كثفوا مضايقاتهم للأهالي منذ اندلاع الحرب على غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
يقول خليل مليحات، أحد سكان التجمع، لـ"العربي الجديد": "يضطر أهالي التجمع إلى تجميع أنفسهم ضمن مجموعة تضم بين ستة وسبعة جرارات زراعية كي يستطيعوا حماية أنفسهم في حال تعرضوا لهجوم، وهو ما حصل قبل شهر ونصف الشهر حين كان يجلب أحد السكان المياه".
ولم تقتصر المضايقات على هذا الحادث، إذ هاجم المستوطنون التجمع الذي يؤوي 25 عائلة تضم نحو 150 شخصاً، وهددوا سكانه بالقتل في حال بقوا في منازلهم البسيطة، وهو ما سبق أن حصل في 12 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حين حرم المستوطنون الأهالي من إخراج الأغنام للرعي في الأراضي المجاورة، ما يعني أنهم باتوا مضطرين إلى إطعامها الأعلاف، ما يلحق خسائر كبيرة بهم. ويهدف ذلك إلى دفع سكان تجمّع مغاير الدير إلى ترك الأراضي، على غرار ما حصل لتجمعات أخرى جرى تهجيرها، خصوصاً في شرق رام الله، تحت وطأة الهجمات المتكررة للمستوطنين.
وقد بدأ المستوطنون في حراثة الأراضي المجاورة لتجمع مغاير الدير من أجل زرعها والسيطرة عليها لاحقاً، كما يقول خليل مليحات الذي يوضح أن "هذه الأراضي تابعة لبلدة دير دبوان، والسيطرة عليها قد تشكل خطوة لإحكام الحصار المفروض على التجمع تمهيداً لإغلاقه".

ويذكر مصطفى مليحات، وهو من سكان التجمّع أيضاً، لـ"العربي الجديد"، أنه اختار مع أقاربه السكن في أرض تعود ملكيتها إلى أهالي بلدة دير دبوان، والتي يملكون أوراقاً ثبوتية بها، لتجنب احتمال إخراج الاحتلال إياهم من الأرض بأي حجة، مثل الادعاء بأنها مصادرة أو تابعة لخزينة السلطة أو غيرها.
ويظهر الواقع الميداني الحالي أن المستوطنين ينفذون ما لا تستطيع سلطات الاحتلال فعله ضد التجمعات الفلسطينية، من خلال ممارسات التضييق على السكان وتنفيذ اعتداءات متكررة ضدهم. ويقول مصطفى: "حرمان الأهالي من إخراج مواشيهم للرعي يعني أن لا حياة ممكنة في المكان".

تتعرض منطقة شرقي رام الله لتهجير كبير (عصام ريماوي/ الأناضول)
تتعرض منطقة شرقي رام الله لتهجير كبير (عصام ريماوي/ الأناضول)

ويستغل المستوطنون الأوضاع السائدة منذ بداية الحرب الحالية على قطاع غزة للضغط على السكان من أجل إخراجهم من الأراضي، وهو ما يرفضونه خشية أن يواجهوا مصيراً مماثلاً لعدد من سكان التجمعات البدوية الذين هجّرتهم اعتداءات المستوطنين وسياسات جيش الاحتلال. وهم يخشون أن تؤثر ممارسات المستوطنين التي تترافق مع فرض حصار على التجمعات على الثروة الحيوانية التي يملكونها، فالمناطق التي خرج إليها سكان تجمعات أخرى افتقرت إلى مساحات واسعة للرعي".
ويقول خليل مليحات إن "السكان الذين انتقلوا إلى أماكن تفتقر إلى المراعي عانوا من التكلفة العالية جداً لإطعام الأغنام والمواشي التي تعتبر مصدر رزقهم الرئيسي، وهم اضطروا إلى شراء أعلاف بأسعار عالية، ما دفع كثيرين إلى تقليل عدد المواشي التي يملكونها".
وفعلياً، يهدد هذا الخطر طبيعة الحياة الاقتصادية للبدو، فاستمرار الحصار الذي يحرمهم من الرعي يمنع توفير الأعلاف الضرورية للحفاظ على 3 آلاف رأس من الغنم في تجمّع مغاير الدير.

وهجّر الاحتلال بأساليب مختلفة، أهمها استخدام المستوطنين العنف، نحو 13 تجمعاً سكانياً بدوياً كبيراً وأخرى صغيرة منذ 7 أكتوبر الماضي، بحسب ما يؤكد مدير عام التوثيق والنشر في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان أمير داود لـ "العربي الجديد"، والذي يكشف عن تهجير 1025 من أفراد 135 عائلة. ويوضح أن التهجير تركز في منطقة شرقي رام الله ثم بادية القدس التي تفصل القدس عن أريحا والأغوار، كما شمل تجمعين غربي رام الله وآخرين في السموع وزنوتا بالخليل جنوبي الضفة الغربية، وثلاثة تجمعات في الأغوار الفلسطينية.
وتعد منطقة شرقي رام الله ساحة مهمة لتنفيذ التهجير بسبب موقعها الاستراتيجي الذي يطل على الأغوار الفلسطينية، فجبال شرقي رام الله أو ما يسميها الأهالي شفا الغور هي امتداد للأراضي الطبيعية بين الأغوار والقرى والبلدات الفلسطينية، والاحتلال يسعى منذ سنوات إلى ضم الأغوار، وإطباق السيطرة عليها تنفيذاً لمشاريع استيطانية قديمة، ومنع وجود حدود فلسطينية - أردنية.

المساهمون