"احتيال المهربين جعلني عالقا في تركيا منتظرا دوري في الانتقال لأثينا" بكلماته القليلة يروى السوري، عبد الخالق دعبول معاناته للخروج من تركيا، بعد أن وصل إليها من سورية عن طريق هجرة سرية، دفع خلالها 1700 دولار للمهربين لنقله عبر إدرنة التركية إلى أثينا.
يضيف دعبول أن الاتفاق مع المهربين كان يقتضي دفع المبلغ كاملا في أثينا غير أن "الوسيط" حنث بوعده، موضحا "بعد وصولي لإسطنبول طالبني الوسيط بدفع المبلغ كاملا في سالونيك اليونانية وليس أثينا، الأمر الذي أقلقني وجعلني على قائمة الانتظار".
مديرية الهجرة التركية، أعلنت عن " احتمال تسيير دوريات من البوليس للمنازل للتأكد من العناوين والسكان
ويكشف دعبول لـ"العربي الجديد" أن تكاليف الرحلة السرية تصل إلى نحو 10 آلاف دولار، مبيناً أن هناك طرائق أخرى للتهريب "عبر الجو" لكن تكاليفها مرتفعة جداً ويخشى من بصمة العين بالمطارات، مبيناً أن المكوث بتركيا اليوم، بات خطراً على جميع الساعين للهروب نحو أوروبا، فدوريات البوليس تجوب الشوارع و محطات النقل الداخلي، مشيرا إلى خشيته من دوريات على المنازل بمناطق إقامة المهاجرين "على الأرجح منازل المهاجرين معروفة ولا أستبعد تعاون المهربين مع البوليس".
تضييق الخناق على المهاجرين السريين
ويشتد الخناق على المهاجرين السريين من تركيا باتجاه غابات بلغاريا والجزر اليونانية، وصولاً لأوروبا، بعد إعلان مديرية الهجرة التركية، اليوم الثلاثاء" احتمال تسيير دوريات من البوليس للمنازل للتأكد من العناوين والسكان"، بحسب ما كشف لـ"العربي الجديد" موظف الهجرة السابق، شوكت أقصوي.
ويشير أقصوي إلى "زيادة الهجرة السرية خلال الشهرين الأخيرين من تركيا" ما دفع بلاده للتحوط وتجديد تثبيت النفوس في البوابة الإلكترونية ضمن التعديلات الجديدة "لمطابقة السكان المسجلين بالموجودين فعلا بالمنازل" إلى جانب تسيير دوريات ضمن المدن التي يقصدها المهاجرون السريون "إزمير، إدرنة، ايدين، قرقلر إيلي وإسطنبول"، كاشفاً عن إنقاذ 75 مهاجراً قبالة سواحل كوساداسي في ايدين، اليوم الثلاثاء، بعد إجبارهم من العناصر اليونانية على العودة إلى المياه الإقليمية التركية.
ويحذر أقصوي خلال حديثه لـ"العربي الجديد" من مخاطر التهريب والهجرة السرية، خاصة مع قدوم فصل الشتاء "علمنا بوفيات بالغابات لا يتم دفنها" كما أن التهريب بحراً تزداد مخاطره خلال الشتاء، معتبراً أن "حل المشكلة يبدأ من المهربين" الذين وصفهم بتجار البشر.
وكانت وزارة الداخلية التركية، قد كشفت أمس الاثنين، عن عدد الذين لقوا حتفهم جراء الهجرة السرية، ملمحة لدور الإجراءات اليونانية وطردها المهاجرين، بارتفاع عدد الوفيات، موضحة أن اليونان طردت 61 ألف و737 مهاجرًا غير نظامي من البحر والبر، وفقد 152 منهم حياتهم منذ عام 2020 فقط .
إحصاءات الهجرة السرية في تركيا
وكانت مديرية إدارة الهجرة بوزارة الداخلية التركية قد أعلنت الشهر الماضي عن منع 4352 مهاجرا سرياً من دخول البلاد، و209 آلاف و318 منذ بداية العام 2022، تزامنا مع ارتفاع مستوى الإجراءات الأمنية المتخذة على الحدود. مشيرة خلال بيانها، إلى ترحيل ما مجموعه 3 آلاف و38 مهاجرا سرياً الشهر الماضي، ليصل عدد المرحلين هذا العام إلى 78 ألفا و716 مهاجرا.
كما هاجم وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، أول من أمس الأحد، اليونان على خلفية صورة المهاجرين العراة، معتبراً أن اليونان ووكالة "فرونتكس" المسؤولة عن حماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، شريكتان في المعاملة السيئة للاجئين، مضيفاً خلال تصريحين "محاولة الظهور بمظهر المحق حتى وأنت في قمة الظلم مثل اليونان، أمر يحتاج بحق إلى عدم الاكتراث" .
وكان تقرير صادر عن هيئة تابعة للاتحاد الأوروبي، قد كشف أن موظفي الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل (فرونتكس) تورطوا في التستّر على عمليات الترحيل القسري غير الشرعية للمهاجرين من اليونان إلى تركيا.
ويشير تقرير المكتب الأوروبي لمكافحة الاحتيال، المؤلف من 120 صفحة، على منصة FragDenStaat الألمانية لحرية المعلومات وموقعي Der Spiegel وLighthouse Reports الألمانيين، إلى أن كبار مديري "فرونتكس" ارتكبوا سوء سلوك خطيراً ومخالفات أخرى بالتستُّر على وقائع الترحيل القسري للمهاجرين، وعدم الإبلاغ عن تلك الوقائع أو التعامل معها بالشكل الصحيح.