معلمو "الباب" في حلب يواصلون المطالبة بتحسين رواتبهم.. ويلوحون بالإضراب

14 فبراير 2021
يطالب المعلمون برفع الأجور حتى تتناسب مع المتطلبات المعيشية (عارف وتد/ فرانس برس)
+ الخط -

يواصل المعلمون العاملون في مدارس مدينة الباب وريفها، شرقي مدينة حلب، شمال شرقي سورية، الاحتجاج على الرواتب المنخفضة التي يتقاضونها بالعملة التركية، ونظّموا أخيراً عدة وقفات طالبوا فيها برفع الأجور حتى تتناسب مع المتطلبات المعيشية، خاصة مع استمرار انخفاض قيمة الليرة التركية أمام العملات الأجنبية، وارتفاع إيجار المنازل بشكل مستمر وخدمات الكهرباء والمياه والاتصالات.

ويدرّس في مدارس مدينة الباب وريفها، التي تضمّ 43 ألف طالب، أكثر من ألف معلم، ويتقاضى كلّ معلم منهم 750 ليرة تركية (حوالي 100 دولار أميركي)، بحسب مدير التربية في مدينة الباب، جمعة الكزكاز، الذي قال لـ"العربي الجديد" إنّ إدارة "وقف المعارف التركي" المسؤولة عن رواتب المعلمين في المنطقة وعدت بزيادة الرواتب في وقت سابق، لكنها لم تُصرف حتى الآن، ما أدّى إلى تجدّد الاحتجاجات من قبل المعلمين.

وأضاف الكزكاز أنه اجتمع برئيس المجلس المحلي في المدينة، وتباحثا خلال اللقاء في أمر زيادة أجور المعلمين، ورفعا مقترحاً لمقابلة مندوب وقف "المعارف التركية"، ونائب الوالي التركي المسؤول إدارياً عن مدينة الباب، بهدف طرح طلبات المعلمين وإيجاد حلّ لها، بشكل عاجل.

وأشار إلى أنّ المديرية رفعت في وقت سابق مقترحات لبعض المنظمات الإنسانية العاملة في المنطقة، لتخصيص برامج تعويضية للمعلمين، لكن انتشار فيروس كورونا أثّر على انطلاق واستمرار بعض المقترحات التي تمّت الموافقة عليها.

 

بدوره، يقول مدير "مدرسة علي الكرز" في مدينة الباب، عبد اللطيف العيسى، لـ"العربي الجديد"، إنّ الهدف من تنظيم الوقفات أمام مديرية التربية في مدينة الباب هو إيصال رسالة لوقف المعارف، عن طريق مديرية التربية، مفادها أنّ الرواتب لم تعد تتناسب مع الظروف المعيشية للمعلمين في الشمال السوري، وأنّ راتب المعلم الحالي لا يكفيه سوى بضعة أيام.

وأضاف أنّ المعلمين العاملين في المدرسة التي يديرها قد يلجؤون للإضراب مكرهين، إذا لم تتم الاستجابة لمطالبهم المحقة، وأشار في سياق حديثه إلى أنّ معظم المعلمين هم من النازحين الذين يدفعون إيجار منزل شهري لا يقل عن 50 دولاراً، "فكيف ستكفي الـ50 دولاراً المتبقية العائلة المؤلفة من شخصين على الأقل؟".

وبحسب "العيسى" فإنّ المعلمين يعملون على تجهيز بيان سيتم توجيهه للمعنيين بقضية الرواتب، وقد يواصلون الاحتجاج وربما يلجؤون إلى أدوات ضغط أخرى إن لم تتم الاستجابة العاجلة لمطالبهم.

أحمد اليوسف، معلم سابق وأب لثلاثة أطفال يدرسون في إحدى مدارس الباب، يقول لـ"العربي الجديد" أخشى ألّا تتم الاستجابة لمطالب المعلمين، وهذا قد يضطّرهم إلى الإضراب، وحينها سيكون الخاسر الأكبر هو الطلاب، الذين يعانون من التراجع في مستوى التعليم أساساً بسبب طول سنوات الحرب والنزوح.

يبدي اليوسف تعاطفه مع المعلمين، ويتمنى لو كانت هناك وسيلة متاحة لمساعدتهم، ويشير إلى أنّ الكثير من الأموال التي تُمنح للشمال السوري تُصرف على مشاريع أقل أهمية من التعليم، ويرى أنّه يجب أن يُعطى مجال التعليم الأولوية، ويُخصص أكبر قدر من المنح للمعلمين وللعناية بالمدارس والمناهج وتطويرها.

وتعدّ احتجاجات المعلمين في مدينة الباب أزمة مستمرة، إذ بدأت اعتراضاتهم عام 2018 عندما كان راتب المعلم حينها 500 ليرة تركية وتمّ رفعها إلى 750، وتجدّدت مطلع العام الجاري بعد انخفاض قيمة الليرة التركية أمام العملات الأجنبية وارتفاع إيجار المنازل وأسعار المواد الغذائية.

وأصبحت مدينة الباب وجهة للنازحين بعد خروجها عن سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي عام 2017، كما استقبلت آلاف النازحين القادمين من المناطق التي شهدت تسويات برعاية روسية، وبخاصة محافظات حمص وريف دمشق درعا والقنيطرة.
وتشهد المدينة كثافة سكانية عالية، إذ يقطنها بحسب المجلس المحلي أكثر من 151 ألف نسمة، قسم كبير منهم من النازحين من المناطق التي تسيطر عليها قوات النظام و"قسد"، كما شهدت تطوراً عمرانياً زاد الكثافة السكانية على أطرافها وارتفعت الأعداد في الأحياء المحيطة إلى نحو 33 ألف نسمة.

وتُشرف إدارة وقف المعارف التركي على مئات المدارس في المناطق التي سيطرت عليها فصائل المعارضة مدعومة بقصف جوي ومدفعي تركي، شمالي سورية.

المساهمون